الأحد 11 مايو 2025 الموافق 13 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

النجاة من فخ التعلق المرضي.. استشارية تكشف خطوات التحرر من العلاقة الاعتمادية

التعلق المرضى
التعلق المرضى

التعلق العاطفي قد يتحول من شعور إنساني طبيعي إلى قيد نفسي مرهق يمنع صاحبه من الاستقلال والحرية النفسية، ولعل ما يُعرف باسم «العلاقات الاعتمادية» يمثل الوجه المظلم لهذا التعلق، حيث يعيش الطرف المعتمد حالة من الانفصال عن ذاته ويذوب في الآخر، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرابات نفسية وخلل في العلاقات، هذا السؤال الملح عن كيفية «النجاة من التعلق المرضي» بات شائعًا في جلسات العلاج النفسي وحلقات الدعم الذاتي، ولهذا حاول القارئ نيوز أن يتتبع خطوات التعافي من خلال آراء المتخصصين.

ما هو التعلق المرضي؟

تُعرف العلاقة الاعتمادية بأنها نمط من العلاقات يكون فيها أحد الأطراف أو كلاهما معتمدًا بشكل مفرط على الآخر من أجل الشعور بـ«القيمة» و«الأمان» و«الهوية»، ويكون «التعلق» في هذه الحالة مدمرًا للذات لأن الفرد لا يستطيع العيش دون الطرف الآخر، ويتنازل عن احتياجاته ومبادئه في سبيل الإبقاء على العلاقة، وغالبًا ما تنشأ هذه الحالة نتيجة تجارب الطفولة مثل الإهمال العاطفي أو التعلق بأحد الوالدين بصورة مفرطة، أو بسبب صدمات نفسية لم يتم التعامل معها.

علامات التعلق المرضي

تشير الدكتورة «هبة عادل» الاستشارية في الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إلى أن هناك مجموعة من العلامات الواضحة التي تُنذر بوجود علاقة اعتمادية قائمة على «التعلق» المرضي، منها الخوف الدائم من الهجر، الحاجة المستمرة للتطمين، الغيرة المفرطة، فقدان الهوية الذاتية، صعوبة اتخاذ القرارات دون الرجوع للطرف الآخر، القلق الشديد عند غيابه، والميل إلى المثالية في رؤيته، وتضيف أن «التعلق» هنا لا يكون حبًا بقدر ما هو احتياج نفسي ناتج عن فراغ داخلي.

متى يصبح التعلق خطرًا؟

الخطر الحقيقي يكمن حينما تصبح العلاقة أداة لإلغاء الذات، فحين يشعر الفرد أنه لا يستطيع الحياة بدون الطرف الآخر، ويتحمل الإساءة والتقليل من كرامته تحت مسمى الحب، يكون التعلق قد وصل إلى «مرحلة سامة»، هذه المرحلة تؤدي إلى عزلة نفسية، انخفاض الثقة بالنفس، وربما الدخول في اكتئاب، كما أن التعلق المرضي غالبًا ما يعوق النمو الشخصي ويمنع الإنسان من تحقيق ذاته خارج دائرة العلاقة، وهذا ما يجعل التحرر منه خطوة ضرورية للنجاة النفسية.

خطوات التحرر من التعلق المرضي

توضح الدكتورة هبة عادل أن التحرر من العلاقة الاعتمادية يتطلب «وعيًا ذاتيًا» أولًا، ثم مجموعة من المراحل المتدرجة التي تبدأ بـ:

الاعتراف بالمشكلة، إذ لا يمكن معالجة «التعلق» دون الاعتراف بوجوده، وهذا يتطلب مراجعة صادقة للعلاقة وتحديد ما إذا كانت قائمة على الحب أم على الحاجة والاعتمادية

فهم الجذور النفسية، من المهم أن يبحث الفرد في طفولته وتجارب الماضي التي زرعت فيه هذا النوع من «التعلق»، هل كان يعيش في بيئة غير مستقرة؟ هل شعر بالإهمال العاطفي؟ هذه الأسئلة تساعد على فهم الأسباب وبالتالي تفكيكها

تعزيز الهوية الذاتية، لا بد من إعادة بناء الثقة بالنفس والهوية بعيدًا عن الآخر، من خلال ممارسة الهوايات، تطوير المهارات، توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، والاعتماد على الذات في القرارات اليومية

وضع الحدود، العلاقات الصحية تقوم على التوازن، ووضع حدود واضحة يحمي الفرد من الوقوع مجددًا في دائرة «التعلق» المرضي، مثل تحديد أوقات التواصل، أو تأجيل الرد على الرسائل في بعض الأوقات، أو رفض بعض الطلبات دون شعور بالذنب

طلب الدعم النفسي، العلاج المعرفي السلوكي يعتبر من أهم الأساليب التي تساعد على التحرر من التعلق المرضي، ويُفضل أيضًا الانضمام إلى مجموعات دعم تضم أشخاصًا مروا بتجارب مماثلة

ممارسة التأمل واليقظة الذهنية، التمارين التي تعتمد على التنفس والتأمل تساعد على تهدئة القلق المرتبط بـ«التعلق»، وتعيد الشخص إلى لحظته الحاضرة بدلًا من التعلق بالماضي أو القلق من المستقبل

لماذا التحرر ليس سهلاً؟

يعتقد البعض أن التخلص من التعلق المرضي يمكن أن يحدث بمجرد اتخاذ القرار، لكن الحقيقة أن العملية مؤلمة ومعقدة، خاصة أن الطرف المعتمد يكون قد ربط سعادته ووجوده بالكامل بالآخر، وتكمن الصعوبة في كسر هذا الارتباط الذهني والعاطفي الذي تأسس على مدى سنوات، وتؤكد الاستشارية أن «التحرر» هنا لا يعني القطيعة التامة دائمًا، بل قد يكون في تعلم العيش باستقلالية حتى داخل العلاقة نفسها.

هل يمكن أن يعود التعلق بعد التعافي؟

تشير الدراسات النفسية إلى أن التعلق المرضي قد يعاود الظهور خاصة في الأزمات أو في بداية علاقات جديدة، ولهذا فإن الاستمرارية في العلاج النفسي ومراقبة النفس تعد ضرورية، كما أن بناء علاقات صحية متوازنة يقوم على الوعي وليس على التعلق، وتوضح دكتورة هبة أن الشفاء من التعلق لا يعني «عدم الحب» بل يعني الحب دون فقدان الذات.

تختم دكتورة هبة عادل حديثها بالقول إن «العلاقة السليمة» تقوم على التكامل لا «الذوبان»، وأن كل فرد يستحق أن يُحب ويُقدر دون أن يتنازل عن ذاته أو يعيش في قلق دائم من الهجر، وتضيف أن التحرر من التعلق المرضي هو أول الطريق نحو حياة نفسية صحية تحقق السلام الداخلي والاستقلال العاطفي.

تم نسخ الرابط