سر «الأيام البيض».. لماذا حرص النبي على صيامها كل شهر؟

الأيام البيض هي عنوان روحي وعلمي في آن واحد، إذ ترتبط «الأيام» بثلاث ليالٍ من كل شهر هجري وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وهي «أيام» تميزت بـ«بياض» قمرها ليلًا ونقاء شمسها نهارًا، وقد حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على صيام هذه «الأيام» من كل شهر لما فيها من «فضل» وأجر عظيم، وهو ما أشار إليه جمهور العلماء وأثبتته دار الإفتاء المصرية في أكثر من موضع.

وصية نبوية لصيام الأيام البيض

أكدت دار الإفتاء المصرية أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بصيام «الأيام» البيض من كل شهر هجري وذكرت الإفتاء أن من الأحاديث الجامعة في هذا الباب ما رواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه حيث قال «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام» وقد اتفق على هذا الحديث الشيخان البخاري ومسلم مما يدل على علو مرتبته وثبوته.

ولا يخفى أن التوصية النبوية تشمل ثلاثة أيام من أي شهر هجري لكن «الأيام» البيض أخذت تميزًا خاصًا بسبب اقترانها بليالٍ يظهر فيها القمر بدرًا كاملًا وهو ما جعلها أيامًا مشهودة عند العرب قبل الإسلام وأيامًا مباركة في الشريعة الإسلامية بعد البعثة النبوية.

صيام الأيام البيض.. سنة ثابتة وأجر لا يُحصى

من الجوانب التي توضح أهمية «الأيام» البيض أنها ليست واجبة ولكن صيامها سنة مؤكدة يستحب للمسلم المواظبة عليها وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن السيدة معاذة العدوية سألتها هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام فأجابت «نعم» فلما سألتها من أي الشهر كان يصوم قالت «لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم» وهذا يدل على أن الصيام في ذاته هو الغاية لكن اختيار «الأيام» البيض يضاعف الأثر الروحي والنفسي.

وقد جاء في حديث ملحان القيسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «صيام أيام البيض كهيئة الدهر» وهو ما فسره العلماء بأن صيام ثلاثة أيام من كل شهر تعادل صيام الدهر كله لأن الحسنة بعشر أمثالها.

سبب تسمية الأيام البيض بهذا الاسم

ولعل من اللافت أن كثيرًا من المسلمين يتساءلون عن معنى تسمية «الأيام» البيض بهذا الاسم وقد أجاب العلماء على ذلك بقولهم إن الليالي التي تقع فيها هذه «الأيام» تكون مضيئة بالقمر المكتمل الذي يظهر في منتصف الشهر الهجري ولذلك قيل إنها بيضاء أي أن قمرها ساطع لا يخفت ضوؤه كما قال ابن بري في قوله «الصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة لأن البيض من صفة الليالي أي أيام الليالي البيضاء».

هل لصيام الأيام البيض فوائد صحية؟

تجاوزت فضائل «الأيام» البيض الجانب الروحي لتشمل فوائد صحية مثبتة علميًا فقد أشارت دراسات طبية حديثة إلى أن الصيام في هذه «الأيام» يساعد الجسم على التخلص من السموم والفضلات التي تتراكم نتيجة العادات الغذائية الخاطئة كما أن الصيام يساهم في تحسين عمليات الأيض وتنشيط الدورة الدموية وتقوية المناعة.

ويرى بعض الأطباء أن الجسم في «الأيام» البيض يكون في حالة مثالية لتنشيط عمليات الشفاء الذاتي والتخلص من الخلايا التالفة كما أن التوازن الفلكي والهرموني الذي يحدث عند اكتمال القمر قد يكون له أثر إيجابي على الجسم والعقل معًا مما يجعل الصيام في هذه الفترة عاملاً مساعدًا على تحسين الحالة النفسية والاستقرار العصبي.

فضل الأيام البيض في السنة النبوية

جاء في حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة» وقد أثبت هذا الحديث فضل هذه «الأيام» تحديدًا وجعل لها مكانة متميزة في السنة النبوية كما أن تكرار الحث عليها في عدة أحاديث يثبت أن صيامها من الأمور المستحبة التي لا ينبغي لمسلم أن يغفل عنها.

تشجيع الأهل والأبناء على صيام الأيام البيض

من الأمور التي يُحث عليها المسلمون أن يشجعوا أبناءهم وأسرهم على صيام «الأيام» البيض لما فيها من تدريب على الصبر والطاعة وتهذيب النفس وتنقية البدن كما أن صيام الأسرة لهذه الأيام يمنح أفرادها شعورًا بالترابط الروحي ويوفر لهم فرصة للتأمل والتقرب إلى الله عز وجل بعيدًا عن مشاغل الحياة وضغوطها.

من هنا يتضح أن صيام «الأيام» البيض ليس مجرد عادة بل عبادة عظيمة تشمل جوانب روحية وصحية ونفسية وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيامها بانتظام وأوصى أصحابه بها وبيّن أنها تعادل صيام الدهر كله لذلك فإن من أراد الخير لنفسه وأهله فليجعل هذه الأيام موعدًا دائمًا للصيام والتقرب إلى الله تعالى.