الثلاثاء 13 مايو 2025 الموافق 15 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

فن تربية المراهقين.. كيف تضع الحدود دون أن تفقد التواصل والحنان؟

تربية المراهقين
تربية المراهقين

المراهقين هم محور قلق وتساؤلات كثير من الآباء والأمهات، فهم يعيشون فترة انتقالية مليئة بالتغيرات الجسدية والعاطفية والعقلية، وفي خضم هذا التغير، يواجه الأهل تحديًا كبيرًا في كيفية وضع «الحدود» دون التأثير سلبًا على العلاقة العاطفية التي تجمعهم بأبنائهم، ولعل السؤال الأهم الذي يحاول الكثيرون الإجابة عنه هو: كيف نوازن بين «الحزم» و«الحنان» مع المراهقين دون أن نخسر التواصل معهم؟.

مرحلة دقيقة تحتاج إلى فهم عميق

تُعد فترة «المراهقة» من أدق المراحل التي يمر بها الإنسان، حيث يسعى المراهقون إلى «الاستقلالية» وفي الوقت ذاته يحتاجون إلى «الدعم» و«الإرشاد»، وهنا تظهر أهمية أن يتفهم الأهل أن المراهقين ليسوا «أطفالًا» بعد الآن، ولكنهم أيضًا لم يصبحوا «بالغين» بعد، وهذا التوازن الصعب هو ما يجعل تربية المراهقين عملية تحتاج إلى وعي ومرونة.

من هنا، يصبح دور الأهل أكثر حساسية، فعليهم أن يكونوا «حازمين» عندما يتطلب الأمر، وفي نفس الوقت «دافئين» و«متفهمين» حين يحتاج المراهق إلى الدعم، فالعلاقة مع المراهقين يجب أن تُبنى على «الاحترام المتبادل» والثقة، مع مراعاة مشاعرهم ورغباتهم التي تتشكل في هذه المرحلة.

لماذا يحتاج المراهقون إلى حدود واضحة؟

قد يعتقد البعض أن المراهقين يكرهون القواعد والحدود، ولكن الواقع أن «الحدود الواضحة» تمنحهم شعورًا بـ«الأمان» و«الاستقرار»، فهي تشير إلى أن هناك نظامًا يُحتكم إليه، وأن هناك من يهتم ويحرص على سلامتهم.

لكن الفارق الجوهري يكمن في «طريقة» وضع هذه الحدود، فإذا جاءت على شكل «أوامر قمعية» فإنها ستولد «التمرد» و«الرفض»، أما إذا طُبقت بأسلوب «مرن» و«نقاشي»، فإن المراهقين سيكونون أكثر استعدادًا لاحترامها، خاصة عندما يشعرون بأن رأيهم مسموع وأنهم جزء من عملية اتخاذ القرار.

كيف تضع حدودًا فعّالة مع المراهقين؟

لكي تكون الحدود ناجحة وفعّالة مع المراهقين، لا بد أن تقوم على عدة ركائز أساسية، أولها «الوضوح»، فالمراهق بحاجة إلى أن يعرف ما هو متوقع منه، وما هي «العواقب» في حال كسر هذه الحدود، وثانيها «الثبات»، فليس من المناسب أن تتغير القواعد تبعًا للحالة المزاجية للوالدين.

ومن الركائز المهمة أيضًا «الاحترام»، فطريقة توجيه الكلام إلى المراهقين تلعب دورًا كبيرًا في مدى تقبلهم للنقد أو التوجيه، كما أن من المهم أن يشعر المراهق بأنه «مسؤول» عن اختياراته، وأن يُمنح الفرصة لتعلم «النتائج» التي تترتب على أفعاله.

تربية المراهقين 
تربية المراهقين 

الحزم لا يعني القسوة واللين لا يعني التراخي

من الأخطاء الشائعة في تربية المراهقين أن يُفهم الحزم على أنه «شدة» أو «عقاب» دائم، والصحيح أن الحزم هو القدرة على قول «لا» بحب، وأن تكون القواعد نابعة من الحرص لا من الرغبة في التحكم.

وفي المقابل، فإن «اللين» ليس ضعفًا أو تهاونًا، بل هو مساحة من «التفاهم» و«التقارب» تسمح للمراهق أن يشعر بالأمان ليعبر عن نفسه ويشارك أفكاره دون خوف أو خجل.

كيف نحافظ على التواصل مع المراهقين؟

التواصل هو «الركيزة» الأساسية في بناء علاقة صحية مع المراهقين، وإذا غاب هذا العنصر، فإن أي «حدود» لن يكون لها تأثير فعلي، ويبدأ ذلك من خلال «الإنصات» الفعّال، أي أن يستمع الأهل إلى أبنائهم دون مقاطعة أو إصدار أحكام مسبقة.

كما أن من المهم تخصيص وقت يومي أو أسبوعي للحوار مع المراهقين حول اهتماماتهم ومشكلاتهم وأفكارهم، وهذا يعزز «الثقة» و«الارتباط» العاطفي بين الطرفين، ويجعل من السهل توجيههم وقت الحاجة دون أن يشعروا بأن هناك تعديًا على «مساحتهم الشخصية».

أهمية القدوة في تربية المراهقين

المراهقون يتأثرون كثيرًا بما يرونه في «الواقع» أكثر مما يسمعونه من «نصائح»، ولهذا فإن كون الأهل قدوة في الالتزام بالقيم والمبادئ يُعد من أقوى الوسائل التربوية تأثيرًا، فإذا شاهد المراهق والده يعتذر عند الخطأ أو والدته تحترم مواعيدها، فإن ذلك يرسخ لديه هذه القيم دون الحاجة إلى محاضرات طويلة.

تجنب الإفراط في الحماية أو التجاهل

هناك خطأ آخر يقع فيه بعض الأهل وهو الإفراط في «الحماية» أو على العكس «الإهمال»، فالمراهقين يحتاجون إلى الشعور بأنهم قادرون على الاعتماد على أنفسهم، ولكنهم في الوقت ذاته بحاجة إلى أن يعرفوا أن هناك من يساندهم إذا تعثروا.

إن أفضل ما يمكن تقديمه للمراهقين هو أن نمنحهم الفرصة ليخطئوا ويتعلموا ضمن بيئة آمنة، بدلًا من أن نحيطهم بالحماية الزائدة التي تقتل لديهم روح المبادرة، أو نتركهم دون دعم ليواجهوا العالم بمفردهم.

تربية المراهقين ليست مهمة سهلة، ولكنها ليست مستحيلة أيضًا، إنها تتطلب «تفهمًا» عميقًا لطبيعة المرحلة، و«ذكاءً» في التواصل، و«توازنًا» بين الحزم واللين، فإذا استطاع الأهل أن يضعوا «الحدود» بحب، ويحافظوا على جسور «التفاهم» و«الاحترام»، فإنهم بذلك يزرعون في نفوس المراهقين جذورًا قوية تُثمر نضجًا وثقةً في المستقبل.

تم نسخ الرابط