الأربعاء 14 مايو 2025 الموافق 16 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

«الأغذية المعالجة».. قنبلة صامتة قد تعجل بإصابتك بباركنسون

الأغذية المعالجة
الأغذية المعالجة

الأغذية المعالجة أصبحت محور نقاش عالمي متزايد وسط دراسات وأبحاث لا تنتهي حول تأثيراتها الصحية بعيدة المدى، فبينما يقبل عليها كثير من الناس بسبب طعمها الجذاب وسهولة تحضيرها، تشير العديد من الأدلة العلمية إلى أن هذه «الأغذية» تحمل في طياتها «خطرًا خفيًا» قد يهدد صحة الإنسان بشكل غير مباشر، ومن بين هذه الأخطار التي بدأت تتضح ملامحها حديثًا، هو ارتباط «الأغذية المعالجة» بزيادة خطر الإصابة بمرض باركنسون المعروف أيضًا باسم الشلل الرعاش، مما يفتح بابًا واسعًا للقلق بشأن مكونات النظام الغذائي الحديث وتأثيره على الدماغ والجهاز العصبي.

ما هي الأغذية المعالجة؟

تشير «الأغذية المعالجة» إلى الأطعمة التي تم تغيير تركيبها الأصلي من خلال عمليات صناعية مثل التكرير أو الإضافة أو التحلية أو الحفظ، وهي تشمل قائمة طويلة من المنتجات المنتشرة في الأسواق مثل رقائق البطاطس والبسكويت الجاهز واللحوم المصنعة والمشروبات الغازية والوجبات المجمدة، ومع أن بعض هذه «الأغذية» قد تبدو مألوفة أو محببة عند فئات كثيرة من الناس، إلا أنها تحتوي غالبًا على نسب عالية من السكريات المضافة والدهون المشبعة والصوديوم، مع افتقارها في المقابل إلى العناصر الغذائية الأساسية مثل الألياف والفيتامينات والمعادن.

العلاقة بين الأغذية المعالجة وباركنسون

في واحدة من أبرز الدراسات التي نُشرت مؤخرًا، قام باحثون من جامعة هارفارد بتحليل البيانات الصحية لنحو 100 ألف شخص على مدى سنوات طويلة، فوجدوا أن الأشخاص الذين كانوا يستهلكون كميات أكبر من «الأغذية المعالجة» كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض باركنسون بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بأولئك الذين يتبعون أنظمة غذائية طبيعية قائمة على الأغذية الطازجة وغير المصنعة.

ويعتقد العلماء أن هذه العلاقة ترجع إلى أن «الأغذية المعالجة» تؤدي إلى حدوث التهابات مزمنة منخفضة الدرجة في الجسم، تؤثر بمرور الوقت على الدماغ وتضعف الخلايا العصبية، كما أن هذه «الأغذية» قد تساهم في إحداث تغييرات في الميكروبيوم المعوي، وهو مجموعة البكتيريا النافعة التي تسكن الجهاز الهضمي، والتي ثبت أن لها علاقة مباشرة بصحة الدماغ ووظائفه الحيوية.

ما هو مرض باركنسون؟

مرض باركنسون هو اضطراب عصبي تدريجي يؤثر على الحركة ويصيب عادة كبار السن، حيث تبدأ أعراضه برجفة خفيفة في اليد أو تيبس في العضلات، ثم تتطور مع مرور الوقت إلى صعوبة في الحركة وضعف التوازن واضطرابات في النطق والكتابة، ويعود سبب المرض إلى نقص في مادة «الدوبامين» في الدماغ، وهي مادة كيميائية مسؤولة عن التحكم في الحركات العضلية الدقيقة، ويعد هذا المرض من الأمراض المعقدة التي لا يوجد لها علاج شافٍ حتى الآن، وإنما يتم الاكتفاء بالعلاج الدوائي الذي يخفف الأعراض ويبطئ تطور الحالة.

مكونات الأغذية المعالجة وتأثيرها على الدماغ

تحتوي «الأغذية المعالجة» على مكونات يشتبه في تأثيرها الضار على الصحة العصبية، ومنها النكهات الصناعية والمحليات مثل الأسبارتام، والدهون المتحولة التي تستخدم لزيادة مدة صلاحية المنتج، فضلًا عن مركبات الفوسفات والنتريت المستخدمة في اللحوم المصنعة، وتشير بعض الأبحاث إلى أن هذه المواد تتسبب في «الإجهاد التأكسدي» داخل خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى موت الخلايا العصبية المسؤولة عن إنتاج الدوبامين، وهو ما يربطه العلماء بزيادة احتمالات الإصابة بمرض باركنسون.

الوقاية تبدأ من طبقك

في ظل هذه المعطيات العلمية المتزايدة، يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن يقلل من استهلاك «الأغذية المعالجة» ويعتمد بدرجة أكبر على الأغذية الطازجة مثل الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك، حيث إن هذا النوع من الأنظمة الغذائية قد أظهر قدرة على تقليل الالتهابات وتعزيز صحة الدماغ.

كما يُفضل الامتناع عن شراء المنتجات التي تحتوي على قوائم مكونات طويلة وغير مفهومة، لأن هذا غالبًا ما يعني احتواءها على مكونات صناعية معقدة، وينبغي التركيز على إعداد الطعام في المنزل باستخدام مكونات طبيعية، ومراعاة تقليل الملح والسكر والدهون المشبعة في كل وجبة.

هل يمكن الرجوع عن الأضرار؟

رغم أن الضرر الذي تسببه «الأغذية المعالجة» قد يكون تراكميًا بمرور السنوات، إلا أن بعض الدراسات أظهرت أن التوقف عن تناول هذه «الأغذية» واتباع نمط حياة صحي قد يساهم في استعادة جزء من التوازن داخل الجسم وتقليل الالتهابات، وهو ما يساعد في تحسين الحالة العصبية بشكل عام وتقليل احتمالات تطور أعراض باركنسون عند الأشخاص المعرّضين للخطر.

«الأغذية المعالجة» أصبحت تشكل تحديًا حقيقيًا للصحة العامة، خصوصًا بعد ارتباطها بأمراض عصبية مزمنة مثل باركنسون، ورغم أن هذه العلاقة لا تزال قيد البحث والدراسة، إلا أن الأدلة المتراكمة تكفي للدعوة إلى الحذر والوعي بما نأكله يوميًا، فاختياراتنا الغذائية لا تؤثر فقط على وزننا أو شكلنا الخارجي، بل تمتد لتطال خلايا الدماغ ووظائفه الحيوية، مما يجعل من مراجعة مكونات طبق الطعام اليومي خطوة ضرورية في رحلة الوقاية من «الأمراض الصامتة» التي قد تبدأ من وجبة سريعة وتنتهي بمشاكل صحية لا تُحتمل.

تم نسخ الرابط