رسميًا.. إعادة افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة في سبتمبر بعد إغلاق 18 شهرًا

حديقة الحيوان بالجيزة تستعد لاستقبال الزوار مرة أخرى في مشهد طال انتظاره، حيث باتت «الحديقة» على أعتاب افتتاح رسمي جديد بعد الانتهاء من مرحلة تطوير شاملة امتدت لـ 18 شهرًا، ويأتي هذا الحدث في إطار جهود مكثفة من الدولة، ممثلة في وزارة الزراعة، لإعادة إحياء واحدة من أهم الوجهات الترفيهية والتعليمية في مصر والمنطقة العربية.
إعادة إحياء التراث البيئي والتاريخي
شهدت «حديقة الحيوان» في الجيزة عملية تطوير واسعة، شملت مختلف مرافقها ومكوناتها الحيوانية والتاريخية، حيث انطلقت أعمال التحديث في يوليو 2023، لتشمل التجديد الكامل للبنية التحتية، وتحسين بيئة الحيوانات، وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للجمهور، مع الحفاظ الكامل على الهوية التاريخية التي لطالما ميزت الحديقة منذ إنشائها في عهد الخديو إسماعيل.
نفق استراتيجي يربط بين الحديقتين
أحد أبرز معالم التطوير الجديدة هو إنشاء نفق حديث يربط «حديقة الحيوان» بـ «حديقة الأورمان» النباتية المجاورة، وهي خطوة نوعية تهدف إلى دمج التجربتين البيئية والترفيهية في إطار واحد متكامل، بحيث يتمكن الزائر من التنقل بين الحديقتين بسهولة، ليجد نفسه بين التنوع النباتي الفريد في الأورمان من جهة، والحياة البرية الغنية والمتنوعة في «حديقة الحيوان» من جهة أخرى.
مرافق جديدة بروح قديمة
أوضح القائمون على المشروع أن خطة التطوير حرصت على الجمع بين التجديد والاحتفاظ بالتراث، إذ تضمنت الأعمال إعادة تصميم البيوت الخاصة بالحيوانات، وتجديد الممرات والبوابات، إلى جانب صيانة المعالم التاريخية التي لا تقدر بثمن، مثل «كوبري إيفل» و«القاعة اليابانية» و«القاعة الملكية» و«جزيرة الشاي» و«الجبلاية» و«المتحف الحيواني»، وهي معالم شكلت الذاكرة البصرية لأجيال من الزوار على مدار عقود.
الافتتاح المنتظر في سبتمبر 2025
بحسب ما أعلنته الشركة المنفذة للتطوير، فإن «الافتتاح الرسمي» لـ «حديقة الحيوان» سيكون في سبتمبر 2025، بعد التأكد من جاهزية جميع المرافق والتصميمات الجديدة لاستقبال الجمهور، كما أوضحت أن هذا الموعد جاء بعد سلسلة من الاختبارات الميدانية لضمان أعلى معايير الراحة والأمان للزوار والحيوانات على حد سواء، فيما أكد مسؤولو التطوير أن الهدف الأهم هو إعادة إدراج «حديقة الحيوان» على الخريطة السياحية الترفيهية، ليس فقط لمصر بل للمنطقة كلها.
معايير عالمية وتعاون دولي
في خطوة غير مسبوقة، تم التعاون مع نخبة من كبار الاستشاريين والخبراء الدوليين في مجال رعاية الحيوانات وتصميم الحدائق، حيث جرى اعتماد معايير بيئية صارمة في إنشاء الأقفاص والمرافق والخدمات المساندة، بما يضمن توفير بيئة طبيعية وصحية للحيوانات، كما تم تعزيز الغطاء النباتي في «الحديقة» بالتوازي مع صيانة الأشجار التاريخية، ما يجعل التجربة أكثر غنىً وتنوعًا.
أرقام تروي التاريخ والحياة
تُعد «حديقة الحيوان» بالجيزة واحدة من أكبر حدائق الحيوان داخل المدن في العالم، إذ تمتد على مساحة 112 فدانًا، وتضم ما يزيد على 3 آلاف شجرة نادرة، بعضها يعود لأكثر من 150 عامًا، كما تحتوي على 186 نوعًا من الطيور والثدييات والزواحف، وتعد بذلك ثالث أقدم حديقة حيوان على مستوى العالم بعد حديقة لندن وحديقة فيينا، وهو ما يمنحها مكانة دولية وتاريخية تستحق الاحتفاء والتطوير.
تجربة متكاملة تجمع بين التعليم والترفيه
سيحظى الزائر في نسختها الجديدة بفرصة غير مسبوقة لتجربة ترفيهية وتعليمية في آن واحد، إذ إن التصميم الجديد لـ «حديقة الحيوان» يراعي تقديم محتوى تعليمي يثري معرفة الزائر بالحياة البرية والبيئة المحيطة، ويستهدف الأطفال والعائلات والباحثين على حد سواء، كما تم تخصيص مساحات للأنشطة التفاعلية والمعارض المصغرة التي تُسلط الضوء على التنوع البيولوجي وأهمية حماية الأنواع المهددة.
رسالة للبيئة والسياحة في آنٍ واحد
تحمل «حديقة الحيوان» في نسختها الجديدة رسالة متعددة الأبعاد، فهي من جهة تمثل وجهة ترفيهية متطورة للأسر المصرية والعربية، ومن جهة أخرى تعكس حرص الدولة على الدمج بين التطوير العمراني والحفاظ على التراث البيئي، كما أنها تسهم في رفع الوعي المجتمعي بقضايا البيئة والحفاظ على الحياة البرية، وتُشكل رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا جديدًا للبلاد.
أمل في استعادة المجد القديم
يأمل القائمون على تطوير «حديقة الحيوان» أن تسهم هذه المرحلة الجديدة في استعادة الحديقة لمكانتها المرموقة التي كانت تحتلها لسنوات طويلة، وأن تعود من جديد لتكون مقصدًا مفضلًا للزوار من داخل وخارج مصر، خاصة بعد أن تم تزويدها بجميع الإمكانات الحديثة دون المساس بروحها التاريخية الفريدة.
«حديقة الحيوان» التي كانت عنوانًا للحياة والبهجة في وجدان المصريين، تستعد للعودة من جديد، بشكل أكثر إشراقًا، واستعدادًا لعقود قادمة من البهجة والمعرفة البيئية، فبعد شهور طويلة من الإغلاق والعمل المتواصل، أصبحت «الحديقة» جاهزة لتفتح أبوابها من جديد، وتروي حكايتها الخضراء وسط صخب المدينة وزحام الحياة المعاصرة.