الاتحاد الإفريقي بقمة بغداد.. إبادة غزة جريمة مروعة.. والنظام التجاري في خطر

في موقف قوي ومباشر، أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، ما وصفه بـ«الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي لم يعد يحتمل الصمت أو التردد في تسميته باسمه الحقيقي.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي انطلقت اليوم السبت 17 مايو في العاصمة العراقية بغداد، بمشاركة عدد كبير من القادة العرب، وعلى رأسهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبحضور ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، من بينها الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.
محمود علي يوسف.. النظام التجاري العالمي على المحك
ولم تقتصر كلمة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي على الجانب السياسي فحسب، بل تضمنت تحذيرات مهمة بشأن التحديات الاقتصادية العالمية التي تواجه الدول النامية، وخاصة في ظل اضطراب سلاسل الإمداد، وتصاعد الحروب والنزاعات في أكثر من منطقة حول العالم.
وقال علي يوسف إن «العالم مليء بالتحديات التي تحتاج إلى تنسيق رفيع المستوى»، لافتًا إلى أن النظام التجاري العالمي الذي بني بعد الحرب العالمية الثانية بات اليوم على المحك، في ظل هيمنة بعض القوى، وتراجع آليات العدالة الاقتصادية، مما يضر بمصالح الدول الإفريقية والعربية على حد سواء.
ودعا إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية في مواجهة هذه التحديات، ووضع رؤية مشتركة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية الدولية، بما يحقق المصالح المشتركة للدول الأعضاء في كلا التكتلين الإقليميين.
غزة في قلب الاهتمام الإفريقي
وفي أقوى فقرات كلمته، أدان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بشكل واضح وصريح الجرائم الإسرائيلية في غزة، واصفًا ما يجري هناك بـ«الإبادة الجماعية»، في موقف يتماشى مع التوجه العام الذي يسود القمة العربية ببغداد، حيث شكلت القضية الفلسطينية محورًا رئيسيًا للنقاشات والمداولات بين القادة والزعماء العرب.
وأكد علي يوسف أن ما يحدث في غزة يتنافى تمامًا مع كل المواثيق الدولية، ومع القيم التي يفترض أن يقوم عليها النظام العالمي، مضيفًا أن «السكوت عن هذه الجريمة يُعد مشاركة فيها، وأن التاريخ لن يرحم من يتخاذلون عن نصرة المظلومين».
كما عبّر عن تضامن الاتحاد الإفريقي الكامل مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال، مشددًا على أن الحل العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
القمة العربية.. منصة للرسائل الدولية
وتأتي مشاركة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في القمة العربية ببغداد، في إطار التفاعل المتزايد بين المنظمات الإقليمية الكبرى، حيث تسعى الجامعة العربية إلى تعزيز شراكاتها السياسية والاقتصادية مع التكتلات الإفريقية والآسيوية، في ظل نظام عالمي يمر بتحولات جذرية.
ويؤكد محللون أن وجود الاتحاد الإفريقي في القمة يعكس حجم الترابط الجغرافي والاقتصادي بين العالم العربي والقارة الإفريقية، لا سيما في ظل تشابك القضايا الأمنية والاقتصادية، كالهجرة، ومكافحة الإرهاب، وتغير المناخ، والأمن الغذائي.
ومن المنتظر أن تتناول الجلسات المغلقة للقمة ملفات التعاون المشترك بين الدول العربية والإفريقية، وسبل دعم التنمية المستدامة في القارتين، وتعزيز الاستثمار المتبادل، والتنسيق في المحافل الدولية.
قادة عرب وأفارقة في مواجهة الأزمات
وتنعقد القمة العربية الـ34 وسط أجواء مشحونة إقليميًا ودوليًا، مع تصاعد التوتر في الأراضي الفلسطينية، واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي خلف أكثر من 50 ألف شهيد منذ أكتوبر 2023، إلى جانب أزمات أخرى في ليبيا وسوريا والسودان واليمن.
ويشارك في القمة قادة وملوك ورؤساء حكومات من 22 دولة عربية، بالإضافة إلى رؤساء منظمات إقليمية ودولية، حيث تسعى بغداد من خلال هذه القمة إلى استعادة دورها العربي والإقليمي، بعد سنوات من العزلة والاضطرابات السياسية.
وقد أُعلن أن القمة ستُعقد تحت شعار: «حوار وتضامن وتنمية»، في محاولة لعكس روح التعاون بين الدول العربية، وتعزيز فرص التكامل الاقتصادي والسياسي، خاصة في ظل ما وصفه بعض المتحدثين بـ«التقصير الدولي» في التعامل مع قضايا المنطقة.
رسالة القمة.. لا استقرار دون عدالة.. ولا سلام دون فلسطين
وتعد كلمة محمود علي يوسف واحدة من عدة كلمات شهدتها الجلسة الافتتاحية، والتي ركزت جميعها على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة التحرك العربي والإقليمي والدولي لوقف نزيف الدم في غزة.
ومع تأكيده على التعاون الاقتصادي وتحديات التجارة العالمية، فإن الرسالة الأهم التي وجهها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي من بغداد كانت واضحة وصريحة: «ما يحدث في غزة إبادة جماعية.. والصمت جريمة».