السيسى بالقمة العربية ببغداد.. لا استقرار في ليبيا دون خروج القوات الأجنبية

شدد الرئيس عبد الفتاح السيسى في كلمة قوية ومتزنة أمام القادة العرب المشاركين في القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة اليوم بالعاصمة العراقية بغداد، على التزام مصر الثابت تجاه دعم القضايا العربية المصيرية، وفي مقدمتها أزمات ليبيا وسوريا ولبنان، داعيًا إلى تحرك عربي فاعل من أجل الحفاظ على استقرار المنطقة وسط التحديات المتصاعدة.
السيسي.. ليبيا يجب أن تظل لأهلها
استهل السيسى حديثه بالإشارة إلى الوضع الليبي، مؤكدًا استمرار الجهود المصرية الحثيثة للوصول إلى مصالحة سياسية شاملة، تنطلق من توافق وطني ليبي – ليبي، على قاعدة المرجعيات المتفق عليها دوليًا، وعلى رأسها اتفاق الصخيرات ومخرجات برلين.
وقال السيسى: «نؤمن أن الحل السياسي وحده هو الكفيل بإنهاء الأزمة في ليبيا، بما يضمن وحدة البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها»، مشيرًا إلى أهمية خروج جميع القوات الأجنبية والمليشيات المسلحة من ليبيا، كشرط أساسي لأي استقرار حقيقي.
وأضاف: «ليبيا يجب أن تظل لأهلها، وأمنها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ومصر لن تدّخر جهدًا في دعم كل مبادرة صادقة تُفضي إلى تسوية عادلة وشاملة».
سوريا.. مرحلة انتقالية شاملة واستثمار رفع العقوبات
وفيما يخص الأزمة السورية، أكد السيسى أن رفع العقوبات الأمريكية الأخيرة عن سوريا يُعد «خطوة إيجابية»، لكنها ليست كافية ما لم تتبعها تحركات حقيقية نحو مسار سياسي شامل لا يُقصي أحدًا.
وقال: «مصر تدعم وحدة الأراضي السورية واستقلالها، وتُصر على أن تكون المرحلة الانتقالية شاملة لكافة مكونات الشعب السوري، بعيدًا عن الإقصاء أو التهميش»، محذرًا من عودة الإرهاب إلى الأراضي السورية في حال غابت الحلول السياسية.
كما طالب الرئيس المصري بضرورة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجولان السوري، وباقي الأراضي المحتلة، بما يتماشى مع قرارات الشرعية الدولية.
لبنان.. احترام السيادة وتنفيذ القرار 1701
وفي حديثه عن الوضع في لبنان، أعرب الرئيس السيسى عن قلقه البالغ إزاء التوترات الأمنية في الجنوب اللبناني، محذرًا من عواقب أي تصعيد إسرائيلي جديد.
وأكد أن «السبيل الوحيد لضمان استقرار لبنان يكمن في الالتزام الكامل بوقف الأعمال العدائية، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701»، داعيًا إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، وتمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه في حفظ الأمن.
تحذير من التحديات الإقليمية
وفي مجمل كلمته، شدد الرئيس المصري على أن المنطقة العربية تواجه تحديات غير مسبوقة، على رأسها التدخلات الإقليمية، والإرهاب، واستمرار الاحتلال، وتفاقم الأزمات الإنسانية في أكثر من دولة.
وقال السيسى إن «الوضع العربي يفرض علينا مسؤوليات تاريخية، تتطلب التكاتف والعمل المشترك بواقعية وعقلانية، من أجل استعادة الأمن والاستقرار وبناء مستقبل أفضل لشعوبنا».
إشادة بجهود العراق في استضافة القمة
واختتم الرئيس كلمته بتوجيه الشكر لجمهورية العراق حكومةً وشعبًا على استضافة القمة العربية، مشيدًا بالدور المتنامي لبغداد في دعم القضايا القومية والعمل على إعادة اللحمة العربية.
وأشار إلى أن مشاركة مصر في هذه القمة، رغم كثافة التحديات الداخلية والخارجية، تجسد إيمانها العميق بأن التضامن العربي هو الضامن الأساسي لصدّ الأخطار المشتركة وتحقيق تطلعات الشعوب.
وأكد الرئيس السيسي في ختام كلمته، أن المرحلة الراهنة تتطلب تغليب صوت الحكمة والتمسك بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وشدد على أن مصر لن تدخر جهدًا في دعم كل جهد عربي مشترك يُسهم في تسوية النزاعات وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
كما دعا إلى بلورة موقف عربي موحد إزاء التحديات العالمية، سواء في ملفات الطاقة أو الأمن الغذائي أو تغير المناخ، مؤكدًا أن الأمة العربية تمتلك من الإمكانيات ما يجعلها قوة مؤثرة في المشهد الدولي إذا ما توافرت الإرادة السياسية.