مصادر تكشف عن لقاءات وجها لوجه بين مسؤولين أمنيين إسرائيليين وسوريين

جرت عدة اجتماعات وجهاً لوجه بين الجانبين، هكذا كشفت مصادر لوكالة «رويترز» أن إسرائيل وسوريا دخلتا في اتصالات مباشرة في الأسابيع الأخيرة.
تهدف هذه اللقاءات إلى تخفيف التوتر المتصاعد ومنع وقوع اشتباكات عسكرية في المنطقة الحدودية بين البلدين، التي تشهد توترات متزايدة منذ سنوات.
وتعكس هذه الاتصالات تغيّرًا ملموسًا في سياسة البلدين، إذ تتزامن مع تحركات دبلوماسية وإقليمية واسعة تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد الأمني في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد التغيرات التي شهدها النظام السوري عقب الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي.
«خلف الكواليس.. محادثات مستمرة منذ سقوط نظام الأسد»
قالت مصادر سورية وغربية بالإضافة إلى مصدر استخباراتي إقليمي إن الاجتماعات المباشرة جاءت نتيجة سلسلة من المحادثات غير المباشرة التي استمرت عبر وسطاء منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في نهاية العام الماضي.
وتشير هذه المحادثات إلى رغبة متبادلة بين الطرفين في تجنب التصعيد العسكري، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المعقدة وتداخل مصالح دولية عدة في الملف السوري.
«دور أحمد الدلّاتي في قيادة الاتصالات الأمنية»
من الجانب السوري، يقود الاتصالات مسؤول أمني رفيع المستوى هو أحمد الدلّاتي، الذي يشغل منصب محافظ محافظة القنيطرة، الواقعة على الحدود مع مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل.
إلى جانب ذلك، تولى الدلّاتي مؤخراً مسؤولية الأمن في محافظة السويداء جنوب سوريا، التي تقطنها أقلية درزية، وهو ما يمنحه نفوذاً أمنياً هاماً في المناطق الحدودية ذات الأهمية الاستراتيجية.
«مسؤولون أمنيون إسرائيليون يشاركون في الاجتماعات»
رغم أن «رويترز» لم تتمكن من تحديد أسماء المسؤولين الإسرائيليين المشاركين في الاجتماعات، إلا أن مصادر متعددة أشارت إلى أن اللقاءات شملت مسؤولين أمنيين كبار من الجانب الإسرائيلي.
عُقدت جولات عدة من الاجتماعات وجهاً لوجه في المناطق الحدودية، بما في ذلك مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى بناء آليات للتهدئة وتفادي الاحتكاكات العسكرية.
«اللقاء التاريخي بين ترامب والشرع في الرياض وأثره على العلاقات»
شهدت الرياض في 14 مايو اجتماعاً هاماً جمع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع.
وصف مصدر استخباراتي إقليمي هذا اللقاء بأنه «نقطة تحوّل أساسية» في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، إذ أدى إلى إعادة تقييم الاستراتيجية التي اعتمدتها الولايات المتحدة والتي سمحت لإسرائيل بالاستفادة من حالة الانقسام والتفكك في سوريا بعد سقوط الأسد.
ويُعتقد أن هذا الاجتماع أرسل رسالة واضحة إلى الحكومة الإسرائيلية اليمينية بضرورة العمل على تفاهمات مع النظام السوري الجديد.
«ترامب يوضح.. السلام وليس التطبيع هدف المرحلة»
بعد اللقاء، صرح ترامب بأن الشرع أبدى استعداداً مستقبلياً لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنه أكد أن ذلك لن يحدث سريعاً، مشيراً إلى أن الهدف في الوقت الحالي هو «السلام بمعنى غياب الحرب، وليس التطبيع».
ويعكس هذا التصريح واقعاً إقليمياً معقداً، حيث لا تزال العلاقات بين الطرفين متوترة ولا تشمل بعد أي اعتراف رسمي أو تعاون سياسي كامل.
«دلالات وتحليلات.. ماذا تعني هذه الاتصالات للمنطقة؟»
تأتي هذه الاتصالات المباشرة بين إسرائيل وسوريا في ظل حالة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث تسعى الأطراف الإقليمية والدولية إلى الحفاظ على مصالحها عبر مسارات دبلوماسية متنوعة.
يشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة قد تفتح باب التهدئة على الحدود بين البلدين، وقد تقلل من فرص التصعيد العسكري الذي قد يمتد إلى مناطق أخرى في المنطقة.
كما أنها تعكس تحولات في السياسة الإقليمية، خاصة مع تغير موازين القوى بعد الإطاحة بنظام الأسد.
ومع ذلك، يظل الملف السوري حساساً جداً، ولا تزال هناك العديد من التحديات التي تعيق الوصول إلى حلول شاملة، من بينها وجود فصائل مسلحة متعددة، وتأثيرات القوى الدولية والإقليمية المختلفة.
تشكل هذه اللقاءات المباشرة بين إسرائيل وسوريا تطوراً مهماً في المشهد الأمني الإقليمي، حيث تؤكد على رغبة الطرفين في تجنب الحرب والتوترات.
ومع ذلك، تبقى الكثير من التفاصيل غير معلنة، ومن المتوقع أن تستمر الاتصالات والحوارات غير المباشرة خلال الفترة المقبلة، وسط متابعة دولية دقيقة لنتائج هذه المساعي.
يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن هذه المحادثات من ترجمة التهدئة إلى واقع عملي، أم أنها ستظل محصورة في إطار الدبلوماسية غير الرسمية؟