المحكمة الاقتصادية تغرم 5 متهمين بـ«واقعة الطفل ياسين» بتهمة سب وقذف مدرسة

قضت المحكمة الاقتصادية بمحافظة الإسكندرية، اليوم السبت، بتغريم خمسة متهمين مبلغ 5 آلاف جنيه لكل منهم، بعد إدانتهم بارتكاب جريمة السب والقذف والتشهير بمُدرسة على مواقع التواصل الاجتماعي، في القضية التي عُرفت إعلاميًا باسم «واقعة الطفل ياسين»، والتي وقعت أحداثها في إحدى مدارس محافظة البحيرة.
بلاغ رسمي من المُدرسة بعد حملة تشهير إلكترونية
تعود تفاصيل القضية إلى البلاغ المُقيد برقم 130 لسنة 2025 جنح اقتصادية البحيرة، والذي تقدمت به مُدرسة تعمل بإحدى المدارس التابعة لإدارة «ال.د» التعليمية، حيث أوضحت في بلاغها أنها تعرضت لحملة إساءة وتشويه سمعة ممنهجة من قبل عدد من الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول وقائع متعلقة بأحد طلابها، وهو الطفل ياسين.
ووفقًا لمحتوى البلاغ، فقد اتهمت المُدرسة خمسة أشخاص، هم: «ا.س.ف»، و«ا.ا.ص»، و«ا.ع.ح»، و«م.ع.ا»، و«ا.ه.ع»، بنشر منشورات وتسجيلات تتضمن ألفاظًا نابية واتهامات دون دليل، مستهدفين الإساءة إلى شخصها المهني والإنساني، على خلفية الأحداث المرتبطة بالطفل ياسين.
النيابة الاقتصادية تحقق.. وتحيل المتهمين للمحاكمة
وبعرض البلاغ على النيابة الاقتصادية المختصة، باشرت الجهات المعنية التحقيق في الوقائع المذكورة، وتمت مواجهة المتهمين بالأدلة الرقمية التي قُدمت، والتي شملت لقطات شاشة وتسجيلات مرئية تثبت تورطهم في نشر محتوى مسيء للمُدرسة عبر فيسبوك وتطبيقات أخرى.
وقد رأت النيابة أن الأدلة كافية لإحالة المتهمين إلى المحكمة الاقتصادية بالإسكندرية، في ضوء مخالفتهم لقانون تنظيم استخدام الإنترنت، وكذلك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية رقم 175 لسنة 2018، والذي يُجرّم السب والقذف عبر الوسائط الرقمية.
حكم المحكمة.. تغريم كل متهم 5 آلاف جنيه
وخلال جلسة النطق بالحكم، استمعت المحكمة إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المُدرسة، والتي أكدت الأضرار النفسية والاجتماعية التي لحقت بموكلتهم، خاصة أن الوقائع نُشرت على الملأ وشاهدها عدد كبير من الجمهور، مما أساء إلى سمعتها أمام زملائها وطلابها وأولياء الأمور.
من جانبها، لم تُقدم هيئة الدفاع عن المتهمين ما ينفي وقوع الإساءة، واكتفت بطلب البراءة من منطلق «التعبير عن الرأي»، وهو ما رفضته المحكمة بشكل قاطع، معتبرة أن حرية الرأي لا تعني إطلاق الاتهامات والتشهير بالآخرين دون سند أو دليل.
وأصدرت المحكمة حكمها النهائي بتغريم كل من المتهمين الخمسة مبلغًا ماليًا قدره 5 آلاف جنيه، مع التأكيد على أن الحكم يأتي في إطار حماية الأفراد من التجاوزات الإلكترونية التي أصبحت ظاهرة متكررة على منصات التواصل.
موجة دعم واسعة للمُدرسة.. وتحذيرات من «التشهير الرقمي»
عقب صدور الحكم، لاقت المُدرسة دعمًا واسعًا من زملائها وأولياء الأمور، الذين اعتبروا أن الحكم يُشكل سابقة قضائية مهمة في الرد على من يستخدمون الإنترنت للتشهير أو تصفية الحسابات الشخصية والمهنية.
من ناحيتهم، شدد عدد من الخبراء القانونيين على أن مثل هذه القضايا أصبحت شائعة في السنوات الأخيرة، في ظل الاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي، دون وعي كافٍ بالقوانين المنظمة أو بعواقب نشر محتوى مُسيء، مؤكدين أن القانون المصري بات أكثر صرامة في مواجهة هذا النوع من الجرائم.
خلفية عن واقعة الطفل ياسين
ويُشار إلى أن «واقعة الطفل ياسين» كانت قد أثارت حالة من الجدل في محافظة البحيرة، بعد أن تم تداول منشورات تزعم تعرض الطفل لحادث داخل المدرسة، وهو ما أثار عاصفة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسبب في توجيه اتهامات عديدة للعاملين بالمؤسسة التعليمية، قبل أن تتبين جهات التحقيق أن الواقعة محل خلاف وتأويل، دون دليل قاطع يثبت وجود تقصير أو إهمال متعمد.
وفي ظل حالة الجدل، تعرضت المُدرسة المُبلغة لحملة من الهجوم اللفظي، حيث وُجهت لها اتهامات مسيئة دون تحرٍّ، ما دفعها للتوجه إلى النيابة وطلب إنصافها عبر القنوات القانونية، وهو ما تم بالفعل اليوم عبر الحكم الصادر من المحكمة الاقتصادية.
دعوات للوعي القانوني
وختمت مصادر تعليمية في وزارة التربية والتعليم تصريحاتها بالتأكيد على دعم المُدرسين وحمايتهم من حملات التشهير، مشيرة إلى ضرورة نشر ثقافة الوعي القانوني بين مستخدمي الإنترنت، والتأكيد على أن السب والقذف عبر الوسائل الرقمية لا يقل خطورة عن نظيره التقليدي، بل إن أثره أشد في بعض الحالات، كونه ينتشر على نطاق واسع ويظل محفوظًا على المنصات لفترات طويلة.