قانون العقوبات يحسم الجدل.. عقوبات صارمة ضد بائعي الألعاب النارية بعيد الأضحى

مع اقتراب حلول عيد الأضحى المبارك، تعود إلى الواجهة ظاهرة تداول الألعاب النارية والمفرقعات بين الأطفال والمراهقين في الشوارع والميادين، الأمر الذي يشكل خطرًا جسيمًا على الأرواح والممتلكات، ويثير القلق في الأوساط الشعبية والطبية والأمنية على حد سواء.
وبينما يعتبر البعض هذه الألعاب وسيلة للبهجة والاحتفال، إلا أن قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937، وتحديدًا في المواد 102 (أ) إلى 102 (د)، يتعامل مع هذه المواد بمنتهى الجدية والحزم، حيث يفرض عقوبات تصل إلى الإعدام والسجن المؤبد في حالات بعينها، خاصة إذا اقترنت الجريمة بأغراض إرهابية أو أدت إلى الوفاة أو تدمير الممتلكات.
عقوبة الحيازة أو التصنيع دون ترخيص
وفقًا لنص المادة 102 (أ) من قانون العقوبات، فإن كل من أحرز أو حاز أو استورد أو صنع مفرقعات أو مواد متفجرة أو ما في حكمها دون ترخيص، يُعاقب بالسجن المؤبد.
وتُشدد العقوبة لتصل إلى الإعدام إذا ثبت أن الجريمة تمت بغرض إرهابي.
ويشمل التجريم أيضًا كل من صنع أو استورد أو حاز أجهزة أو أدوات أو آلات تستخدم في تصنيع أو تفجير المفرقعات دون وجود مسوّغ قانوني، حيث يعاقب كذلك بالسجن المؤبد أو المشدد.
ويعد في حكم المواد المتفجرة كل مادة تدخل في تركيبها وفقًا لما يحدده وزير الداخلية بقرار رسمي، بما يشمل حتى المواد الأولية التي تُستخدم في تصنيع هذه الألعاب التي يراها القانون تهديدًا مباشرًا للأمن العام.
واجب الإبلاغ وتبعات التستر
لا يتوقف العقاب عند الجاني المباشر، بل يمتد ليشمل من علم بوقوع الجريمة ولم يبلغ السلطات المختصة قبل اكتشافها، حيث يعاقب هو الآخر بالسجن، وذلك بهدف تعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية والتبليغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بالمفرقعات.
كما تنص المادة على أن المحكمة تُلزم بمصادرة محل الجريمة، والأراضي، والمنشآت، ووسائل النقل، والأدوات المستخدمة، على أن يكون ذلك دون الإخلال بحقوق الغير حسن النية.
استخدام المفرقعات لأغراض عدائية
وجّه القانون ضربة قاسية لكل من يستعمل المفرقعات في تنفيذ جرائم قتل سياسي، أو تخريب منشآت عامة، أو تعطيل مصالح حيوية، حيث نصت المادة 102 (ب) على أن العقوبة في هذه الحالة هي الإعدام دون استثناء، وذلك لما يمثله هذا الاستخدام من تهديد لأمن الدولة وسلامة المواطنين.
تعريض حياة المواطنين للخطر
وتنص المادة 102 (ج) على أن كل من استعمل أو شرع في استعمال المفرقعات بشكل يعرّض حياة الناس للخطر، يُعاقب بالسجن المؤبد، وتُرفع العقوبة إلى الإعدام إذا تسبب الانفجار في وفاة شخص أو أكثر.
أما المادة 102 (د)، فتركز على حماية أموال المواطنين، حيث تُعاقب من يستخدم المفرقعات بشكل يؤدي إلى الإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بالسجن المشدد، وتصل العقوبة إلى المؤبد في حال وقوع الضرر فعليًا.
استعدادات أمنية وتحذيرات مشددة
ومع دخول موسم الأعياد، تكثف وزارة الداخلية حملاتها لملاحقة المتورطين في بيع أو تصنيع الألعاب النارية، خاصة في الأسواق الشعبية ومحال العطارة التي تتحايل أحيانًا على القانون.
وتؤكد الوزارة أنها لن تتهاون مع أي محاولة لترويج هذه المواد، وتدعو المواطنين للإبلاغ الفوري عن أي نشاط مخالف.
كما حذّرت الهيئة العامة للإسعاف والأطباء المتخصصون من أن الألعاب النارية تمثل تهديدًا مباشرًا لصحة الأطفال، حيث تسببت خلال الأعوام الماضية في حوادث مؤلمة شملت بتر أصابع، وتشوهات بالوجه، وحروق خطيرة، خاصة مع استخدام مواد شديدة الاشتعال.
الوعي المجتمعي ضرورة ملحة
رغم القوانين المشددة والاستعدادات الأمنية، يبقى الوعي الأسري والمجتمعي هو الحصن الأول لحماية الأطفال من مخاطر الألعاب النارية.
وتناشد الجهات المختصة الأسر المصرية بعدم التساهل مع استخدام أبنائهم لهذه المواد، بل وضرورة مراقبتهم خلال فترة العيد، وتوعيتهم بخطورة ما قد يبدو مجرد لهو بريء.
وختامًا، تؤكد الدولة من خلال هذا الإطار القانوني، أن الحفاظ على الأمن والسلامة العامة هو أولوية لا تقبل التهاون، وأن استخدام أو ترويج المفرقعات، مهما كان غرضه، هو جريمة مكتملة الأركان تُقابل بأقصى درجات الحسم والردع، لضمان مرور المناسبات الدينية والوطنية في أجواء آمنة خالية من الحوادث والمآسي.