الخميس 26 يونيو 2025 الموافق 01 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

البرلمان يحصن أعضائه دون تعطيل العدالة.. تعرف على ضوابط الحصانة البرلمانية

مجلس الشيوخ
مجلس الشيوخ

 حدد قانون مجلس الشيوخ المصري حقوق وواجبات أعضاء المجلس، وعلى رأسها الحق في الحصانة البرلمانية، والتي تهدف إلى تمكين النائب من أداء دوره التشريعي والرقابي دون قيود تعسفية، مع الالتزام الكامل بعدم المساس بمبدأ سيادة القانون والمساواة أمامه.

وتناولت المادة 32 من قانون مجلس الشيوخ أحكام الحصانة القضائية التي يتمتع بها أعضاء المجلس، حيث نصت بوضوح على أنه لا يجوز، في غير حالات التلبس بالجريمة، اتخاذ أي إجراء جنائي ضد عضو مجلس الشيوخ في قضايا الجنايات أو الجنح، إلا بعد الحصول على إذن سابق من المجلس.

ويعد هذا النص صريحًا في تأكيد حماية النائب من أي ملاحقات قضائية قد تكون ذات طابع سياسي أو انتقامي، ما لم يكن هناك حالة تلبس واضحة تبرر التدخل الفوري للسلطات المختصة.

صلاحيات مكتب المجلس في غير دور الانعقاد

وفي حالة وقوع المخالفة خلال فترة تعليق جلسات البرلمان (خارج دور الانعقاد)، ينص القانون على أن يتولى مكتب المجلس (الذي يتكوّن من رئيس المجلس والوكيلين) مهمة البت في الطلبات المتعلقة باتخاذ إجراء جنائي ضد أحد الأعضاء.

ويُشترط أن يتم إخطار المجلس بكافة الإجراءات التي تم اتخاذها عند أول انعقاد تالٍ للمجلس، بما يضمن الشفافية وحق المجلس كسلطة تشريعية في الإحاطة والتصويت حال الضرورة.

وتعتبر هذه الإجراءات ضمانة حقيقية ضد أي قرارات متعجلة قد تُتخذ بحق عضو برلماني أثناء غياب المؤسسة التشريعية عن الانعقاد الكامل، وهو ما يعكس توازنًا دقيقًا بين حماية النائب وتفعيل العدالة.

مهلة قانونية للبت في الطلبات

وأكد النص القانوني على ضرورة البت في أي طلب يتعلق باتخاذ إجراء جنائي ضد أحد الأعضاء خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، سواء تم ذلك في دور الانعقاد أو من خلال مكتب المجلس في غير أوقات الانعقاد.

وإذا لم يتم الرد خلال هذه الفترة القانونية، فإن الطلب يُعد مقبولًا تلقائيًا بقوة القانون، وهو ما يقطع الطريق أمام أي محاولة لتعطيل إجراءات المحاسبة أو الاستقواء بالحصانة لتعطيل العدالة.

ويعتبر هذا القيد الزمني نقطة بالغة الأهمية في ضمان ألا تتحول الحصانة إلى وسيلة للإفلات من العقاب، بل تظل أداة لحماية العمل النيابي فقط، بعيدًا عن التستر على أي انحرافات أو مخالفات.

الحصانة البرلمانية.. ضرورة وظيفية لا امتياز شخصي

الحصانة البرلمانية، وفق المفهوم الدستوري والقانوني، ليست امتيازا شخصيًا للنائب، وإنما هي أداة قانونية لحماية دوره الوظيفي كمشرّع ومراقب على أداء الحكومة، وضمان عدم تعرضه للضغوط أو الانتقام نتيجة آرائه أو مواقفه تحت قبة المجلس.

وقد أكدت العديد من النظم الدستورية حول العالم على هذا المفهوم، ومن بينها الدستور المصري الذي نص في المادة 104 على أن «عضو مجلس النواب لا يُسأل عما يبديه من آراء تتعلق بأداء عمله في المجلس أو في لجانه»، وهو نص يسري أيضًا على أعضاء مجلس الشيوخ باعتبارهم جزءًا من المؤسسة التشريعية.

وبالتالي، فإن المادة 32 من قانون مجلس الشيوخ جاءت في هذا السياق لتُحدد الإطار القانوني المنظم للعلاقة بين النائب والسلطة القضائية، بما يضمن الاستقلال ويمنع التضييق، دون المساس بحق الدولة في مساءلة من يخرج على القانون.

توازن مطلوب بين الحصانة والمحاسبة

ويشير قانونيون إلى أن هذه الضوابط تحقق معادلة دقيقة بين أمرين متناقضين ظاهريًا: الأول هو حماية النائب من الكيد السياسي، والثاني هو عدم السماح باستخدام الحصانة كوسيلة للهروب من العقاب أو تعطيل سلطة القضاء.

ويؤكد الفقه القانوني أن الحصانة لا تعني الحماية من المحاكمة، بل تعني التأجيل المؤقت للإجراء لحين موافقة السلطة التشريعية المختصة، وهو ما يفرض التزامات كبيرة على مجلس الشيوخ في التعامل الجاد والموضوعي مع طلبات رفع الحصانة.

كما تعتبر الشفافية في مناقشة هذه الطلبات تحت قبة المجلس، وأمام الرأي العام، أحد أبرز وسائل كسب ثقة المواطن في البرلمان، وتعزيز دور النائب كخادم للمصلحة العامة، وليس محصنًا ضد القانون.

بذلك، يرسخ قانون مجلس الشيوخ عبر مادته 32 مبدأ الحصانة المسؤولة، التي تحمي النائب من التعسف دون أن تخرق القانون، وتحافظ على التوازن بين السلطتين التشريعية والقضائية في إطار من الاحترام المتبادل، ويضع حدًا لأي استخدام خاطئ أو توسع في مفهوم الحصانة خارج حدود المصلحة العامة.

تم نسخ الرابط