أحكام «القصر والجمع» في الصلاة للمسافر.. أمين الفتوى يوضح

الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام وهي عماد الدين التي لا تسقط عن المسلم في أي حال من الأحوال، وقد شرع الله سبحانه وتعالى رخصًا للمسافر تخفيفًا عنه وتيسيرًا، ومن أهم هذه الرخص ما يتعلق بأداء الصلاة من حيث القصر والجمع، وفي هذا السياق جاءت تصريحات «الشيخ عويضة عثمان» أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية لتوضح للناس ما يجوز وما لا يجوز فعله فيما يخص الصلاة خلال السفر، حيث أشار إلى أن كثيرًا من الناس يخلطون بين مفهوم القصر والجمع في الصلاة، مما يؤدي إلى أخطاء شائعة في أداء الفريضة أثناء السفر.

الفرق بين القصر والجمع في الصلاة

بدأ الشيخ عويضة عثمان حديثه بالتأكيد على وجود فرق جوهري بين مسألة القصر ومفهوم الجمع في الصلاة، حيث أوضح أن القصر يعني تقصير الصلاة الرباعية فقط مثل الظهر والعصر والعشاء لتُصلَّى ركعتين بدلًا من أربع، بينما الجمع يعني ضم صلاتين معًا في وقت واحدة، فيُجمع بين الظهر والعصر إما في وقت الظهر تقديمًا أو في وقت العصر تأخيرًا، كما يمكن الجمع بين المغرب والعشاء بنفس الطريقة، وهذا التفريق بين القصر والجمع أمر «مهم» يجب على المسلم أن يدركه جيدًا حتى يؤدي الصلاة بالشكل الصحيح أثناء السفر.

متى يبدأ جواز القصر في الصلاة؟

أوضح الشيخ عويضة أن جواز القصر لا يبدأ بمجرد نية السفر أو حتى الاستعداد له، بل لابد من بدء السفر فعليًا، فالقصر لا يجوز إلا بعد مغادرة حدود البلدة أو القرية التي يقيم فيها الشخص، فإذا كان الفرد في القاهرة ويريد التوجه إلى الإسكندرية مثلًا، فلا يبدأ القصر إلا بعد تجاوز حدود مدينة القاهرة، ففي هذه الحالة يكون قد شرع في السفر ويجوز له أن يقصر الصلاة ويجمعها إذا احتاج إلى ذلك.

حالة المسافر الذي لم يغادر منزله بعد

وأضاف أمين الفتوى أنه إذا كان المسافر لا يزال داخل بيته، وكان يعلم أنه سيغادر قريبًا بعد وقت قليل، مثلاً قبل صلاة العصر، ولكنه يخشى ضيق الوقت أثناء الطريق، فيجوز له حينها أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم، أي يصليهما معًا في وقت الظهر، لكن دون قصر لأن السبب في الجمع هنا ليس السفر الفعلي بل «ضيق الوقت» أو خشية فوات الصلاة أثناء التنقل، وهذا ما أكد عليه الشيخ عويضة بقوله إن لكل حالة ضوابطها الشرعية التي يجب فهمها وتطبيقها بدقة.

أحكام الجمع والقصر بعد مغادرة المدينة

بعد مغادرة حدود المدينة والدخول في السفر الفعلي، يحق للمسافر أن يطبق كلا الرخصتين، أي أن يجمع بين الصلوات إذا وجد مشقة في أداء كل صلاة في وقتها، وأن يقصر الصلوات الرباعية كنوع من التخفيف، بشرط ألا يكون سفره سفر معصية، ويُشترط كذلك أن تتوفر نية السفر لمسافة تقارب ٨٣ كيلومتر تقريبًا، وهي المسافة التي حددها الفقهاء والتي أجازوا عندها القصر والجمع في الصلاة.

الصلوات التي لا تُقصر أبدًا

وأشار الشيخ عويضة عثمان إلى أن هناك صلوات لا يجوز فيها القصر إطلاقًا حتى في السفر، وهي صلاة الفجر التي تُؤدى ركعتين كاملتين دون تغيير، وكذلك صلاة المغرب التي تُؤدى ثلاث ركعات كما هي، ولا تقبل التقصير، لأن الشارع الحكيم لم يشرع قصر هذه الصلوات، ومن هنا لابد من التنبيه على من يسافر ألا يخطئ في هذه النقطة تحديدًا، فالقصر يشمل فقط الصلوات ذات الأربع ركعات دون غيرها.

متى يفضل الجمع ومتى لا يُستحب؟

أوضح الشيخ عويضة أن الجمع بين الصلوات لا يُفضل في جميع الأحوال، بل هو رخصة تُستخدم عند الحاجة أو المشقة، فلو كان المسافر قادرًا على أداء كل صلاة في وقتها دون عناء فلا حاجة إلى الجمع، أما إذا كان هناك تعب أو مشقة أو ظروف مثل الأمطار أو تأخر وسائل النقل أو عدم توفر أماكن مناسبة للصلاة، فحينها يكون الجمع مفضلًا ومشروعًا، سواء بالتقديم أو بالتأخير حسب الأحوال، وذلك حتى لا يُهمل المسلم الصلاة أو يُعرضها للفوات.

الصلاة ركن لا يُسقطه السفر ولكن يُيسر أداءه

من المهم أن يفهم المسلم أن الصلاة لا تسقط بأي حال من الأحوال، ولكن الشريعة «خففت» على المسافر بعض الأحكام رحمةً به، فجعلت القصر والجمع في الصلاة رخصًا مشروعة، ولكن لا تُمارس هذه الرخص دون فهم أو ضوابط، فالفهم الصحيح لأحكام الصلاة أثناء السفر هو الذي يجعل المسلم ملتزمًا دون مشقة، محافظًا على الفريضة دون أن يُثقل على نفسه.

دعوة للتفقه في أحكام الصلاة

وفي ختام تصريحاته، دعا الشيخ عويضة عثمان كل مسلم إلى التفقه في أمور الصلاة، وخاصة في الظروف الاستثنائية مثل السفر والمرض وغيرهما، لأن الصلاة عماد الدين وأساس العلاقة بين العبد وربه، ومن المؤسف أن يجهل البعض كيفية أداء الصلاة بشكل صحيح في السفر رغم كثرة الفتاوى والوسائل التوضيحية المتاحة، لذا فإن التعلم والسؤال عن أحكام الصلاة هو من الأمور التي يؤجر عليها المسلم، وهي جزء من واجب كل فرد تجاه دينه.