تمزق الرباط الصليبي الأمامي.. لماذا تُصاب اللاعبات به أكثر من اللاعبين؟
الصليبي الأمامي يعد من أكثر الأربطة التي تتعرض للتمزق في الملاعب الرياضية خاصة بين اللاعبات الإناث حيث تشير الدراسات الطبية إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بتمزق الرباط «الصليبي» الأمامي بمعدل يفوق الرجال بمقدار مرتين إلى ثماني مرات في بعض الرياضات مثل كرة القدم وكرة السلة واليد والكرة الطائرة ويعود هذا التفاوت في معدلات الإصابة إلى عدة عوامل بيولوجية وميكانيكية وسلوكية خاصة بجسم المرأة وطبيعة حركتها أثناء النشاط الرياضي.
ويثير هذا التفاوت تساؤلات عديدة حول أسباب ضعف الرباط «الصليبي» عند الإناث وما إذا كانت هناك استراتيجيات وقائية فعالة يمكن اتباعها لتقليل هذه النسبة المرتفعة من الإصابات التي كثيرًا ما تُنهي مسيرة اللاعبات في سن مبكرة.
ما هو الرباط الصليبي الأمامي؟
الرباط «الصليبي» الأمامي هو أحد الأربطة الرئيسية داخل مفصل الركبة ويتقاطع مع الرباط الصليبي الخلفي ليشكلان معًا دعامة أساسية لاستقرار الركبة أثناء الحركة خصوصًا في الحركات الدورانية أو التوقفات المفاجئة والقفزات والهبوط السريع.
عندما يتعرض الرباط «الصليبي» الأمامي للتمزق فإن المصاب يشعر غالبًا بصوت طقة قوية داخل الركبة يتبعها ألم حاد وتورم سريع وعدم القدرة على مواصلة اللعب أو المشي بشكل طبيعي وهذا النوع من الإصابات يتطلب عادة تدخلًا جراحيًا تليه فترة تأهيل تمتد لعدة شهور.
لماذا تصاب اللاعبات بتمزق الصليبي الأمامي أكثر من اللاعبين؟
أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة أن هناك عوامل متعددة تفسر ارتفاع نسبة إصابة النساء بتمزق الرباط «الصليبي» الأمامي مقارنة بالرجال وهذه العوامل تشمل:
الاختلافات الهرمونية حيث يلعب هرمون الإستروجين دورًا في تقليل قوة الأربطة لدى النساء مما يجعل الرباط «الصليبي» أكثر ليونة وأقل قدرة على مقاومة التمزق خاصة في فترات معينة من الدورة الشهرية
زاوية الحوض عند النساء تكون أكبر مقارنة بالرجال ما يؤثر على وضعية الركبة أثناء الجري والقفز ويزيد من احتمالية تعرض الرباط الصليبي للضغط الجانبي
نمط الهبوط حيث تميل النساء إلى الهبوط بوضعية ركبة مفرطة التمدد وقليلة الثني مقارنة بالرجال مما يزيد من الضغط على الرباط «الصليبي» الأمامي
قوة العضلات الداعمة مثل عضلات الفخذ الخلفية التي تكون في العادة أقل تطورًا عند الإناث مما يقلل من القدرة على حماية الرباط أثناء الحركة
الفروق العصبية العضلية وتشير إلى طريقة تفاعل العضلات والأعصاب مع الحركة حيث يكون لدى النساء استجابة مختلفة أثناء تغيير الاتجاه أو القفز مما يؤثر على استقرار مفصل الركبة
الرياضات التي تزيد خطر تمزق الصليبي
الرباط «الصليبي» الأمامي غالبًا ما يتمزق أثناء ممارسة رياضات تتطلب تغيرًا مفاجئًا في الاتجاه أو قفزًا متكررًا أو اصطدامًا مباشرًا وهذه الرياضات تشمل كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة والتنس.
وتزداد نسبة الخطورة في هذه الرياضات عندما تكون آلية التدريب غير متوازنة أو عند غياب التمارين الوقائية الخاصة بتقوية العضلات الداعمة للركبة وتدريب التوازن العصبي العضلي.
هل هناك طرق للوقاية من تمزق الرباط الصليبي؟
تشير الدراسات الحديثة إلى أن أكثر من نصف إصابات الرباط «الصليبي» يمكن الوقاية منها عبر اتباع برامج تدريبية خاصة تركز على:
تحسين نمط الحركة من خلال تدريب اللاعبات على طريقة القفز والهبوط بطريقة صحيحة
تقوية العضلات خاصة عضلات الفخذ والأرداف والهامسترينغ لتوفير دعم إضافي لمفصل الركبة
تمارين التوازن والتنسيق العصبي العضلي لرفع مستوى التحكم في الحركات الديناميكية
الاحماء الجيد قبل التمارين أو المباريات مما يقلل من احتمالات الإصابة
المراقبة الطبية الدورية خاصة للرياضيين المحترفين لرصد أي ضعف مبكر في أربطة الركبة
العلاج والتأهيل بعد تمزق الصليبي
عند الإصابة بتمزق في الرباط «الصليبي» الأمامي يتم تقييم الحالة من قبل طبيب العظام المختص لتحديد ما إذا كانت الجراحة ضرورية ويُوصى بالتدخل الجراحي في حال كانت المصابة رياضية محترفة أو إذا كانت الإصابة تسبب عدم استقرار واضح في مفصل الركبة.
بعد الجراحة تبدأ مرحلة التأهيل التي تستمر من ستة إلى تسعة أشهر وتشمل تمارين تقوية وتحسين التوازن واستعادة الحركة الطبيعية للمفصل ويعد الالتزام بخطة التأهيل من أهم العوامل التي تؤثر في عودة اللاعبة إلى الملاعب دون انتكاسات.
تأثير الإصابة على مستقبل اللاعبات
تمزق الرباط «الصليبي» الأمامي لا يعد فقط إصابة عضوية بل هو تجربة نفسية صعبة خاصة عند الإناث إذ تشير الإحصائيات إلى أن العديد من اللاعبات يقررن الاعتزال المبكر بسبب الخوف من تكرار الإصابة أو عدم استعادة الأداء الرياضي الكامل.
كما أن التعافي الكامل يتطلب دعمًا نفسيًا ومجتمعيًا وأسريًا لأن العودة إلى الملاعب تتطلب شجاعة وثقة بالنفس بالإضافة إلى دعم الفريق الطبي والإداري.
تبقى إصابة الرباط «الصليبي» الأمامي من التحديات الكبرى التي تواجه اللاعبات في مختلف الرياضات ومع أن النساء أكثر عرضة لهذه الإصابة إلا أن التقدم الطبي والبرامج التدريبية الوقائية يوفران حلولًا فعالة لتقليل معدلاتها والحد من آثارها على مسيرة اللاعبات ويجب أن يكون التوعية المستمرة والاهتمام بالتدريب الصحيح جزءًا أساسيًا من المنظومة الرياضية لضمان سلامة الركب والحفاظ على مواهب الملاعب النسائية
