رغم فوائدها للقلب والدماغ.. شرب القهوة بعد الظهر قد يضر صحتك

القهوة تعد من أكثر المشروبات استهلاكًا حول العالم إذ لا يكاد يخلو يوم الملايين من الناس من كوب صباحي دافئ يمدهم بالطاقة والنشاط، ويعزز من تركيزهم وانتباههم، ولعل الدراسات الطبية قد أجمعت على أن «القهوة تلعب دورًا مهمًا في حماية القلب والدماغ» من العديد من الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر مثل الزهايمر والخرف وأمراض الشرايين إلا أن بعض الخبراء حذروا من عادة شربها بعد الظهر لما لها من آثار جانبية قد تقلب فوائدها إلى أضرار كامنة.

القهوة وتأثيرها الإيجابي على صحة القلب

تشير الأبحاث إلى أن القهوة تحتوي على مضادات أكسدة قوية تقلل من الالتهابات وتدعم صحة الأوعية الدموية، كما أنها تسهم في تقليل خطر الإصابة ببعض أمراض القلب مثل السكتة القلبية والرجفان الأذيني، فبفضل مركب «البوليفينول» الموجود فيها تساعد القهوة على تحسين الدورة الدموية وخفض نسبة الكوليسترول الضار، غير أن هذه الفوائد تعتمد بشكل أساسي على الكمية التي تُشرب يوميًا وعلى توقيت تناولها.

ورغم هذه «الفوائد القلبية الكبيرة» إلا أن شرب القهوة بعد فترة الظهيرة قد يحمل آثارًا عكسية بسبب ما تسببه من تنشيط مفرط للجهاز العصبي ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المؤقت وتزايد معدل ضربات القلب خاصة لدى الأشخاص الحساسين للكافيين.

القهوة والدماغ.. حماية من الزهايمر مع تحفظات

لا يخفى على أحد أن «القهوة تحفز الانتباه وتقلل من الشعور بالإرهاق الذهني» بفضل مادة الكافيين التي تؤثر على مستقبلات الأدينوزين في الدماغ، مما يؤدي إلى حالة من اليقظة العالية والتركيز الحاد، وقد أظهرت بعض الدراسات أن تناول القهوة بانتظام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالزهايمر بنسبة تصل إلى 65% في بعض الحالات.

ومع ذلك فإن «تناول القهوة في أوقات متأخرة من اليوم قد يؤثر سلبًا على جودة النوم» وهو العامل الأهم لصحة الدماغ على المدى الطويل، فقلة النوم تقلل من قدرة الدماغ على التخلص من السموم وتضعف وظائف الذاكرة والتركيز، مما يجعل توقيت تناول القهوة عنصرًا حاسمًا في الاستفادة من منافعها دون الإضرار بالدماغ.

شرب القهوة بعد الظهر.. عادة محفوفة بالمخاطر

رغم فوائد القهوة المثبتة إلا أن «تناولها بعد الثانية ظهرًا» قد يؤدي إلى اضطراب في الساعة البيولوجية للجسم ويقلل من جودة النوم الليلي، إذ أن الكافيين يحتاج ما بين ٦ إلى ٨ ساعات ليتم التخلص منه من مجرى الدم، وبالتالي فإن تناول كوب قهوة في وقت متأخر قد يظل تأثيره نشطًا حتى وقت النوم.

وقد أكد باحثون من جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين يشربون القهوة بعد الظهر يعانون من صعوبات في النوم تصل إلى تأخير وقت النوم بمعدل ٤٥ دقيقة مع تقليل فترات النوم العميق الضروري لترميم الجسم والعقل، وبالتالي فإن هذه العادة قد تؤدي مع الوقت إلى تراكم «الإرهاق المزمن» والضعف الذهني والمزاج المتقلب.

القهوة والنوم.. خصمان لا يجتمعان

إن تناول القهوة بعد منتصف النهار قد يؤدي إلى «انخفاض نوعية النوم حتى وإن لم يُشعر الشخص بالأرق بشكل مباشر»، فالكافيين يظل نشطًا في النظام العصبي ويمنع الجسم من الدخول في مراحل النوم العميق بسهولة، مما ينعكس على مستوى النشاط في اليوم التالي ويؤثر على المزاج العام ومستوى الإنتاجية.

وقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة النوم الأمريكية أن شرب القهوة قبل ٦ ساعات فقط من وقت النوم أدى إلى تقليل وقت النوم الفعلي بنحو ساعة كاملة لدى بعض المشاركين، حتى وإن لم يشعروا بصعوبة في النوم مما يعني أن القهوة قد تؤثر بشكل غير محسوس في كثير من الحالات.

بدائل ذكية في فترات ما بعد الظهر

إذا كنت من محبي القهوة وتجد صعوبة في التخلي عنها تمامًا في فترة بعد الظهر يمكنك التفكير في بدائل ذكية مثل «القهوة منزوعة الكافيين» التي تمنحك الطعم والراحة النفسية دون تأثيرات منبهة أو يمكنك التحول إلى شاي الأعشاب أو المشروبات الدافئة الخالية من الكافيين مثل شاي النعناع أو البابونج.

ومن المهم أن تتبع إشارات جسدك فإذا شعرت بأن نومك يتأثر سلبًا رغم أنك لا تتناول القهوة ليلًا فقد يكون السبب هو شربها بعد العصر أو المغرب لذا يفضل تقنين توقيتها قبل الثالثة ظهرًا على أقصى تقدير.

توازن القهوة سر الاستفادة

من المؤكد أن القهوة مشروب مفيد وذو قيمة غذائية وصحية عالية عند تناوله باعتدال وفي الوقت المناسب، «فالفوائد التي تقدمها لصحة القلب والدماغ» تتطلب وعيًا بطريقة الاستخدام وعدم الإفراط في الكمية أو توقيت الشرب.

فكما أن الصباح هو الوقت الذهبي لشرب القهوة فإن ساعات المساء يجب أن تبقى خالية من الكافيين حتى لا تؤثر على النوم والصحة العصبية والنفسية، لذا فإن القاعدة الذهبية التي ينصح بها الأطباء هي: «اشرب القهوة لتحيا لا لتسهر».