فتاة ترتدي الحجاب ثم تخلعه.. «أمين الفتوى» يرد على التساؤلات

الحجاب هو الفريضة التي كثيرًا ما تكون محل نقاش بين الناس، وقد ورد سؤال إلى الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية حول ما حكم الفتاة التي ترتدي الحجاب ثم تخلعه بعد فترة أو تترك الصلاة، وكان رد أمين الفتوى مفعمًا بالرحمة والفهم العميق لجوهر الشريعة، حيث أكد أن التعامل مع مثل هذه القضايا لا يكون بالقسوة أو التسرع في إصدار الأحكام، وإنما يكون بالفهم والاحتواء والبحث عن الظروف التي دفعت الفتاة إلى اتخاذ مثل هذا القرار.
الرفق منهج النبي في التعامل مع المخطئ
أوضح أمين الفتوى أن الرفق هو السبيل الصحيح في التعامل مع من يقع في خطأ أو ذنب، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ عندما جاءه شاب يستأذنه في ارتكاب معصية كبيرة لم يوبخه أو يعنفه، بل سأله بحكمة: «أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟» حتى اقتنع الشاب دون تهديد أو قسوة، وهكذا يجب أن يكون موقفنا مع من تتراجع عن الحجاب أو عن غيره من مظاهر الطاعة، لأن الهدف هو الإصلاح لا الإدانة.
الحجاب والتكليفات الشرعية
أكد الشيخ أحمد وسام أن التكليفات الشرعية جاءت لتبني الأخلاق وتحفظ الدين والكرامة، والنبي ﷺ قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وبالتالي لا يجوز أن نحكم على فتاة بالنفاق أو الفسق لمجرد أنها خلعت الحجاب بعد فترة، فقد تكون هناك ظروف نفسية أو اجتماعية أو فكرية دفعتها إلى ذلك، وربما تأثرت بصحبة غير صالحة أو بتأثير وسائل الإعلام، ومن هنا يصبح دور المجتمع هو الاحتواء والنصيحة لا إصدار الأحكام.
خطأ التربص بالآخرين
انتقد أمين الفتوى ظاهرة التربص بالآخرين والسعي وراء أخطائهم لإظهار التفوق الذاتي أو التقوى الزائفة، وأوضح أن النصيحة في الإسلام هدفها مصلحة المخطئ لا فضحه أو التشهير به، وذكر أن «الحجاب» ليس مجرد قطعة قماش بل هو التزام يحتاج إلى دعم ومساندة من الأسرة والمجتمع، ومن الخطأ أن يتحول إلى سلاح لاتهام الناس أو الانتقاص منهم.
الحجاب وتجربة النبي مع أبي محذورة
ضرب أمين الفتوى مثالًا مؤثرًا من فتح مكة عندما كان بعض الشباب يسخرون من الأذان، وكان بينهم شاب يُدعى أبو محذورة يقلد المؤذن بصوت حسن، فبدل أن يعاقبه النبي ﷺ احتواه وأثنى على صوته وقال له: «صوتك جميل.. أنت مؤذن مكة»، فخرج الشاب وهو يحب النبي أكثر من أي أحد آخر، وهذه القصة تعكس أن الدعوة لا تكون بالقسوة وإنما بالحكمة، وهو ما ينطبق على قضية الحجاب أيضًا، فبدل أن نهاجم الفتاة ينبغي أن نرشدها باللين حتى تستعيد التزامها.
الحجاب وتأثير الإعلام
لفت أمين الفتوى إلى أن كثيرًا من الشباب والفتيات يتأثرون بما يرونه على الهواتف المحمولة والتطبيقات الحديثة، وهذه الوسائل تنقل أفكارًا وصورًا قد تزعزع الالتزام بالحجاب أو غيره من الفرائض، مشددًا على أن الحل لا يكمن في العنف اللفظي أو التشهير، وإنما في الفهم والاحتواء، وعلى الأسرة أن تلعب دورًا أساسيًا في توعية أبنائها وبناتها، لأنهم يواجهون تيارًا شديدًا من المؤثرات الخارجية.
المنهج الصحيح في التعامل مع خلع الحجاب
قال أمين الفتوى إن المطلوب هو التفكير في العلاج لا إصدار الأحكام، لأن الهدف من الدعوة هو الهداية والإصلاح لا إدانة الناس، وإن «الحجاب» يظل فريضة واجبة لكن خلع الحجاب لا يبرر القطيعة أو الهجوم، بل يجب أن يكون التعامل بالرفق والرحمة والدعاء بالهداية، لأن الهداية بيد الله وحده، وقد يهدي الله الفتاة في أي لحظة، لذلك علينا أن نقتدي بالمنهج النبوي القائم على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.
الحجاب وعلاقة المجتمع بالملتزمين به
أوضح الشيخ أحمد وسام أن بعض المجتمعات تنظر إلى الحجاب وكأنه معيار، في حين أن الحجاب جزء من منظومة أوسع من الطاعات، وأن الأصل في الدعوة أن تكون شاملة لكل القيم الإسلامية من صلاة وصدق ورحمة وأمانة، فلا يجوز أن نجعل من الحجاب وحده مقياسًا للحكم على إيمان الناس أو صلاحهم، لأن الله وحده يعلم ما في القلوب، بينما دورنا هو التشجيع والدعاء والاحتواء.
الدعوة بالحكمة لا بالعنف
في ختام حديثه أكد أمين الفتوى أن المعاصي لا تُعالج بالقسوة، بل بالفهم والرحمة، وأن «الحجاب» رغم كونه فريضة فإنه يحتاج إلى مناخ يساعد على الالتزام به، ومن هنا فإن دور المجتمع هو دعم الفتاة وتشجيعها لا محاكمتها، داعيًا الجميع إلى أن يتأسوا بمنهج النبي ﷺ القائم على الرحمة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يتذكروا أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من القلوب قبل المظاهر.