سر الأرق الليلي.. ضوء الهاتف يعطل «هرمون النوم»

النوم أصبح قضية تشغل الكثير من الناس في العصر الحديث حيث تتزايد الشكاوى من «الأرق الليلي» الذي يمنع الحصول على ساعات كافية من الراحة ويؤثر على الصحة العامة، ويأتي «ضوء الهاتف» في مقدمة الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب «النوم» وتعطيل آلية الجسم الطبيعية في إنتاج «هرمون النوم» المعروف باسم الميلاتونين، هذا الهرمون هو المسؤول عن ضبط إيقاع الساعة البيولوجية في جسم الإنسان، وعندما يتأثر إنتاجه تبدأ مشاكل «النوم» في الظهور بشكل واضح.
ضوء الهاتف وأثره على هرمون النوم
يشير خبراء الصحة إلى أن «ضوء الهاتف» ينبعث من شاشات الهواتف الذكية على شكل ضوء أزرق قوي يتسلل إلى العين حتى في الظلام، هذا الضوء الأزرق يرسل إشارات إلى المخ تفيد بأن الوقت ما زال نهارًا، فيتوقف الجسم عن إفراز «هرمون النوم» اللازم للخلود إلى الراحة، ونتيجة لذلك يعاني الشخص من صعوبة في «النوم» العميق ويستغرق وقتًا أطول للدخول في مراحل «النوم» المختلفة، هذا التداخل مع الساعة البيولوجية لا يؤخر فقط لحظة الإغفاء بل يقلل من جودة «النوم» طوال الليل، الأمر الذي يترك آثارًا سلبية على الصحة الجسدية والعقلية في اليوم التالي.
العلاقة بين النوم والصحة العامة
يؤكد الأطباء أن نقص «النوم» الجيد يؤدي إلى تراجع التركيز وضعف الذاكرة وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، كما يسبب قلة «النوم» زيادة في هرمونات التوتر مثل الكورتيزول ما يرفع من مستويات القلق، هذه التأثيرات تجعل من الضروري حماية «النوم» والحفاظ على بيئة مظلمة وهادئة قبل الخلود إلى الفراش، فعندما يحصل الجسم على «النوم» الكافي يصبح قادرا على إصلاح الخلايا وتنظيم الهرمونات والحفاظ على الوزن المثالي.
نصائح لتقليل أثر ضوء الهاتف
يوصي خبراء «النوم» بعدة خطوات عملية لتقليل أثر «ضوء الهاتف» على صحة الإنسان، منها إيقاف استخدام الهواتف الذكية قبل ساعة على الأقل من موعد «النوم» واستخدام خاصية الوضع الليلي أو مرشحات الضوء الأزرق لتقليل الإشعاع المنبعث من الشاشة، كما ينصح بترك الهاتف خارج غرفة «النوم» أو وضعه في مكان بعيد عن السرير حتى لا يكون في متناول اليد، كذلك يُفضل استبدال التصفح الليلي بقراءة كتاب ورقي أو ممارسة تمارين الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق لإعداد الجسم والعقل للدخول في «النوم» العميق.
بدائل صحية للتقنيات الحديثة
يشدد الأطباء على أهمية العودة إلى عادات مسائية صحية مثل تناول مشروبات دافئة خالية من الكافيين وتجنب الوجبات الثقيلة قبل «النوم»، إضافة إلى تهيئة غرفة «النوم» بدرجة حرارة مناسبة وإضاءة خافتة أو مظلمة بالكامل، كما أن ممارسة الرياضة بانتظام خلال النهار تساهم في تحسين جودة «النوم»، مع ضرورة تجنب التمارين الشاقة في الساعات المتأخرة من الليل، كل هذه الممارسات تعزز إنتاج «هرمون النوم» بشكل طبيعي وتساعد على استعادة التوازن الجسدي والذهني.
دور التكنولوجيا الحديثة في تحسين النوم
رغم أن الهواتف سبب رئيسي في اضطراب «النوم» إلا أن التكنولوجيا الحديثة تقدم أيضًا أدوات يمكن أن تساعد على تحسينه، مثل التطبيقات التي ترصد أنماط «النوم» وتقترح أوقاتًا مثالية للخلود للفراش، وأجهزة الإضاءة الذكية التي تخفت تدريجيًا لمحاكاة غروب الشمس، لكن يظل الأساس هو وعي الفرد بخطورة الإفراط في استخدام الهواتف قبل «النوم» والعمل على وضع حدود واضحة لاستخدامها في المساء.
أهمية التوعية المجتمعية
ينبه المختصون إلى ضرورة حملات توعية مجتمعية تشرح مخاطر «ضوء الهاتف» وأثره على «هرمون النوم»، خاصة بين الشباب والأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، فالتثقيف المبكر حول أهمية «النوم» الجيد وطرق الحفاظ عليه يساهم في تقليل معدلات الأرق ويحسن الصحة العامة على المدى الطويل، كما يشجع على تبني عادات مسائية أكثر توازنًا تحمي الساعة البيولوجية من الاضطراب.
استمرار السهر أمام الهواتف الذكية يؤدي إلى تعطيل «هرمون النوم» وبالتالي إضعاف قدرة الجسم على الحصول على الراحة الكافية، ولذا يجب اعتبار «النوم» أولوية لا تقل أهمية عن الغذاء والرياضة، فالحفاظ على «النوم» العميق والمستمر هو حجر الأساس لصحة عقلية وجسدية قوية، ولا يتحقق ذلك إلا عبر الحد من «ضوء الهاتف» والالتزام بروتين يومي يضمن الظلام والهدوء الضروريين لإفراز «هرمون النوم» الطبيعي.