الإثنين 20 أكتوبر 2025 الموافق 28 ربيع الثاني 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

اقترض لأداء الحج ولم يسدد.. فهل يقبل حجه؟

الحج
الحج

يُعد «الحج» من أعظم العبادات التي فرضها الله على عباده المستطيعين، فهو ركن من أركان الإسلام الخمسة، تتجلى فيه مظاهر الإيمان والخضوع والطاعة، ومع حلول موسم «الحج» تتكرر الأسئلة التي تتعلق بالأحكام المرتبطة به، ومنها سؤال شائع ورد إلى الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف حول رجل «اقترض للحج والعمرة ولم يسدد ولم يزر قبر النبي»، وهو ما دفع الشيخ إلى توضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة التي تهم كثيرين ممن يؤدون الفريضة أو ينوون أداءها.

الاقتراض لأداء «الحج» وحكمه الشرعي

في بداية الإجابة أوضح الدكتور علي جمعة أن أداء «الحج» لا يُشترط فيه أن يكون المال المستخدم خاليًا من الديون ما دام صاحبه قد أدى المناسك على وجهها الصحيح، مبينًا أن صحة «الحج» تتعلق باستكمال أركانه وشروطه لا بمصدر المال ما لم يكن المال حرامًا، وأضاف أن السائل قد ذكر أنه اقترض من أخيه المقيم في السعودية مبلغًا من المال قدره خمسمائة ريال أثناء أداء مناسك الحج عام 1991 ولم يسدده حتى وفاة أخيه، وله أولاد يرثونه، كما أنه اقترض سابقًا مبلغًا آخر قدره ثمانمائة ريال سنة 1988 ليؤدي العمرة ولم يسدد كذلك، فهل يؤثر ذلك على صحة «الحج» والعمرة؟.

صحة «الحج» رغم وجود دين

بيّن الدكتور علي جمعة أن «الحج» الذي أُدي بأركانه كاملة وشروطه الصحيحة هو حج مقبول بإذن الله، وأن الدين لا يبطل العبادة، موضحًا أن الزيارة إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة مؤكدة يُثاب فاعلها ثوابًا عظيمًا، ولكن تركها لا يُفسد «الحج» ولا العمرة، لأن زيارة النبي ليست من أركان «الحج»، وإن كان في تركها جفاءٌ كما ورد في الحديث الشريف، مؤكداً أن الله يتقبل العمل إذا استوفى شروطه الشرعية، وأن الدَّين يجب سداده لأصحابه متى أمكن ذلك، فحقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء، فإن كان أولاد الأخ قد أبرؤوه من الدين فلا حرج عليه، أما إن لم يفعلوا فعليه السداد.

الاستطاعة وشرط وجوب «الحج»

وأوضح الدكتور علي جمعة أن «الاستطاعة» هي شرط من شروط وجوب «الحج» على المسلم، لكنها ليست شرطًا في صحة وقوع «الحج» نفسه، فالمسلم غير المستطيع لا يجب عليه الحج، لكن إن تكلّف وسافر وأداه صح حجه، مشيرًا إلى أن شروط صحة الحج أربعة فقط وهي الإسلام والبلوغ والتمييز والحرية، وليست من بينها الاستطاعة، وبالتالي فإن من استدان لأداء الفريضة فقد صح حجه رغم أن الأولى أن لا يُكلف الإنسان نفسه ما لا يطيق.

زيارة قبر النبي ليست من أركان «الحج»

وفيما يخص ترك السائل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أكد الدكتور علي جمعة أن الزيارة سنة عظيمة يُثاب عليها المسلم ثوابًا عظيمًا، لما فيها من تعظيم لرسول الله وصلة بالروحانية الإيمانية، ولكنها ليست ركنًا من أركان «الحج»، فمن لم يزر النبي فحجه صحيح بإجماع العلماء، غير أن ترك الزيارة فيه نوع من الجفاء للنبي الكريم، مشددًا على أن الزيارة تُعد من أجمل ما يختتم به الحاج رحلته الروحية في المدينة المنورة، حيث يقف المسلم أمام قبر خير البشر صلوات الله وسلامه عليه داعيًا ومتعظًا ومتذكرًا أن رسالته كانت رحمة للعالمين.

حكم سفر المرأة لأداء «الحج» بدون محرم

وفي سياق متصل، ورد سؤال آخر إلى دار الإفتاء المصرية عن حكم سفر المرأة لأداء «الحج» مع ابن عمها وزوجته، فأجابت الدار بأن المذهب الحنفي ينص على أن المرأة لا تخرج لأداء فريضة «الحج» إلا مع زوج أو محرم، ولو كانت عجوزًا، واستندوا في ذلك إلى الحديث الشريف الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «ولا تسافر المرأة ثلاثًا إلا ومعها محرم»، وهو نهي صريح عن السفر الطويل للمرأة دون محرم، ومع ذلك فقد أشار مذهب الشافعية إلى أن المرأة يجوز لها أن تحج إذا أمنت على نفسها ولو بدون محرم، بل ويكفي أن تصحب امرأة واحدة مأمونة.

الإفتاء توضح الموقف العملي

أوضحت دار الإفتاء أن الأخذ بمذهب الشافعية في زماننا جائز لما فيه من التيسير ورفع الحرج، خاصة مع توفر الأمن ووسائل النقل الحديثة، فإذا كانت المرأة في رفقة مأمونة ومعها زوجة ابن عمها أو صديقة موثوقة فلا مانع من سفرها لأداء «الحج»، لأن الإسلام دين يسر لا عسر فيه، وأداء «الحج» فريضة عظيمة لا ينبغي تأخيرها متى توافرت القدرة والأمان.

الحج بين الفريضة والنية الصادقة

تؤكد النصوص الشرعية أن نية المسلم وإخلاصه في أداء «الحج» لهما مكانة عظيمة، فالمسلم إذا أدى المناسك بنية صادقة مخلصة لله فإن الله يتقبل عمله، حتى لو كان قد استدان ليؤدي الفريضة، طالما لم يكن في ذلك ظلم أو أكل لحقوق الناس، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والنية الصادقة تُرجى بها المغفرة، ومع ذلك فإن رد الحقوق إلى أهلها واجب شرعي لا يسقط بالتوبة أو الحج.

«الحج» عبادة تجمع بين الجهد الجسدي والصفاء الروحي، وكل من أداها بنية صادقة وأركان صحيحة فله الأجر العظيم، ولا يؤثر الدين على صحتها، غير أن أداء الحقوق واجب بعد العودة منها، كما أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عظيمة لكنها ليست شرطًا في القبول، وأما المرأة التي ترغب في «الحج» فلتتأكد من أمن الطريق ورفقة الصالحين، وبذلك يتحقق معنى الاستطاعة الذي دعا إليه الإسلام.

تم نسخ الرابط