الإثنين 27 أكتوبر 2025 الموافق 05 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل المتوفى بحادث طريق يُعد شهيدا؟ الإفتاء تجيب

الإفتاء المصرية
الإفتاء المصرية

أكدت «الإفتاء المصرية» أن من يموت في حوادث الطرق يُعد من «شهداء الآخرة» إذا كانت وفاته نتيجة إصابات الحادث دون تعمد أو تفريط في الأخذ بأسباب السلامة، إذ توضح «الإفتاء» أن الحكم الشرعي في هذه الحالة يقوم على نية الشخص وظروف الحادث ومدى التزامه بوسائل الوقاية، مشيرة إلى أن الله وحده يعلم النيات ويجازي العباد بما في صدورهم، ولذلك فإن مسألة الحكم على من يموت في حادث طريق تتطلب التفريق بين الوفاة القدرية والوفاة الناتجة عن الإهمال أو التعمد.

حكم المتوفى في حوادث الطرق

قالت «الإفتاء» إن من يتوفى في حادث طريق دون تقصير منه يُعتبر شهيدًا في الآخرة، ويحصل على أجر الشهداء لما تحمله من آلام ومعاناة نتيجة الإصابات، مؤكدة أن «الإفتاء» ترى أن هذا الحكم لا ينطبق على من يتسبب في الحادث عمدًا أو يتهاون في اتباع وسائل الأمان، لأن الإسلام أمر بالحفاظ على النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وشددت «الإفتاء» على أن حياة الإنسان أمانة في عنقه يجب أن يحافظ عليها بكل الوسائل الممكنة.

تفرقة الإفتاء بين أنواع الشهداء

أوضحت «الإفتاء» أن الشهداء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام أساسية، أولها «شهيد الدنيا والآخرة» وهو الذي يُقتل في المعركة دفاعًا عن الدين والوطن كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله»، وهذا النوع من الشهادة هو الأعظم منزلة عند الله، لأنه جمع بين أجر الدنيا والآخرة، ويُعامل في الدنيا معاملة خاصة فلا يُغسل ولا يُكفن كغيره.

أما القسم الثاني فهو «شهيد الدنيا» وهو من يُقتل في الحرب أو الصراع لكنه يقاتل رياءً أو لغرض دنيوي وليس لإعلاء كلمة الله، فله أحكام الشهيد في الدنيا لكنه لا يُجازى في الآخرة بمقام الشهداء، بينما القسم الثالث هو «شهيد الآخرة» وهو من يموت في ظروف معينة كالغرق أو الحريق أو الهدم أو الطاعون أو الحوادث المؤلمة ومنها حوادث الطرق، فهؤلاء لهم أجر الشهادة في الآخرة وإن جرت عليهم أحكام الموتى العاديين من تغسيل وصلاة ودفن.

الاستدلال من السنة النبوية

استدلت «الإفتاء» بما ورد عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «الشهداء خمسة، المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله»، مبينة أن هذا الحديث الشريف يؤكد أن رحمة الله واسعة وأن منزلة الشهادة لا تقتصر على من يموت في ساحة القتال فقط، بل تمتد إلى من يلقى حتفه في ظروف فيها ألم وصبر واحتساب.

نية الشخص أساس الحكم

أكدت «الإفتاء» أن النية هي العامل الأهم في الحكم على من يموت في حادث، فإذا كان الحادث قضاءً وقدرًا ولم يكن المتوفى سببًا فيه أو مقصرًا في اتخاذ إجراءات الأمان فإنه يُرجى له أجر الشهيد في الآخرة، أما إذا كان متعمدًا أو متهورًا أو أراد بفعله إيذاء نفسه أو غيره فالأمر يختلف تمامًا، لأن الله عز وجل قال في كتابه الكريم «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا»، وهو ما يجعل النية والسبب معيارين أساسيين في تحديد نوع الشهادة.

نظرة الإفتاء إلى قيمة الحياة

توضح «الإفتاء» أن الإسلام دين يحث على الحفاظ على النفس البشرية لأنها من أعظم مقاصد الشريعة، فحياة الإنسان لها حرمة لا يجوز انتهاكها بأي شكل، ولهذا فإن الالتزام بقواعد المرور واتباع تعليمات الأمان من الأمور التي تدخل في باب الواجب الشرعي لأنها تحفظ الأرواح وتمنع وقوع الأذى، كما شددت «الإفتاء» على أن من يتهاون في ذلك يكون آثمًا لأنه تسبب في إزهاق نفسه أو أرواح الآخرين.

مفهوم الشهادة عند الإفتاء

ذكرت «الإفتاء» أن الشهادة ليست مجرد موت في ظرف معين، بل هي حالة من الصبر والاحتساب والصدق في النية، فالله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما في القلب من إخلاص، ومن هنا تأتي عظمة منزلة الشهداء الذين احتسبوا آلامهم وصبروا على الابتلاءات، مشيرة إلى أن من مات في حادث مؤلم دون ذنب أو تفريط فإن الله يعوضه خيرًا ويمنحه أجر الشهداء في الآخرة، لأن «الإفتاء» ترى أن رحمة الله أوسع من أن تُحصر في ميدان القتال فقط.

دعاء الإفتاء للمتوفين في الحوادث

تحث «الإفتاء» المسلمين على الدعاء للمتوفين في الحوادث بالرحمة والمغفرة، ومن الأدعية المأثورة التي ذكرتها «الإفتاء» ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس»، مؤكدة أن الدعاء للميت من أفضل ما يُهدى إليه لأنه يصل إليه أجره وينفعه في قبره.

الإفتاء ودورها في التوضيح الديني

تؤكد «الإفتاء» دائمًا على دورها في توضيح الأحكام الشرعية التي تهم الناس في حياتهم اليومية، وخاصة المسائل التي ترتبط بالموت والشهادة، لأن مثل هذه القضايا تُثير تساؤلات كثيرة في المجتمع، وقد شددت «الإفتاء» على أن الفهم الصحيح للدين يحفظ المجتمع من المفاهيم المغلوطة، ويدفع الناس إلى التحلي بالصبر والإيمان عند مواجهة الابتلاءات، معتبرة أن الشهادة نعمة من الله لا ينالها إلا من كتب له الصدق والاحتساب.

يبقى رأي «الإفتاء» في هذا الشأن واضحًا ومبنيًا على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وهو أن من يموت في حادث طريق دون تفريط منه يُعد من «شهداء الآخرة»، وأن الله سبحانه وتعالى يجزيه على صبره وابتلائه، أما من تسبب في ذلك بإهمال أو قصد فحسابه على الله وحده، لأن النية هي الفيصل في كل عمل، ولهذا تحث «الإفتاء» الجميع على الالتزام بالقوانين المرورية وتوخي الحذر أثناء القيادة حفاظًا على النفس التي أمرنا الله بصيانتها، وتؤكد أن الأمل في رحمة الله هو الملاذ لكل من فقد عزيزًا في حادث طريق، فالله أرحم بعباده من أنفسهم.

تم نسخ الرابط