حكم تصدق الزوجة من مال الزوج.. الإفتاء تجيب
الإفتاء تؤكد أن «الزوجة لا يجوز لها أن تتصدق من مصروف البيت دون إذن زوجها» لأن المال في الأصل ملك للزوج، فقد تناول الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية هذا الموضوع خلال لقاء تلفزيوني أجاب فيه على سؤال ورد من سيدة تُدعى زينب تسأل فيه عن حكم تصرفها في المال الذي يتبقى معها من مصروف البيت دون علم زوجها، وما إذا كان لها ثواب في التصدق منه، فجاء رد الإفتاء حاسمًا وواضحًا.
موقف الإفتاء من تصرف الزوجة في مصروف البيت
قال الدكتور محمود شلبي إن «المال الذي يخص مصروف البيت يظل ملكًا للزوج»، لأن الزوج هو من خصص هذا المال لغرض واضح ومحدد وهو تسيير شؤون المنزل وتغطية احتياجات الأسرة اليومية، وبالتالي فإن الزوجة تُعتبر وكيلة عن زوجها في إدارة هذا المال وليس من حقها أن تتصرف فيه بالادخار أو التبرع أو أي شكل من أشكال الإنفاق غير المتفق عليها إلا بعد الحصول على إذن صريح منه، وأضافت الإفتاء أن التصرف في هذا المال دون إذن يُعد تجاوزًا في ملك الغير، وهو ما لا يجيزه الشرع.
وتوضح الإفتاء أن العلاقة الزوجية قائمة على الثقة والاحترام، ولكنها في الوقت ذاته لا تُلغي الحقوق المالية، فالزوجة مأمورة شرعًا بالحفاظ على مال زوجها وعدم التصرف فيه إلا بما أُذن لها به، لأن هذا المال ليس ملكًا خالصًا لها بل هو وديعة أُعطيت لها لتدير بها شؤون البيت.
متى يصبح المال ملكًا للزوجة؟
أوضحت الإفتاء أنه في حال منح الزوج لزوجته تصريحًا مباشرًا أو تلميحًا واضحًا مثل قوله «اللي يفضل من المصروف خديه ليكي»، فإن المال الذي يتبقى بعد الإنفاق يصبح ملكًا للزوجة، ويجوز لها في هذه الحالة أن تتصدق منه أو تدخره كما تشاء، لأن الإذن قد تحقق والملكية قد انتقلت إليها بإرادة الزوج، وأكد الدكتور شلبي أن «الإذن» هو الأساس الذي يُبنى عليه الحكم في مثل هذه المسائل، فالشرع لا يجيز التصرف في مال الغير إلا بإذن صريح أو قرينة تدل على الرضا.
وأضافت الإفتاء أن قاعدة الشريعة تقول «الإذن خلاف الأصل»، أي أن الأصل هو عدم جواز التصرف إلا بإذن، فإذا وُجد الإذن أو ظهرت قرينة واضحة عليه صار التصرف جائزًا ومشروعًا، وأما في غيابه فيُعد التصدق أو الادخار من المال الخاص بالزوج تصرفًا غير جائز شرعًا.
متى يُعد سكوت الزوج إذنًا؟
بينت الإفتاء أن السكوت من الزوج لا يُعد إذنًا إلا في حالات محددة، كأن تُخبره الزوجة صراحة أمامه بأنها ستتصدق بمبلغ معين ويسكت هو رغم قدرته على الاعتراض، فهنا يُعتبر سكوته دلالة على الرضا والإذن، أما إذا لم يُبدِ رأيًا أو لم يكن على علم بالتصرف من الأساس، فلا يجوز للزوجة أن تفترض رضاه، لأن ذلك يُعد تعديًا على ماله.
وأضافت الإفتاء أن «السكوت لا يُعتبر إذنًا إلا إذا وُجدت قرينة واضحة»، مثل علم الزوج وموافقته الضمنية، أما غير ذلك فلا يعتد به، لأن الشرع قائم على الوضوح في المعاملات المالية، وليس على الظنون أو التقديرات.
الإفتاء تحذر من غياب الصراحة بين الزوجين
حذرت الإفتاء من أن غياب الصراحة أو الحوار بين الزوجين في الأمور المالية قد يؤدي إلى سوء فهم ومشكلات أسرية لا حصر لها، مؤكدة أن الوضوح والشفافية هما الأساس في إدارة المال داخل الأسرة، وأن «النية الطيبة» لا تُغني عن الالتزام بالأحكام الشرعية، لأن التصرفات المالية تحتاج إلى إذن واضح من صاحب المال، فالزوجة وإن كانت تنوي الخير أو التصدق ابتغاء وجه الله، إلا أن الشرع يوجب أن يكون ذلك من مالها الخاص أو من مال زوجها بإذنه.
وأكدت الإفتاء أن الثواب الحقيقي لا يتحقق إلا إذا كان العمل خالصًا لله وعلى الوجه الصحيح، مشيرة إلى أن تصرف الزوجة في مال زوجها دون إذنه ليس عملًا صالحًا، حتى وإن كان في سبيل الخير، لأن المال لا يملكه إلا صاحبه.
نصيحة الإفتاء للزوجات
وجهت الإفتاء نصيحة إلى جميع الزوجات بضرورة التواصل مع أزواجهن في كل ما يخص المال، وأن يحرصن على استئذانهم قبل التصرف في أي مبلغ زائد عن احتياجات البيت، لأن الإذن الصريح يرفع الحرج ويجعل التصدق عملًا مقبولًا عند الله، كما أن هذا الحوار يعزز الثقة بين الطرفين ويُجنب الخلافات التي قد تنشأ بسبب المال.
كما شددت الإفتاء على أن الزوجة إن كانت ترغب في الأجر والثواب فلها أن تتصدق من مالها الشخصي أو مما أذن لها زوجها به، فبهذا تتحقق النية الصادقة ويُكتب لها الأجر الكامل، أما التصدق دون إذن فهو «تصرف في غير الملك» ولا يجوز شرعًا.
الإفتاء توضح أهمية النية الصحيحة
ذكرت الإفتاء أن النية الصالحة وحدها لا تكفي إذا لم يُصاحبها الالتزام بالحكم الشرعي، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بأن تكون النية خالصة والعمل صحيحًا، وقالت الإفتاء إن من يتصدق بمال لا يملكه كمن يتبرع بما ليس له حق فيه، فلا يُثاب على هذا الفعل بل يُحاسب عليه لأنه تجاوز حدود الشرع.
واختتمت الإفتاء توضيحها بالتأكيد على أن حفظ المال من مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن احترام حقوق الملكية من أهم ركائز العلاقات الزوجية، وأن الزوجة الصالحة هي التي تُراعي حق زوجها وتستأذنه فيما يخص ماله، وأن الزوج بدوره ينبغي أن يكون كريمًا في عطائه واضحًا في إذنه حتى تسود المودة والرحمة في الحياة الزوجية.



