استغلال الأراضي في مصر "العصر البطلمي"
الكاتب-وليد محمود
اعتبر البطالمة أرض مصر غنيمة حرب لهم، وأن حقهم في هذه الأرض هو حق الفتح، إلا أن التبرير الذي قدمه البطالمة للمصريين هو أن هذا الحق آل إليهم بموجب اتفاق تم بين الآلهة وبين الإسكندر المقدوني مؤسس الدولة، وفى محاولة لتنظيم استغلال تلك الأرض احتفظت الدولة بحق ملكية الرقبة على معظم أراضى البلاد، وكانت أراضى التاج تمثل القسم الأكبر منها حيث تستغلها الدولة إما بشكل مباشر باستخدام العمل المأجور تحت إشراف الموظفين، وإما بشكل غير مباشر عن طريق تأجير مساحات واسعة بالمزاد العلني.
أما القسم الثاني من الأراضي وهو ما عُرف باسم أرضالعطاء، وهى المساحات التي مُنحت للمعابد والعسكريين وكبار الموظفين بغرض استغلالها مقابل دفع الضرائب وأداء التزامات أخرى تتفق وإمكانات صاحب حق الاستغلال، فكان يتم استغلالها إما بشكل مباشر أو عن طريق تأجيرها لآخرين.
كما كانت هناك أراضي المدن البطلمية المخصصة لإقامة البطالمة والأجانب من غير المصريين بجانب هذه الأنماطوالتي احتفظت فيها الدولة بحق الرقبة، كانت هناك أراضي المِلكية الخاصة حيث كانت الدولة تبيع بعض الأراضي لمن يرغب في شرائها، وقد عُثر في وثائق تلك الفترة على ملاٌك للأراضي GEUCBOI إلا أنه يصعب تماما التوصل لعدد هؤلاء الملاٌك أو المساحات التي يمتلكونها.
ولعل الحكومة كانت تهدف من هذا الإجراء إيجاد طائفة من الملاٌك النشطين الذين يستطيعون بخبرتهم وأموالهم زيادة مساحة الأرض المزروعة بالفاكهة والكروم حيث قدمت حوافز للقائمين على هذه المشروعات(40).
وكانت عقود البيع تشمل عقدان يتضمن كل منهما أركان العقد وآثاره ، يطلق علي أحدهما "عقد المال" وعلي الآخر "عقد التنازل"، وكان عقد المال يُثبت انتقال الملكية وحقوق المُشتري، أما عقد التنازل فكان يتضمنتنازل البائع عن كافة حقوقه في الشيء المُباع، وكان يُنَص في عقد التنازل أحيانا على كل ما يدفعه الطرف المخل بالعقد في تعويض الطرف الآخر، وعلي الغرامة الني يدفعها لخزانة الدولة، ومنذ القرن الأول قبل الميلاد اقترن عقد البيع بعقد التنازل.
وقد استمرت أنماط استغلال الأرض الزراعية بشكليها المباشر وغير المباشر سائدة طوال هذا العهد مع بعضالتغييرات الطفيفة في نمط الاستغلال غير المباشر، حيث ظهر نمط إيجاري جديد يمكن أن يطلق عليه نمط الإيجار الملكي كما تُثبت وثائق تلك الفترة إجازة القانون لمنح القروض بفائدة أو بدون فائدة.
وفي أمر ملكي يرجع إلي القرن الثالث قبل الميلاد تم تحديد سعر الفائدة علي القرض بنسبة 24% في السنة. وهي نسبة مرتفعة تُعزى لانخفاض حجم النقودالمتداولة في ذلك الوقت.
وتشير الوثائق أيضا إلي أنه بالرغم من صدور هذا الأمر الملكي إلا أن الأفراد لم يلتزموا به نظرالأنه لم يوقع أية عقوبة علي المخالفين إلا انه في حالة عدم الوفاء بسداد قيمة القرض في موعده يلتزم المدين بدفع الدينمضافا إليه نصف قيمته بالإضافة إلي الفوائد المستحقة، وأحيانا ترتبط تلك الغرامة بمدة التأخير عن سداد القرض.
عقود البيع والشراء البطلمية
توفر لدى الأثريين خلال فترة الحكم البطلمي عدد من عقود بيع وشراء للأراضي الزراعية نستعرض فيما يلي عدد منهم.
العقد الأول:
يرجع هذا العقد إلى عهد بطليموس الثاني ومحفوظ ضمن مجموعة هوسفالد "الطرف الأول هو المُزارع خادم حورصاحب إدفو المُسمى بتوزيرس بن باتوس بن باخوس، والطرف الثاني هو المُزارع خادم حور صاحب إدفو المُسمى أونيس بن باتوس بن سنموس يقول الطرف الأول للطرف الثاني : لقد دفعت لك الثمن كاملاً، وأنك شرحت قلبي بالثمن نقداً مقابل حقلي الذي من أرض حور صاحب إدفو والواقع في جزيرة الأثل وحدوده هي : في الجنوب حقل المزارع خادمحور صاحب إدفو المُسمى حور بن باخويس بن بارهو، وفي الشمال حقل حور بن اسبويريس، وفي الشرق النهر الكبير، وفي الغرب حقل حامل اللقب السابق المُسمى حارباازيس بن باسوس بن بارهو. وزيادة على ذلك حقلي العالي الذي يقع في حقول الملك التي في "تكوي" والذي ذُكرت حدوده عاليه، والمجموع قطعتان من الأرض وقد بعتهما لك مقابل نقد، وقد أعطيتني ثمنها نقداً وقد تسلمته من يدك كاملاً غير منقوص، وقلبي مُنشرح لذلك، وأنهما ملكك أي هذان الحقلانالمذكوران أعره بأشجارهما ودومهما التي تنبت فيهما. وليس لي حق أو أية كلمة في الدنيا باسمهما عليك من اليوم فصاعداً، وليس لأي إنسان في الدنيا يُمكن أن يكون له سلطان عليها خلافك، وكل إنسان في الدنيا يظهر أمامك بسببهما ليقول لك ابعد عنهما فإني حينئذ أبعده من نفسي عنك فيما يخص الحقلين، وأني سأطهرهما لك من كل مستند ومن كل قضية ومن كل كلمة في الدنيا في كل زمان كتبه بخراتيس بن فيبيس".
ويُلاحظ هنا أن الثمن المدفوع لم تتم كتابتهمما يُعطي انطباعاً أنه لم تكن هناك ضرائب على بيوع الأراضي الزراعية، أو قد تكون رسوم التسجيل موحدة على نقلملكية الأراضي.
كما يُلاحظ من صيغة النص أيضاً أن صاحب الأرض يُقر بأن أرضه هذه إنما هي من أرض حور صاحب إدفو وهو تأكيد بملكية الآلهة لكل الأرض.
أما الملاحظة الثالثة فهي تلك الخاصة بالتأكيد على التصدي لكل مدعي بالحق على هذه الأرض، مما يؤكد أن التعامل على هذه الأراضي كان معروفاً منذ ذلك الوقت، أما الملاحظة الأخيرة فهي الخاصة ببداية ظهور كتابة الاسم ثلاثياً.
العقد الثاني :
وهناك عقد بيع أرض يرجع إلى عهد بطليموس الثالث يقول "في السنة السابعة شهر بشنس من عهد الملكبطليموس بن بطليموس وأرسنوي الأخوين المحبين الطرف الأول المزارع خادم الآله حور صاحب إدفو المدعوحاربائسشيس بن باسوس وأمه هي تابكيس، والمدعو حار هرج الذي يحمل نفس اللقب ابن باسوس وأمه هي تابيكيس. المجموع شخصان عندما تكلما بفم واحد. والطرف الثاني هو المزارع خادم الآله حور صاحب إدفو المدعو بابوس بن بارهو وأمه هي ستأمونيس. وفي النص لقد دفعت حسابنا كاملاً وقد شرحت قلبينا بالنقد ثمن المحصول وهي ثلاثة حقول بيان حدودها كالتالي وخلافاً لذلك حقلنا الذي يقع غربي الخزان الكبير وقد بعناه لك نقداً، وقد تسلمنا ثمنهنقداً من يدك دون باق وقلبنا منشرح لذلك. وأنه ملكك أي هذا الحقل المذكور أعلاه وليس لنا أي حق فيه، ولا قضيةمخاصمة أو أية كلمة في العالم باسمك ضدك من اليوم فصاعداً، وليس لأي رجل في العالم يظهر بسببه ضدك وإنانعفيك من أية كتابة ومن كل قضية ومن كل كلمة في العالم في كل زمن. وكل مستندات تكون قد أبرمت بسببه، وكل مستندات قد حررت لنا عنه هي ملكك كتبه بابل بن بخراتيس. ووقعه بوثريس بن حور كاتب الملك.
العقد الثالث:
وهناك وثيقة عقد بيع أرض من عهد الملك البطلمي عنخميس جاء بها أن "الطرف الأول هي المرأة المدعوة تسمينإبنة بختوميس، والطرف الثاني هو الكاهن آمون ابت بن امنحوتب وفي نص العقد لقد أعطيتني وقلبي راض النقودالتي هي ثمن 1/12 من ثلاثة حقول تقع في الأماكن الغربية من طيبة، حقلان متلاصقان مساحتهما أحد عشر أرورا، حقلمنفصل مساحته خمسة أرورات – ثم يأتي وصف دقيق لحدود الحقول- تلك هي حدود الحقول التي بعتك 1/12 الذي يخصني ولقد أعطيتك ذلك وقد تسلمت ثمنها من يدك وهو كامل غير منقوص وقلبي راض…".
العقد الرابع:
وثيقة أخرى لعقد بيع تعود إلى عهد بطليموس بن بطليموس عام 163 ق.م تقول أن الطرف الأول سيبمو بن حارنعو، والطرف الثاني المرأة كالهيب الكبرى ابنة حاربحتي. وفي نص العقد لقد جعلت قلبي يرضى بالنقد ثمن نصف نصيب الأرض المنتجة غلالاً وتبلغ مساحتها 9.5 أرورات، ونصف النصيب من البيت المُقام عليها وحدودها هي وكنت قد اشتريتها من اليوناني الذي يُدعى حاربئيسي بن بهيب. وقد سلمتك مستند النقد ومستند نزع الملكية الذيعملهما لي في مقابل نصف النصيب من الأرض المذكورة أعلاه. وان الذي يملك النصف الآخر هو اسمن بن تتراييس، وأنالأرض لم تقسم بعد. لقد أعطيتك إياها وليس لي أي حق على الأرض عليك ولن يكون لأي رجل في الدنيا ولا أنا نفسيكذلك القدرة في أن يتسلط عليها إلا أنت من اليوم فصاعداً. وأن مستنداتها ملكك وبراءتها في كل مكان تكون موجودة فيه، وكل كتابة قد حررت بخصوصها، وجميع الكتابات التي باسمها فهي ملكك كتبه تتراوس بن نحتمين".
وهناك وثيقة هامة ترجع لذات العصر عبارة عن إقرار بحيازة ماشية صغيرة، ومثل هذه الإقرارات لا تُكتب إلا بغرض تقديرالضرائب المفروضة عليها. وفيما يلي نص هذه الوثيقة "في السنة الخامسة والثلاثون من عهد الملك بطليموس بن بطليموس واليمين الذي حلفه فلان بن فلان لمدير المركز المُسمى ديوجين بحياة الملك بطليموس بن بطليموس وأرسنوي الآلهة المحبة لأخيها وبالإلهين المتحابين : أن الخراف التي أملكها بأكملها والخراف الصغيرة والماعز التي سجلتها حسبالقاعدة، أني لم أنقص منها أي خروف قط. وليس في نفسي فيما يتعلق بها "الخراف" أية مداراة أو كذب. وإذا كنت قدأديت هذا اليمين على حسب الحقيقة فغني أكون في حضرة الملك ولكن إذا كنت حانثاً في يميني فإني أكون ملعوناً من الملك. الماشية الصغيرة وعددها، وعدد الذكور منها…… الخراف الصغار من الصنف الأول …… ومن الصنف الثاني…… .
الأنماط الايجارية وعقود الإيجار البطلمية
كانت الأراضي الملكية -أرض التاج- تُعد المصدر الأول لحيازة الأراضي عن طريق الإيجار في مصر البطلمية. حيث كانت تُقسم إلى مساحات كبيرة وتطرح للإيجار عن طريق المزاد العلني وهو ما لم يظهر في العهد الفرعوني، وأطلق على هؤلاء المستأجرين اسم "المزارعين الملكيين". كان المزارع الملكي يظل على أرضه إلى أن يتم الإعلان عن مزاد جديد، وعلىالرغم من أن فترة الإيجار عادة ما تزيد عن موسم زراعي واحد إلا أن الدولة كانت تستطيع في أي وقت إنهاء عقد الإيجاروطرد المستأجر بينما لا يستطيع المستأجر ترك الأرض قبل انتهاء مدة العقد. كما أن مُزارع تلك الأراضي لم يكن له الحقفي اختيار نوعية المحاصيل التي يزرعها حيث كان موظفي الملك هم المسئولون عن تحديد المحاصيل المزروعة ومساحاتها. وبذلك فان المُزارع الملكي يُعد أقل حرية من أقرانه الآخرين. إلا أنه بالمقابل تمتع بالعديد من المزايا حيث كانيحصل علي البذور من المخازن الملكية، ويستخدم مواشي الملك في العمل، وقد جذب هذا النظام في بدايته الكثير منالمزايدين علي إيجار تلك الأراضي. وعند دراسة التزامات المستأجر في النمط الايجاري الجديد "الإيجار الملكي" نجد أنهيجمع ما بين الإيجار المطلق والإيجار بالمشاركة، حيث كانت المزايدة تتم على ثمن إيجارة الأرض بشكل مطلق -سواءكانت نقدا أم عينا- وبعد استلام الأرض وبدء الزراعة يظهر نمط المشاركة حيث تقدم الدولة البذور وثيران العمل مقابل المشاركة في جزء من المحصول. وقد اعتبر بعض الدارسون أن تقديم الدولة للبذور نوعا من القروض العينية إلا أن ذلك يتناقض تماما مع أسلوب إدارة هذه الأراضي حيث فرضت الدولة على المزارعين زراعة البذور التي تقدمها لهم حفاظاعلي جودة المحصول. وقد التزم المُزارع الملكي بتوريد المحصول إلي المخازن الملكية حيث تُستقطَع التكاليف وضريبة مسح الأرض، ونفقات حراسة المخازن وتنظيف القمح وكيله من النفقات وأخيرا يُفرِج الموظفون الملكيون عن الفائض لينقله المُزارع إلى بيته ويصبح حقا له.
بدراسة عقود الإيجار التي توفرت يتبين أنها كانت تتضمن وصفا للعين المؤجرة، ومدة سريان العقد، ومقدار الأجرة، وأسماء الأطراف المتعاقدة. وكان ينص أحيانا علي حق المؤجر في الاحتفاظ بالمحصول إلي أن يحصل علي قيمة الأجرة، وكان ينص أيضا علي إلزام المؤجر بأداء الضرائب، وتمكين المستأجر من استغلال الأرض وجمع المحصول. كذلك كان ينص علي إلزام المستأجر بدفع الأجرة ورعاية الأرض وتسليمها عند نهاية مدة العقد في حالة تُماثل حالتها عند استلامها.
وفي بعض الأحيان كان ينص علي حق المستأجر في تخفيض قيمة الأجرة إذا تعذر عليه استغلال الأرض لسبب خارج عن إرادته كعدم توفر مياه الري. كما تضمن العقد أيضا الجزاءات المالية التي توقع علي كل من يُخل بالتزامه من المتعاقدين.
كما اعترف القانون بحق المستأجر في تأجير العين من الباطن ما لم ينص علي منع ذلك صراحة. وقد امتدت عقود إيجار تلك الفترة إلي كل من الدواب والأرقاء فيرد عقد الإيجار علي الأرقاء لأداء عمل معين لفترة معينة، ويُنص في العقد علي قيمة الأجرة، وعلي الجزاء الذي يتعرض له المؤجر إذا أخذ العبد قبل انقضاء مدة العقد، والجزاءالذي يتعرض له المستأجر إذا استخدم العبد في أداء أعمال غير منصوص عليها أو إذا استخدم القسوة معه.
وفي حالة عقود استئجار الدواب يُنص علي ضرورة أن يعيد المستأجر الدابة إلي المؤجر في حالة تُماثل الحالة التي كانت عليها عند استئجارها كما يُنص عادة علي الجزاء المترتب عند إخلال المستأجر بالتزامه برد الدابة مع دفع مبلغ معين لإساءة استعمالها، أو دفع قيمتها المقدرة نقدا(40). وفي وثيقة ترجع إلي عام 136 ق.م. يتبين أن الدولة قامت بتأجير مساحات شاسعة من أراضيها للمعابد ولكبار الكهنة لمدة عشرون عاما. الأعوام الخمسة الأولى معفاة من سداد قيمة الإيجار، والأعوام الخمسة التالية يُدفع عنها نصف إيجار، بينما يُدفع إيجار كامل عن السنوات العشر المتبقية.
كما لا يمكن الاستدلال من وثائق العهد البطلمي على القيمة الايجارية للأرض الزراعية. إلا أنه يمكن التأكيد على ارتفاعالقيمة الايجارية بشكل عام حيث ارتبطت ثورات الفلاحين في تلك الفترة وهروبهم من القرى بارتفاع قيمة كل من الإيجاروالضرائب الزراعية وتدل وثائق المصالحة والتهدئة التي كان يصدرها الأباطرة علي ذلك حيث كانت باستمرار تتضمنتخفيضات في كل من الضرائب والإيجار. بل وإطالة أمد الإيجاره كنوع من أنواع التأمين للمزارعين. ففي وثيقة أصدرهابطليموس السادس فيلو منور (181-145 ق.م) حث فيها الكهنة وكبار الإقطاعيين علي زراعة الأراضي المهجورة التيازدادت مساحتها بعد بطش سلفه الإمبراطور بطليموس الخامس أبيفانس بالفلاحين. وقد سجل حجر رشيد وثيقة الشكرالتي وجهها الكهنة وكبار الإقطاعيين إلي ذلك الإمبراطور لأنه عاقب الثوار علي فرارهم واعتدائهم علي أراضي هؤلاءالكهنة والإقطاعيين. ثم جاء الإمبراطور بطليموس يوراجتيس الثاني عام 118 ق.م. ليصدر عفوا عاما عن الفلاحينالهاربين ويدعوهم للعودة إلي أراضيهم مقابل التنازل عن الضرائب المتأخرة وتخفيض الإيجارات. أما مدة عقد الإيجارفقد طالت إلي خمس سنوات ابتداء من عام 156 ق.م. ثم إلي عشر سنوات ابتداء من عام 152 ق.م. ثم إلي عشرون عاماابتداء من عام 136 ق.م. ثم أصبحت وراثية ابتداء من عام 118 ق.م. أما فكرة المسئولية الجماعية للقرية عن زراعة الأرضالتي تقع في نطاقها فقد جاءت كرد فعل تجاه ظاهرة هروب الفلاحين من قراهم(42). هذا وقد توفر عدد من عقود الإيجارالتي ترجع إلى العهد البطلمي في مصر نستعرض فيما يلي عدد منها.
العقد الأول :
عقد إيجار من عهد بطليموس الثالث جاء فيه أن "…… الطرف الأول هو المزارع المدعو حارسثيسي، والطرف الثانيسبرس بن بطولمايوس. وفي نص العقد لقد تسلمت أربعة أرورات أرض حنطة من حقول الملك وهي التي وقعت عليهابالإضافة إلى زيادة السنة الثانية من حقل "بلدة سوكوس" من "جزيرة تجيس" وذلك مقابل إيجار قدره أربعة أرادبحنطة عن كل أرورا فيكون المجموع ستة عشر إردباً من الحنطة ونصفها ثمانية أرادب من الحنطة …… وأرادب الحنطةالتي لم أوردها لك كاملة الكيل فإني أعطيها إليك بفوائدها في ظرف خمسة أيام قهراً وبدون مراوغة. أما الضامن فهوالمزارع بتيخونسيس بن حزر فيقول: أني أضمن حارسثيسي فيما يتعلق بأرادب الحنطة الستة عشر المذكورة أعلاه. وإذالم يوردها لك وافية الكيل فإني أوردها لك وافية الكيل …….
العقد الثاني:
وهناك عقد إيجار لأرض ملكية -أرض الدولة- من عهد بطليموس الخامس عام 204 ق.م. جاء فيه "…… أن الطرف الأولهو المزارع عبد الآله سبك المدعو حورسا أوزير، والطرف الثاني اثنان هما سوبيروس السكرتير المالي وامحوتب بن حوركاتب الملك. وجاء في نص العقد لقد أجرت لك أربعة أرورات من أرض الكلأ من حقول الملك الموقع عليها مني لمحصولالسنة الثانية، وهي ضمن حدود "قرية سبك" وهي "جزيرة ديكايوس". وذلك مقابل أربعة أرادب من القمح عن كل أرورافيكون المجموع ستة عشر إردباً من القمح ثانية. ويجب علي أن أكيل لك الستة عشر إردباً قمحاً وهي المذكورة أعلاه فيوقت تكييل قمح الملك –أي وقت جباية الضرائب- أما الأرادب من القمح الخاصة بك التي لا أكيلها لك فإني سأعطيها إياكالواحد منها واحداً ونصفاً –أي بزيادة خمسين في المائة- وذلك في ظرف خمسة أيام قهراً وبدون تأجيل. أما الضامنانفهما بتي خنس بن حور وأمه تا شي ن اسي ويقول أني ضمنت حورسا أوزير فيما يتعلق بالستة عشر إردباً من القمحالمذكورة أعلاه، وعندما لا يكيلها لك فإني أكيلها لك بنفسي، وأنك ستكون مطالباً منا –أنا وأمي- في كل ما هو حق لك،وأم نعمل على حسب كل كلمة ذُكرت أعلاه قهراً وبدون إبطاء. كاتب العقد إناروس بن باوس، ووقع علية با ور ….
العقد الثالث:
وفي نص آخر في نفس الوقت وبنفس القرية نجد أن "…… الطرف الأول المزارع عبد الآله سبك المدعو با سلح وأمهالمدعوة جوجي، والطرف الثاني هما سوبيروس السكرتير المالي وامحوتب كاتب الملك. وجاء في نص العقد لقد أجرت لكستة أرورات من أرض الكلأ من حقول الملك هذه التي أقطعتها لك في حدود "قرية سبك" وهي "جزيرة ديكايوس" وذلكفي مقابل أربعة أرادب ونصف من القمح عن كل أرورا فيكون المجموع 27 إردباً، ونصفها هو 13.5 إردباً فيكون المجموع 27 إردباً من القمح ثانية، وأن أكيل لك في الشهر الثاني من فصل الصيف "بؤونة". وأرادب القمح التي لا أكيلها لك فإنيسأعطيها إياك مرة ونصف في ظرف خمسة أيام. أما الضامن فهو المزارع المدعو اف عنخ والذي قال إني ضامن كل مايخص المزارع المدعو با سلح المذكور أعلاه وإني سأعمل ذلك على حسب كل كلمة كُتبت أعلاه. وأنك ستطالبنا حسب كلكلمة أعلاه، ولك الحق الكامل في أن تأخذ بالقوة ما يخص كل شئ تحدثت به معنا قهراً وبدون إبطاء. كاتب العقدإناروس بن باوس ….
العقد الرابع:
هو عقد إيجار أرض تخص جندي بدرجة فارس، وتم تحريره عام 203 ق.م. وجاء في العقد "…… أن الطرف الأول هوالمزارع المدعو تحوت سوتم بن بايوس، وأن الطرف الثاني هما أرتميدورس السكرتير المالي، وامحوتب بن حور كاتبالملك. وجاء في نص العقد أن المساحة ثلاثة أرورات أرض كلأ وأرض جلبان، ونصفها أرورا ونصف. فيكون المجموع ثلاثةأرورات من الأرض ثانية وهي التي تعاقدت بخصوصها وتسلمتها من فارس من بين حقول الملك وهي التي تسلمتهاوكتبت بخطي في حدود "قرية سبك" في "ناحية برى-أنوب" وذلك لمحصول العام الثالث. ومحتم علي في مقابل ذلك أنأدفع الإيجار تقداً عن ثلاثة أرورات الأرض الكلأ المذكرة أعلاه عشر قطع من الفضة عن كل أرورا من الأرض فيكون المجموعثلاثين قطعة من الفضة. وذلك بعد الحصاد. ولن يكون في قدرتي أن أعطيك موعد دفع آخر بعد الموعد المذكور أعلاه. أماالنقود الخاصة بك التي لا يُمكنني أن أدفعها في الموعد المحدد المذكور أعلاه فعلي أن أدفعها لك نقداً مع فوائد خمسينفي المائة وبدون إبطاء. أما الضامن فهو الكاتب بانيت بن بتوزير الذي يقول لقد ضمنت المزارع تحوت سوتم بن بايوسوان أدفع الثلاثين قطعة فضة وهي قيمة إيجار أرض الكلأ المذكورة أعلاه، وجميع وكل شئ مما نمتلكه وسنمتلكه يكونالضمان لما هو مكتوب أعلاه، وأن يُنفذ العقد على قهراً وبدون تأخير ويكون لك الحق أن تطالب من تحب منا نحن الاثنين. كتب العقد حاروز بن حاروز….
العقد الخامس:
مؤرخ في نفس العام ووجد في نفس المكان، وجاء في نص العقد بعد كتابة أسماء الطرفان " … لقد أجرت أربعة أروراتمن الأرض التي دونت باسم مُزارع الملك إناروس، وأني أملك سدس 1/6 نفس الحقل في حدود القرية وذلك في مقابلخمس قطع من الفضة عن كل أرورا فيكون المجموع كله عشرين قطعة من الفضة … " وباقي العقد على النحو المبين فيالعقود السابقة.
العقد السادس:
وثيقة أخرى لعقد إيجار تعود إلى عهد بطليموس السابع مؤرخة في عام 124 ق.م. جاء فيه أن " الطرف الأول هو الرجلالفيلي –من فيله- حور بن بتي حر ور، والرجل الأسواني بتي آتوم بن ونتفر، وهما معاً شخصان بفم واحد. والطرفالثاني هو الكاهن تخوتف بن باتاوي. ونص العقد لقد أجرت لنا أروراً من الأرض من أرضك العالية التي تبلغ مساحتهاأرورين، وحدودها هي …… ويجب علينا أن نعطيك ماء، ونمدك ببصل ونباتات بمثابة راحة للأرض، وعلينا أن نحرثهالك، وعلينا أن نملأها بالثيران، وبذر الغلة، وبالرجال، وبكل آلات الزرع في فصل الزرع وفي فصل الحصاد. ولك أنتقاضي بتهمة المُزارع الذي يحدث تلفاً في الأرض. وعندما يحل وقت الحصاد فعليك أن تدفع بالكامل ضريبة المحصوللباب الملك من الغلة المذكورة أعلاه حسب ما يقرره كاتب الملك علينا …… وعلينا أن نعطيك فائدة كمزارع باسم الأرضالمذكورة أعلاه خمسة عشر إردباً من القمح بمكيال إنس مين –وهو مكيال خاص عند فرد بهذا السم كان يستعمله الناسلأنه كيل واف- وكذلك إردبين من البصل … وكذلك مائتي قطعة سلجم، وكذلك خمسة مكاييل من الخيار وقت حصاده … وسنقيم سور من طين النيل حول الأرض. وعليك أن تزرع عشرين شجرة وسنعطيك ماء من جديد لريها …… ولن يُمكننابالنسبة لها –أي الأرض المؤجرة- إيجارها لسنة أخرى دون أن تكون قد أجرتها منا من جديد. وأن الذي يتخلى منا نحنالاثنان المتعاقدان عن الشروط معك فعليه أن يدفع ثلاثة تالنتات للملك وثلاثة تالنتات لرفيقه منا. وانك ستقاضي من تريدمنا نحن الإثتنين لأجل أن يعمل على حسب كل كلمة ذكرت أعلاه ثانية قهراً وبدون مقاومة. أما الضامن فهو باتي الكبيربن بتي سبك الذي يقول بأنه ضامن بان أعطي القمح والأشياء الأخرى المذكورة أعلاه، وإن لم أدفع فإنك تصفي حسابكمعي كما تصفي حسابك الذي ستعمله معه. كتب الوثيقة نختمين بن نختمين ….
أنماط الاستغلال في مصر الرومانية
بعد وقوع مصر تحت الحكم الروماني انتقل حق الملكية علي أرض مصر من الملك البطلمي إلي الإمبراطور الروماني. إلاأن حقوق المِلكية الفردية الرومانية لم تطبق في الولايات التابعة لها، وأطلق عليها المِلكية الإقليمية تمييزا لها عن المِلكيةالرومانية الكاملة. ورغم تمتع سكان الولايات بما فيها مصر بحق الحيازة والانتفاع بل وحق التصرف في بعض الحالاتفإن الحماية القانونية للمِلكية الإقليمية لم تكن كاملة، وظلت أكثر عُرضة للانتزاع بغرض المنفعة العامة لأنها ظلت منالناحية النظرية مِلكا للدولة الرومانية. وبعد صدور قانون كراكلا عام 212م الذي منح الجنسية الرومانية لسكان الولاياتاختفت المِلكيات الأجنبية من البلاد، وفي عهد الإمبراطور دقلديانوس اختفت التفرقة التقليدية بين المِلكية الرومانيةوالمِلكية الإقليمية، وخضعت جميع الأراضي للضريبة العقارية. وفي عهد الإمبراطور جستنيان توحدت صور المِلكية فينظام عام واحد حيث أصبح التسليم الاختياري للعين هو الوسيلة الوحيدة لنقل المِلكية. وقد ظلت أراضي التاج الملكيةتُستغل بنفس الطريقة التي سادت في العصر البطلمي، واستمرت تسمية المُزارعين بالمزارعين الملكيين. إلا أن هذهالتسمية سُرعان ما اختفت وحلت محلها تسمية المزارعين العموميين، وكان المُزارع الملكي يؤدي يمينا ملكيا كما هو الحالفي العصر البطلمي. كما انخرط المُزارعين الملكيين في نقابات مُشكلين بذلك طبقة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأرض التي تعملعليها. بالنسبة للأراضي الخصبة كانت الإدارة تلجأ لتأجيرها عن طريق المزاد العلني أما بالنسبة للأراضي الضعيفةفكانت الإدارة تلجأ لأسلوب القهر وتُلزم المُزارعين بزراعتها في حالة عدم تقدم أحد لاستئجارها. أما أراضي الإمبراطورفكانت تُزرع لحسابه الخاص تحت لإشراف موظفي الدولة. ومع تنامي قوة الكهنة قام الإمبراطور أوغسطوس بضمأراضي المعابد للدولة في محاولة منه لتقليم أظافرهم. يمكن القول أن العصر الروماني تميز بتشجيع المِلكية الخاصة،وتقديم الأراضي بأسعار مُغرية خاصة للجنود. كما تميز أيضا بظهور المِلكيات الكبيرة التي أُطلِق عليها الأوسيةOUSIA، وكانت بداية ظهورها عندما منح الإمبراطور أوغسطوس أفراد عائلته الأراضي المصادرة من البطالمة، وكانغالبية المٌلاك من الرومان السكندريون لا يقيمون في أراضيهم الزراعية ويوكلون إدارة الأملاك إلي وكيل مصري في العادةعن طريق توكيل رسمي يتم توثيقه حيث يقوم الوكيل بتأجير الأراضي للمستأجرين، وتسلُم الإيجار، والمثول أمامالمحاكم، وبيع المحاصيل، وكان عليه أن يقدم حساباّ شهرياّ للمالك. أما عن نسبة الفائدة علي القروض فقد بلغت 12% بالنسبة للقروض النقدية، ونحو 50% بالنسبة للقروض العينية.
الأنماط الايجارية الرومانية
مع اتساع نطاق الملكية الفردية في مصر الرومانية خاصة في العهد البيزنطي منها عند بداية القرن الرابع عندما مَلٌكتالدولة الأرض لمؤجريها، بدا مألوفا ظهور عقود الملكية التي تتضمن توصيف حدود الأرض محل الملكية، ومساحتها،ونوعية التربة، وحالة الري بها، وموقفها الضريبي. وفي منتصف القرن السادس بيعت الأرورا الواحدة بثمانية صولداتإلا قيراطين وعلي أن يدفع المشتري الضرائب الخاصة بالأرض التي بلغت قيراطا واحدا ونصف كيلة قمح بينما بيعتالأرورا الواحدة في القرن الثاني الميلادي بنحو 250 دراخمة، كما بيعت 100 أرورا من النخيل بما يُعادل 1540 دراخمة. وقد ساعد ذلك الاتجاه علي انتعاش حركة التعامل علي الأراضي الزراعية سواء بالملك أو الإيجار، وكان من الطبيعي أنيزداد حجم الاستغلال المباشر للأراضي "الزراعة علي الذمة" مع اتساع نطاق الملكية الصغيرة للأراضي، إلا أن ذلك لايعني التقليل من أهمية الاستغلال غير المباشر والذي ظل يُمثل الأهمية الكبيرة. ظلت الأنماط الايجارية المعروفة في مصرالبطلمية علي حالها فكان هناك الإيجار المطلق والإيجار بالمشاركة، كما استمر نظام الدفع العيني مع نظام الدفع النقديبالإضافة إلي نظام الدفع المختلط.
عقود الإيجار الرومانية
كانت غالبية عقود الإيجار التي توفرت عن العهد الروماني تُغطي الفترة الأخيرة من ذلك العهد والمعروفة بالعهدالبيزنطي. وقد تشابهت جميعها في الصياغة وإن اختلفت فيما تضمنته من شروط لصالح كلا الطرفين المؤجروالمُستأجر، ولقد توقفت هي الأخرى علي خصوبة الأرض، ونوعية محصولها، وسهولة ريها، ومدة التعاقد، وما يقدمهالمالك للمُستأجر من بذور وأدوات زراعية، وأحيانا دواب وعمال زراعيين. كما كان الإيجار نقدا أو عينا أو كلاهما معا أوعن طريق المشاركة علي المحصول، واختلفت الإيجارات من إقليم لإقليم، وكانت ضريبة الأرض أحيانا يدفعها المالكوأحيانا يدفعها المُستأجر. ومن عقد يعود للقرن الخامس الميلادي ويختص بتأجير قطعة أرض مساحتها تسع أروراتتزرع غلال كان نص العقد "إننا بناء علي إرادتنا نتعهد بتأجير التسع أرورات الخاصة بك منذ الآن إلي القسم الثالثعشر، ونزرعها قمحا أو ما شابه ذلك. وفى حالة بذرها بأي محصول يسرنا إعطاءك نصف المحصول في حالة جيدة بدلامن الإيجار على أن تكون الضرائب مسئوليتك أيها المالك ومن جانبنا نأخذ نصف المحصول الآخر.
كما نصت عقود إيجار تعود للقرنين السادس والسابع علي حق الفلاح ونصيبه، وما يدفعه للمالك، وما علي المالك بدورهتقديمه من خدمات لصالحه سواء كانت بذورا أو أدوات زراعية أو أواني لعصر العنب. وحددت نوعية الأرض لأن تقديرالضريبة يتوقف علي نوع الأرض، ومدي وصول الفيضان إليها، ونوع المحصول، وإنتاجيتها، ومدة التعاقد. وكان المالكيشترط عادة علي المُزارع عدم ترك الأرض طوال مدة العقد لضمان حقوقه. أما عن الشروط الخاصة بالمالك والمستأجر فقدتساوت في بنودها، وكانت مُلزمة لكليهما. فبالنسبة للمالك أي المؤجر كان عليه الالتزام بشروط العقد، والتعهد بعدم طردالمُستأجر، وإمداده أحيانا بالبذور والدواب والجِرار إن كانت الأرض كروماّ، وفي حالة نقص الفيضان تُخفض نسبةالإيجار، ونفس الأمر بالنسبة للأرض التي تتعرض لرمال الصحراء. كما نص أحد العقود علي أنه من حق المُستأجر دفعنصف الإيجار فقط لو تعرض لأي من الظرفين السابقين، وكانت الإيجارات تُدفع عادة علي ثلاثة أقساط متساوية مع ذكرميعاد كل قسط. أما بالنسبة للمستأجر فكان يتعهد بعدم ترك الأرض طوال فترة الزراعة مع الاهتمام الكافي بها. كمانصت العقود علي عدد مرات الري، والتعهد بحرث الأرض وتنظيف التربة من الحشائش. وفي أحد العقود تعهد المُستأجربالحراسة وإصلاح قنوات الري . وفي إكسرنخوس تعهد مُزارع بأعمال السُخرة، كما تحمل المُزارع بأثمان البذوروالأدوات واستخدام مواشيه ودفع ضرائب الأرض وأحيانا دفع ضريبة نولون الشحن.
أما عن الإيجارات في مصر الرومانية
فقد كانت في الفيوم كان الإيجار 2.5 كيلة عن الأرورا، علي أن يدفع المالك الضريبة وتكاليف النقل من الحقل إلي الشون،ويدفع المُستأجر تكاليف الشحن إلي الإسكندرية. وفي عقد آخر دفع المستأجر 21.5 كيلة قمح نظير استئجار 3 أرورات منالحدائق. وهناك إيجارات كانت تجمع بين الدفع النقدي والدفع العيني فهناك عقد ينص علي أن الإيجار صولدين و3 قراريط وكيلتين من القمح وبشكل عام يمكن القول أن الإيجار العيني للأرورا الواحدة في القرن السادس الميلادي تراوحبين 3.4- 4.5 كيلة من القمح، في الوقت الذي كان فيه الصولد الواحد يُعادل نحو 10-12 كيلة قمح، وكان متوسط إنتاجالأرورا 21 كيلة.
وفي بردية تعود للقرن السابع الميلادي أي في العهد البيزنطي تضمنت عقداّ لمدة عشر سنوات بين مالكة للأرض تُدعىصوفيا وشخص استأجر أرضها. أما الممتلكات المتعاقد علي تأجيرها فكانت تتكون من عدد من مزارع العنب والحقولالمرتبطة بها والموصوفة وصفا كاملا، وكذلك مصادر المياه المتوفرة لها، ويذكر العقد أن المُستأجر سيزرع الأرض ببذور منعنده، وأن دفع الإيجار يبدأ من وقت بذر الحبوب، أما الإيجار فيبلغ 3 صولدات ذهب بالإضافة إلي 22.5 قيراط في كلمرة تروي فيها الأرض، وبشرط أن يحافظ المُستأجر علي الأشجار المثمرة علي حالتها. وفي حالة تعرض المحصول لرمالالصحراء في وقت البذر أو بعده فإنه سيدفع نصف الإيجار المذكور فقط، وحدد أوقات الدفع سنويا في شهر مسريوخلال 19 يوما من دفع المال سيدفع إيجارا عينياّ من النبيذ يُعادل نصف المحصول ، بالإضافة إلي نصف إنتاج كل شجرةمثمرة. كما تضمن العقد نصاّ خاصا بالعمال الزراعيين حيث تعهد بدفع الأجرة لهم 10 قراريط وكمية من الزيتون ومقدارامن الزيت، وإذا رغب العامل في الرحيل فليرحل ويؤكد التزامه بتكملة العشر سنوات، وفي النهاية يُقسم بالله إلي جانبشهادة الشهود علي تنفيذ العقد. أما عن نوعية الإيجار فقد تباينت حيث كان إيجار أراضي الغِلال يُدفع عيناّ في الغالبالأعَم ويتراوح بين 4-6 كيلات للأرورا. ففي الفيوم كان الإيجار في القرن الرابع 2.5 كيلة للأرورا، وتحمل المالك المسئوليةالضرائبية ونقل القمح للشون في حين تحمل المُستأجر نولون نقل القمح للإسكندرية. وفي عقد آخر بلغ الإيجار 4 كيلاتعلي الأرض الخصبة المزروعة شعيراّ أو قمحاّ. كما تضمنت بعض الإيجارات ضرائب نقدية إلي جانب العينية حيث دفعمُستأجر 120 أرورا مزروعة قمحاّ في اكسرنخوس "البهنسا" إيجاراّ مقداره 40 كيلة قمح و2 صولد وجرة نبيذ وخنزيراّ . وفي عقد آخر تقاضي المالك بجانب الإيجار جرتين نبيذ و12 رطل لحم و110 قطعة جبن.
أما أراضي الحدائق والكروم فكانت إيجاراتها في أكثر العقود تدفع نقداّ أو بطريق المُشاركة، وتضاف نسبة من إنتاجالحديقة أو الكروم إلي الإيجار. فهناك عقد لشخص يُدعي أورليوس سيرنيوس أجر أرض كروم لثلاثة أشخاص مقابلمبلغ نقدي وعدد من جِرار النبيذ وأوزان من القمح، وتعهد كل من المؤجر والمستأجر بالاشتراك في الزراعة وتمهيد الأرضواجتثاث الحشائش وقطع الأخشاب. أما عن الزراعة بالمُشاركة فقد حصل مالك لمزرعة عنب ونخيل علي إيجار قدره ثلاثأرباع المحصول في مقابل مد المستأجر بالبذور والدواب وحصل المُستأجر علي الربع فقط إلي جانب دفعه مبلغ نقديفيما يتعلق بالبلح. وفي حالة أراضي المراعي كان الإيجار يُدفع عيناّ في الغالب الأعم وهو صوفاّ أو قمحاّ، فهناك أرضمرعي أُجرت مقابل 11 رطل صوف سنوياّ، وأخري دفعت قمحاّ. أما بقيت المزروعات فتنوعت إيجاراتها ، فأرض الكتاندفعت إيجاراّ عن الأرورة بلغ صولدا و2 قيراط، ودفع مُستأجر نقوداّ ذهبية للإيجار مقابل حريته في زراعة المحصول الذييراه. وفي بردية ترجع إلي عام 305م أُجرت 9 أرورات إيجارا عينياّ قدره 5.5 كيلة من الغِلال، وفي بردية أخري ترجع لعام341م أُجرت خمس أرورات إيجاراّ عينياّ قدره 12.5 كيلة من القمح. وفي بعض البرديات تعهد المُستأجر بدفع الضرائب،وفي أخري تعهد بإصلاح السواقي وأعمال الري وأن يستخدم ثيرانه وأدواته الزراعية. وقد تراوح أجر الفلاح في الفيوم بين دراخمة واحدة وثلاث أوبلات ، وكان الإيجار 2.5 كيلة عن الأرورة الواحدة.