الصين تضع خطة للتعافي الاقتصادي في ظل تهديدات ترامب
في الوقت الذي تكافح فيه الصين لاستعادة زخمها الاقتصادي بعد فترة من التباطؤ، كشفت عن مجموعة من التدابير الجديدة التي تهدف إلى تعزيز نموها الاقتصادي المتعثر.
ولكن في المقابل، يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، لإجهاض هذه الخطط من خلال فرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على السلع المصنَّعة في الصين.
ويأتى هذا التصعيد في العلاقات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يأتي في وقت حساس، حيث تحاول الصين التعامل مع تبعات أزماتها الاقتصادية الداخلية والخارجية.
جهود الصين لمواجهة الديون الحكومية
في إطار مواجهة الأعباء المالية التي تهدد استقرارها الاقتصادي، تعكف الحكومة الصينية على خطة شاملة لمعالجة الديون الضخمة التي تراكمت على الحكومات المحلية.
هذه الديون، التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، تشكل تهديدًا حقيقيًا للنمو المستدام إذا لم تتم معالجتها سريعًا.
ومن أجل تجنب تحول هذه الديون إلى عبء يعرقل تعافي الاقتصاد، أعلنت الصين عن إجراءات مالية تهدف إلى إنقاذ هذه الحكومات المحلية، بما في ذلك تخصيص مبلغ 6 تريليونات يوان (840 مليار دولار) من الآن وحتى عام 2026.
تأثير ترامب على الاقتصاد الصينى
منذ فوزه في الانتخابات الأمريكية، يعكف ترامب على تعزيز برنامجه الاقتصادي الذي يشمل فرض ضرائب مرتفعة على الواردات، خصوصًا من الصين. وقد شدد في وعوده على فرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على السلع الصينية.
مما يؤدي إلى تعطيل خطط الرئيس الصيني، شي جين بينج، في تحويل بلاده إلى قوة تكنولوجية رائدة على مستوى العالم.
كما أن فوز ترامب قد يزيد من توتر العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ويزيد من احتمالية فرض مزيد من القيود التجارية في المستقبل.
الاقتصاد الصيني بعد كوفيد-19
لا تزال الصين تواجه صعوبة في العودة إلى مستويات النمو التي كانت عليها قبل الجائحة، حيث إن تعافيها بعد رفع القيود الصارمة بسبب فيروس كوفيد-19 لم يكن سريعًا كما كان متوقعًا.
بدلاً من التعافي السريع، أصبحت الصين مصدرًا متكررًا للأخبار الاقتصادية المخيبة للآمال. وفي سبتمبر، بعد تنفيذ سلسلة من التدابير لدعم الاقتصاد، خفض صندوق النقد الدولي تقديراته للنمو السنوي للصين إلى 4.8% في عام 2024، وهي أقل من الهدف الذي وضعته الحكومة الصينية والذي يقدر بنحو 5%.
إصلاحات مالية لمواجهة الديون
تعكف الصين على تنفيذ خطة شاملة للتعامل مع الديون المتزايدة للحكومات المحلية، على مدى عقود، كانت هذه الحكومات تلعب دورًا حيويًا في دفع عجلة النمو من خلال اقتراض مبالغ ضخمة لتمويل مشروعات البنية التحتية. ولكن مع تباطؤ النمو في قطاع العقارات، أصبحت العديد من المدن الصينية غير قادرة على سداد ديونها.
ولتجنب تفاقم هذه المشكلة، تسعى الحكومة إلى استثمار موارد إضافية للمساعدة في سداد هذه الديون وإعادة استقرار الوضع المالي.
تحديات النمو المستدام
في السنوات الأخيرة، بدأت الصين في تبني فكرة التحول من النمو السريع إلى "مرحلة التنمية عالية الجودة"، وهو ما أعلنه الرئيس شي جين بينج في 2017.
هذه المرحلة تركز على تطوير قطاعات التصنيع المتقدم والصناعات الخضراء، بما في ذلك الابتكار التكنولوجي والطاقة المتجددة.
ومع ذلك، يرى بعض الخبراء أن الصين قد تواجه صعوبة في تحقيق هذا التحول في ظل الضغوط الداخلية والخارجية، حيث يرى ستيفن روتش، الرئيس السابق لبنك مورجان ستانلي في آسيا، أن الصين قد تدخل في ركود طويل الأمد يشبه الركود الذي عانت منه اليابان بعد انفجار فقاعة الأسهم والعقارات في التسعينيات.
التحول إلى الابتكار والتكنولوجيا
رغم هذه التحديات، تسعى الصين إلى تعزيز مكانتها في الصناعات التكنولوجية المتقدمة، فقد أصبحت رائدة في العديد من المجالات مثل الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية وبطاريات الليثيوم أيون، وهي تقود الآن الإنتاج العالمي في هذه الصناعات.
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تمثل الصين 80% من إنتاج الألواح الشمسية، كما أنها أكبر مصنع للسيارات الكهربائية والبطاريات المستخدمة فيها.
وقد شهدت صادرات الصين من المركبات الكهربائية والألواح الشمسية زيادة ملحوظة بنسبة 30% في عام 2023، مما ساعد في تخفيف الأثر السلبي للأزمة العقارية الحالية.
تزايد الضغوط من الدول الغربية
في الوقت نفسه، تواجه الصين مقاومة متزايدة من الدول الغربية، حيث قام الاتحاد الأوروبي مؤخرًا برفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية إلى 45%. ومع تزايد هذه الضغوط، أصبح هناك تردد متزايد من كبار المتلقين لهذه السلع، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا.
مما قد يعيق قدرة الصين على تعزيز صادراتها، وهو ما يهدد استراتيجيتها الاقتصادية المبنية على النمو المدفوع بالصادرات.