حكم قصر الصلاة في المنزل قبل السفر.. أمين الفتوى يوضح
أثار موضوع قصر الصلاة للمسافر تساؤلات كثيرة بين المسلمين، خاصة حول التوقيت الصحيح لبدء القصر، وأوضحت دار الإفتاء المصرية، عبر تصريحات للدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى، أن هذه الرخصة الشرعية لا تبدأ إلا بعد مغادرة المسافر حدود مدينته تمامًا.
في تفسيره لهذه المسألة، أكد الدكتور شلبي أن قصر الصلاة يُعد رخصة شرعية منَّ الله بها على عباده للتخفيف عنهم أثناء السفر، واستند في ذلك إلى قوله تعالى في سورة النساء: "وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ" (النساء: 101)، كما أشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ"، ليبرز أهمية الالتزام بالشروط التي وضعها الشرع للاستفادة من هذه الرخص.
وأضاف الدكتور شلبي أن القصر لا يجوز أثناء وجود الشخص في منزله أو داخل حدود مدينته، مهما كانت نيته للسفر، وأوضح أن المسافر يحتاج إلى مغادرة نطاق مدينته بالكامل ليدخل في حكم السفر، وهو الشرط الأساسي الذي يتيح له قصر الصلاة، وشدد على أن مسافة السفر التي تجيز القصر لا تقل عن 80 كيلومترًا، وهي ما يُعرف بمسافة القصر في الفقه الإسلامي.
من جانبه، تناول مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية القضية ذاتها، مشيرًا إلى أن القصر والجمع بين الصلوات هما من التيسيرات المشروعة أثناء السفر الطويل، الذي يتجاوز مسافة 85 كيلومترًا تقريبًا، وأكد المركز أن الجمع والقصر لا يجوزان إلا بشروط معينة، أهمها أن يغادر المسافر حدود مدينته فعليًا، وأن ينوي الجمع قبل أداء الصلاة الأولى إذا كان سيجمع تقديمًا، أو أثناء الوقت الفاصل بين الصلاتين إذا كان سيجمع تأخيرًا.
وفيما يتعلق بالسفر الذي ينتهي قبل دخول وقت الصلاة الثانية، أوضحت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية أن الصلاة التي أداها المسافر باستخدام رخصة الجمع والقصر تُعد صحيحة إذا التزم بالشروط الشرعية، حيث يُعتبر وقت الصلاة بالجمع وقتًا واحدًا ممتدًا، ولا يلزمه إعادة الصلاة عند عودته.
إلى جانب ذلك، تطرقت اللجنة إلى أهمية فهم المسلمين لحكمة الرخص الشرعية، مشددة على أن هذه التيسيرات تُظهر رحمة الله بعباده وتيسيره عليهم، لكنها مشروطة بالتزامهم بالضوابط التي وضعها الشرع، فالقصر والجمع ليسا رخصة عامة تُستخدم في أي وقت، بل هما رخصة مرتبطة بمواقف وظروف محددة، مثل السفر الطويل والمشقة المصاحبة له.
وأكدت دار الإفتاء ومركز الأزهر على ضرورة توخي الدقة في فهم الأحكام الشرعية المرتبطة بالسفر، مع الإشارة إلى أن الهدف من هذه الرخص ليس التخفيف المفرط دون مبرر، بل التيسير بما يتناسب مع الحالة التي يمر بها المسافر، كما حثت الجهات المعنية المسلمين على الرجوع إلى العلماء والمختصين في الفقه للحصول على الإرشادات الصحيحة التي تضمن لهم أداء عباداتهم على الوجه الذي يرضي الله.
تُعد رخصة قصر الصلاة مثالاً حيًا على رحمة الإسلام وتيسيره على المسلمين، لكن تطبيقها يتطلب الالتزام بالشروط والضوابط الشرعية لضمان صحتها، لذا على كل مسلم أن يحرص على التعرف على هذه الأحكام وفهمها جيدًا، ليس فقط لأداء العبادة بشكل صحيح، بل أيضًا لتعظيم الشعور بالطمأنينة والراحة أثناء ممارسة شعائر الدين.
وفي سياق أخر تُعد الزكاة من أهم أركان الإسلام التي تعكس روح التكافل الاجتماعي وتعزز العدالة بين أفراد المجتمع، وفي ظل استفسارات متزايدة من المسلمين حول كيفية إخراج الزكاة وأوجه صرفها، قدمت دار الإفتاء المصرية مؤخرًا إجابات شاملة ومفصلة، توضح العديد من الجوانب المتعلقة بهذا الركن الأساسي، بما في ذلك حكم زكاة المال، صرفها على التعليم، وسداد ديون المتوفى.
زكاة المال: الأصل والربح معًا
صرّح الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية بدار الإفتاء المصرية، أن الأصل في إخراج زكاة المال هو احتسابها على أصل المال والأرباح معًا، وأوضح أن المزكّي يجب عليه جمع أصل المال مع الأرباح الناتجة عنه ثم إخراج نسبة 2.5% من الإجمالي.