هل الأكل على جنابة يسبب الفقر؟.. الإفتاء توضح الحقيقة

الإفتاء تحسم الجدل حول حقيقة أن «الأكل على جنابة يجلب الفقر»، وهو السؤال الذي يتردد كثيرًا بين الناس ويثير الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد البعض ترديد مقولات شعبية تفيد بأن تناول الطعام على جنابة قد يكون سببًا في «ضيق الرزق» أو «جلب الفقر»، وهو ما دفع الكثيرين للبحث عن الحكم الشرعي الصحيح الذي توضح فيه الإفتاء موقف الدين من هذه المسألة.
الإفتاء توضح حكم الأكل على جنابة
أكد الدكتور محمد عبد السميع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية أن «الأكل على جنابة أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه» وأنه لا توجد أي أحكام فقهية تمنع ذلك، موضحًا أن الاعتقاد السائد لدى بعض الناس بأن الأكل على جنابة يجلب الفقر لا يستند إلى أي دليل شرعي معتبر، وإنما هو من «المجرَّبات الشعبية» التي لا يُبنى عليها حكم ديني، كما شدد على أن الإفتاء تفرق بين النصوص الشرعية الثابتة وبين العادات والموروثات التي قد تتداولها المجتمعات دون دليل.
وأوضح أمين الفتوى أن دار الإفتاء تؤكد دائمًا ضرورة تحري الدقة قبل نشر أو ترديد أي مقولات منسوبة للدين، مشيرًا إلى أن الأكل أو الشرب في حالة الجنابة جائز ما لم يكن هناك مانع آخر، وأن الأفضل للمسلم أن يبادر بالاغتسال امتثالًا للسنة النبوية، إلا أن التأخير في الغسل حتى بعد تناول الطعام لا يُعد مخالفة شرعية.
السنة النبوية وموقف العلماء
لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية أوضحت أن «السنة» جاءت بالمبادرة إلى الاغتسال بعد الجماع، لكن هذا لا يمنع أن ينام المسلم أو يأكل أو يشرب وهو جنب، والأفضل كما جاء في الأحاديث أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة إذا أراد تأخير الغسل، واستشهدت اللجنة بحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة»، وأيضًا بما جاء عن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم «رخَّص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ»، وهي أحاديث صحيحة تدل على التيسير.
الإفتاء تشرح حكم النوم على جنابة
قال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية إن النوم على جنابة جائز شرعًا سواء للرجل أو المرأة، حتى لو لم يغتسل الشخص مباشرة بعد الجنابة، موضحًا أن هذا الأمر «خلاف الأفضل» ولكنه ليس حرامًا، والأولى كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل المسلم أو على الأقل أن يتوضأ قبل النوم، مشددًا على أن الإفتاء لا ترى مانعًا شرعيًا من النوم على جنابة بشرط أن يكون المسلم قد أدى جميع الصلوات المكتوبة قبل وقوع الجنابة.
وأضاف شلبي أن ترك الاغتسال حتى الصباح لا يترتب عليه إثم إذا لم يؤد إلى تفويت صلاة، وأن الخطأ هو في تأخير الغسل إذا أدى ذلك إلى ضياع فرض من الفروض، وهو ما تنبه إليه الإفتاء دائمًا في ردودها على الأسئلة الشرعية المتعلقة بالطهارة والعبادات.
الفرق بين النصوص الشرعية والموروث الشعبي
تشدد دار الإفتاء على أن من المهم التفريق بين ما جاء في النصوص الشرعية الثابتة وبين ما يتم تداوله من الموروثات الشعبية، فالدين الإسلامي بنى أحكامه على القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، أما الأقوال المتداولة مثل «الأكل على جنابة يجلب الفقر» فهي أقوال غير مستندة إلى دليل شرعي ولا تُعد من الدين في شيء، بل قد تكون ناتجة عن تجارب فردية أو تصورات قديمة لا علاقة لها بالأحكام الشرعية.
الإفتاء تنصح المسلمين
وجهت الإفتاء نصيحة للمسلمين بعدم الانسياق وراء الشائعات الدينية أو الفتاوى المرسلة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، داعيةً إلى الرجوع للمصادر الموثوقة مثل موقع دار الإفتاء الرسمي أو الاتصال بالخط الساخن الخاص بها، وأكدت أن الالتزام بالسنة النبوية في آداب الطهارة والاغتسال أمر محمود، لكن لا يجوز إلزام الناس بما لم يُلزمهم به الشرع.
خلاصة ما أوضحته الإفتاء أن «الأكل على جنابة» ليس حرامًا ولا يجلب الفقر، وأنه لا دليل شرعي على ربط هذا الفعل بضيق الرزق أو انقطاع البركة، وأنه من المستحب للمسلم أن يبادر بالغسل بعد الجنابة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل أن يتوضأ إذا أراد تأخير الغسل، مع ضرورة أداء جميع الصلوات في أوقاتها وعدم التفريط فيها، وأن الأهم في ميزان الشرع هو التزام المسلم بما فرضه الله وعدم الانشغال بالمقولات غير الموثقة.