الإفتاء توضح حكم قراءة القرآن والذكر والدعاء عند دفن الميت
تمثل لحظة دفن الميت من أصعب اللحظات التي يمر بها أهل الفقيد ومحبيه، حيث يلجأ المسلمون إلى القرآن الكريم والذكر والدعاء للتخفيف من وطأة الحزن، واستجلاب الرحمة والمغفرة للميت، وفي هذا السياق ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم قراءة سورة “يس” أثناء دفن الميت، وما يتبعها من ذكر جماعي كقول: “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، ثم قراءة سور أخرى كـ”الواقعة”، والدعاء بصوت جماعي قبل ختم الموقف بقراءة سورة الفاتحة.
توضيح شرعي
أجابت دار الإفتاء عن هذا السؤال موضحة أن قراءة القرآن الكريم قد وردت في الشريعة الإسلامية على جهة الإطلاق، دون تقييد بزمان أو مكان معين، أو بحال دون آخر، وأكدت أن هذا الإطلاق يعني أن قراءة القرآن مستحبة في أي وقت وأي مكان، سواء عند القبور أو في غيرها، ولا يجوز تضييق هذا الإطلاق أو تقييده إلا بدليل شرعي صحيح، وإلا كان ذلك من قبيل الابتداع في الدين.
وأشارت إلى أن الأمر بقراءة القرآن الكريم يشمل جميع السور، بما في ذلك سورتي “يس” و”الواقعة”، وغيرهما من سور القرآن، وقد ثبت في السنة النبوية فضل قراءة سورة “يس” على الموتى، سواء عند الاحتضار أو بعد الدفن.
فضل قراءة سورة “يس” على الموتى
استدلت دار الإفتاء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي قال: “اقرؤوا يس على موتاكم”. رواه الإمام أحمد في “مسنده”، وأبو داود وابن ماجه في “سننيهما”، والبيهقي في “شعب الإيمان”.
وأوضحت أن قراءة سورة “يس” تحمل فضلًا عظيمًا، حيث يرجى منها التخفيف عن المتوفى، والدعاء له بالرحمة والمغفرة، كما أنها تساعد على تهدئة النفوس واستحضار السكينة، خاصة في تلك اللحظات المؤثرة.
الدعاء بعد دفن الميت: سنة نبوية ثابتة
وفيما يتعلق بالدعاء الجماعي للميت بعد دفنه، أوضحت دار الإفتاء أن هذه السنة النبوية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يحث أصحابه على الوقوف عند القبر للدعاء للميت بالثبات، واستشهدت بحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث قال: “كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل”. رواه أبو داود والحاكم في “المستدرك”، وصححه.
وبذلك، فإن الدعاء للميت في تلك اللحظة يُعد من السنن المؤكدة التي تهدف إلى التخفيف عن الميت عند بدء سؤاله في القبر.
الذكر وقراءة سور أخرى بصوت جماعي
أما بخصوص قراءة سور أخرى كـ”الواقعة”، أو ترديد الذكر بصوت واحد، أكدت دار الإفتاء أنه لا مانع شرعًا من ذلك، طالما أن الغرض هو الدعاء للميت والتقرب إلى الله تعالى، وأشارت إلى أن الأصل في الذكر والدعاء هو إخلاص النية لله، سواء كان جماعيًا أو فرديًا، مع التأكيد على أن هذا الأمر يدخل في إطار العادات التي تساعد على تخفيف الحزن ومواساة أهل الميت.
خاتمة توجيهية
اختتمت دار الإفتاء إجابتها بالتأكيد على أن قراءة القرآن، الذكر، والدعاء للميت هي أعمال مستحبة ومشروعة في الشريعة الإسلامية، شريطة أن تكون خالية من أي مخالفات شرعية أو اعتقادات خاطئة، كما حثت المسلمين على الالتزام بالهدي النبوي في هذه المواقف، من خلال الدعاء والاستغفار للميت بالصيغة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع التماس الرحمة والمغفرة للفقيد، وطلب التثبيت له في لحظاته الأولى بعد الدفن.
وأوضحت الدار أن الالتزام بمثل هذه العبادات يُعد وسيلة للتذكير بالموت والآخرة، مما يعين الأحياء على الاستعداد للقاء الله، والاتعاظ بالمواقف التي تمر بهم.