الإفتاء تحسم الجدل حول شراء المنتجات بالفيزا كارد.. قرضاً ربوياً أم لا؟
في ظل التطور الكبير في العالم المالي وانتشار وسائل الدفع الرقمية، أصبحت بطاقات الائتمان مثل الفيزا كارد جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث يستخدمها الكثيرون لتلبية احتياجاتهم الشخصية والتسوق عبر الإنترنت، ومع ذلك يثير العديد من التساؤلات حول حكم استخدامها من الناحية الشرعية، لا سيما في حال تأخر السداد واحتساب فوائد، وتعتبر هذه المسألة من القضايا الهامة التي تشغل الكثير من المسلمين الذين يسعون إلى فهم المعاملات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
إجابة على هذه الأسئلة، أتت دار الإفتاء المصرية ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لتوضيح حكم استخدام بطاقات الائتمان والضوابط الشرعية المتعلقة بها، مع التركيز على شروط الجواز والحرمة.
الفيزا كارد بين الحلال والحرام
في حديثه عن هذه المسألة، أكد الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن استخدام الفيزا كارد يعد جائزًا شرعًا طالما يتم الالتزام بسداد المبالغ المستحقة خلال فترة السماح التي تمنحها البنوك، دون أن تترتب على ذلك فوائد، وأوضح عثمان أن المدة التي تمنحها البنوك تكون عادة خالية من الفوائد، مما يجعل استخدام البطاقة أمرًا مقبولًا في هذه الفترة.
لكن المشكلة الكبرى تكمن، كما أضاف الدكتور عثمان، في حالة تأخر السداد، حيث تفرض البنوك فوائد على المبالغ غير المسددة، وهذه الفوائد تعتبر من قبيل “الربا” المحرم شرعًا، ويستند هذا التحليل إلى أن الربا هو أي زيادة تُفرض على الدين المتأخر عن السداد، وهو ما يتناقض مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تحرم أي نوع من المعاملات التي تتضمن زيادة غير مشروعة على الدين.
مركز الأزهر يوضح الضوابط الشرعية
من جانبه، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى على أن استخدام بطاقات الائتمان، بما في ذلك الفيزا كارد، جائز شرعًا بشرط أساسي، وهو السداد الكامل للمبالغ المستحقة في الوقت المحدد، دون تأخير يؤدي إلى فرض فوائد، وأوضح المركز أن هذا الشرط هو الأساس في تحديد جواز المعاملة، حيث إن أي تأخير يؤدي إلى فرض فوائد يعد مخالفًا لما تقتضيه الشريعة.
كما شدد مركز الأزهر على أن البيع بالتقسيط، والذي يتم في بعض الحالات باستخدام بطاقات الائتمان، يعد جائزًا أيضًا طالما تم الاتفاق بين الطرفين بشكل واضح ومفهوم، وقد أشار إلى أن السلع التي تباع بالتقسيط قد تكون أسعارها أعلى من مثيلاتها في حال دفعها نقدًا، وهو أمر مقبول شرعًا طالما كان الاتفاق شفافًا ولا يتضمن أي غش أو تلاعب.
الرسوم والخدمات المرتبطة بالفيزا
وأشار الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إلى أن الرسوم التي تفرضها البنوك عند إصدار أو تجديد البطاقة تعتبر من قبيل المصاريف الخدمية الجائزة شرعًا، فالبنوك تحصل على هذه الرسوم مقابل الخدمات التي تقدمها للمستخدم، مثل إصدار البطاقة أو توفير أنظمة الدفع، وبذلك يمكن اعتبار هذه الرسوم جزءًا من المعاملات التجارية المشروعة التي لا تتناقض مع الشريعة الإسلامية.
الحكم النهائي
في الختام، أكدت دار الإفتاء المصرية أن بطاقات الائتمان تعد أداة مالية شرعية طالما تم الالتزام بشروط السداد وفقًا للمدة المحددة من قبل البنوك، دون أن تُفرض أي فوائد، أما في حال تأخر السداد وفرض فوائد، فإن ذلك يُخرج التعامل من دائرة الحل إلى دائرة الحرام، حيث يصبح التعامل مشمولًا بأحكام الربا المحرمة في الإسلام.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الفتاوى تأتي في إطار سعي المؤسسات الدينية في مصر لضبط المعاملات المالية بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مع الحفاظ على تطور القطاع المالي بما يتلاءم مع احتياجات العصر الحديث.