خبير نفسي يحذر من ترند شرطة الأطفال: يزرع الخوف ويضعف ثقة الطفل

انتشر مؤخرًا مقطع فيديو لطفل صغير يردد عبارة “خلاص هو هينام”، حيث قام أقارب بتصويره أثناء خداعه بإيهامه أنهم سيستدعون “شرطة الأطفال” إذا لم يخلد إلى النوم وهو الأمر الذي أثار موجة واسعة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد نال الفيديو انتشارًا كبيرًا وتفاعل معه الكثيرون بسبب ردود الطفل العفوية وطريقته الطريفة في الحديث.
ورغم أن أغلب التعليقات جاءت في إطار المزاح والإعجاب بخفة ظل الطفل، إلا أن الأمر من الناحية التربوية يحمل جوانب خطيرة قد تؤثر على الصحة النفسية للأطفال، كما أكدت استشاري الصحة النفسية الدكتورة سلمى أبو اليزيد، التي حذرت من هذه النوعية من “التريندات” التي تعتمد على تخويف الأطفال، مشيرة إلى أنها قد تترك أثرًا نفسيًا عميقًا يستمر معهم طوال حياتهم.

تربية الأطفال
وأضافت استشاري الصحة النفسية أن تربية الأطفال تحتاج إلى التوازن بين الدعم النفسي والحنان من جهة، وبين المرح والترفيه من جهة أخرى، إلا أن استخدام أساليب التخويف في التربية ينعكس سلبًا على شخصية الطفل، فقد يتحول مع الوقت إلى شخص جبان يخشى التعبير عن رأيه أو المطالبة بحقوقه.
كما أن هذه الأساليب تضعف ثقته بنفسه، فالطفل في المراحل العمرية الأولى من 3 إلى 7 سنوات يمتلك خيالًا واسعًا، مما يجعل التجارب التي يمر بها في هذه الفترة ذات تأثير كبير على تكوين شخصيته، ومن هنا تأتي أهمية استغلال هذه المرحلة لتنمية مهاراته وتعزيز مواهبه إن وجدت، بالإضافة إلى تعزيز شعور الأمان لديه من خلال التأكيد على أن والديه هما مصدر الحماية والأمان، وليس إخافته بفكرة أن هناك من قد يأتي ليأخذه منهما.
الخطأ التربوي للأطفال
وأوضحت الدكتورة سلمى أن كثيرًا من الآباء قد يقعون في هذا الخطأ التربوي دون إدراك حقيقي لعواقبه، حيث يظنون أن هذه المواقف مجرد مزاح أو طريقة سهلة لإجبار الطفل على تنفيذ الأوامر مثل الذهاب إلى النوم أو تناول الطعام أو التوقف عن البكاء، إلا أن الطفل في هذه المرحلة العمرية قد يأخذ الأمر على محمل الجد ويعيش في حالة من الخوف الحقيقي، مما قد يسبب له مشكلات نفسية مثل القلق واضطرابات النوم والتعلق الزائد بوالديه نتيجة الإحساس بعدم الأمان، وقد ينعكس ذلك لاحقًا على سلوكياته في المستقبل، حيث يصبح أكثر خوفًا من مواجهة الآخرين وأقل قدرة على التعامل مع التحديات التي تواجهه.
استخدام أسلوب التخويف
ونصحت استشاري الصحة النفسية الآباء والأمهات بضرورة تجنب استخدام أسلوب التخويف كأسلوب تربوي، خاصة عندما يتعلق الأمر بجعل الشرطة أو أي جهة رسمية مصدرًا للترهيب، حيث يجب أن يكون للطفل صورة إيجابية عن رجال الأمن، فمن الضروري أن يدرك أن دور الشرطة في المجتمع هو حماية الناس وإلقاء القبض على المجرمين والمخالفين، وليس استخدامها كوسيلة لتخويفه أو دفعه لتنفيذ الأوامر، كما شددت على أهمية تقديم القدوة الحسنة للأطفال وتعليمهم احترام القانون واحترام رجال الأمن، بدلاً من ربطهم بالخوف والعقاب، خاصة إذا كان الطفل لديه طموح في أن يصبح ضابط شرطة عندما يكبر.

نشر التوعية الإيجابية
واختتمت الدكتورة سلمى حديثها بالتأكيد على أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون وسيلة لنشر التوعية الإيجابية، إلا أن بعض “التريندات” قد تحمل تأثيرًا سلبيًا على الأطفال إذا لم يتم التعامل معها بحذر، لذا فإن المسؤولية تقع على عاتق الأهل في مراقبة المحتوى الذي يتعرض له الطفل والتأكد من أنه لا يؤثر على حالته النفسية أو سلوكه.
كما دعت إلى ضرورة نشر الوعي بين الأسر حول أساليب التربية الصحيحة التي تعتمد على الدعم النفسي والتشجيع الإيجابي بدلًا من التخويف والعقاب، فتنشئة طفل يتمتع بشخصية قوية ومستقلة تبدأ من البيئة الآمنة والمستقرة التي ينشأ فيها، بعيدًا عن أي أساليب قد تؤثر على ثقته بنفسه أو إحساسه بالأمان.