هل استخدام البخور والعطور في نهار رمضان يُفسد الصيام؟.. الأزهر يوضح

أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الحكم الشرعي حول استخدام البخور والمعطرات في نهار رمضان، وذلك ردًا على سؤال ورد إليه عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، حيث أكّد المركز أن الروائح الطيبة بشكل عام لا تُفطر الصائم باتفاق العلماء، بينما يوجد خلاف فقهي حول مسألة استنشاق البخور عمدًا.
حكم استنشاق البخور أثناء الصيام
وأشار المركز إلى أن جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون أن استنشاق البخور بشكل متعمد يُفسد الصوم، لأن الدخان الناتج عن البخور يحتوي على جزيئات مادية يمكن أن تدخل إلى الجوف عبر الأنف، وبالتالي يُعد ذلك من المفطرات إذا كان بقصد وتعمد، أما إذا استنشق الشخص رائحة البخور دون قصد أو دون تعمد إدخال الدخان إلى الجوف، فلا يترتب عليه إفساد الصيام.
أما الشافعية، فقد ذهبوا إلى عدم بطلان الصوم باستنشاق البخور سواء كان ذلك عمدًا أو بغير قصد، حيث اعتبروا أن الدخان في هذه الحالة لا يؤثر على صحة الصيام ما لم يكن هناك تعمد لإدخاله إلى الجوف، وأوضح مركز الأزهر أن الرأي الراجح والمعتمد هو رأي الجمهور الذين يرون أن استنشاق البخور عمدًا يُفطر الصائم، بينما الشم العادي أو مرور الرائحة أمام الشخص دون قصد لا يُبطل الصيام.
حكم استخدام العطور أثناء الصيام
وفي نفس السياق، أكد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بـدار الإفتاء المصرية، أن استخدام العطور بأنواعها المختلفة خلال نهار رمضان لا يُفسد الصيام ولا حرج في ذلك، سواء احتوت هذه العطور على كحول أو كانت خالية منه، لأن الكحول المستخدم في العطور ليس مادة مسكرة في ذاتها، وإنما يتحول إلى مادة مسكرة عند خلطه بمكونات معينة أو تناوله بطرق خاصة، وهو ما لا ينطبق على الكحول الموجود في العطور.
وأضاف الشيخ محمد كمال خلال لقاء تلفزيوني في برنامج “فتاوى الناس” الذي يُبث على قناة الناس أن النبي ﷺ كان يحب التطيب والتعطر، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تضع له الطيب على جسده وملابسه، مؤكدًا أن هذا الأمر جائز شرعًا في جميع الأوقات باستثناء بعض الحالات مثل الإحرام أثناء الحج أو العمرة، أما في رمضان فلا يوجد أي دليل شرعي يمنع استخدام العطور أو يجعلها من المفطرات.
التفريق بين البخور والعطور في الصيام
وأوضح الشيخ محمد كمال أن هناك فرقًا بين استنشاق العطور العادية واستنشاق البخور، لأن البخور يتحول عند إشعاله إلى دخان كثيف قد يدخل إلى الجوف إذا تم استنشاقه بشكل متعمد، لذا يُفضّل الابتعاد عن استنشاق البخور مباشرة خلال الصيام لتجنب الوقوع في الشبهة، أما المعطرات والعطور السائلة أو البخاخة، فلا حرج في استخدامها لأنها لا تصل إلى الجوف ولا تؤثر على صحة الصيام.
وأشار أيضًا إلى أن بعض الناس يعانون من وساوس تتعلق بإفساد الصيام بسبب استنشاق الروائح، وهو أمر غير مطلوب شرعًا، فالإسلام دين يُسر ولم يأمر المسلم بالتشدد في مثل هذه الأمور، ما دام الإنسان لم يتعمد إدخال شيء إلى جوفه، فإن صيامه صحيح.
متى يُعد استنشاق البخور مفسدًا للصيام؟
بيّن مركز الأزهر أن استنشاق البخور لا يُفطر إلا إذا كان هناك تعمد في إدخال الدخان إلى الجوف، أما إذا مرّت الرائحة أمام الصائم دون قصد أو إذا لم يستنشق البخور مباشرة، فلا شيء عليه وصيامه صحيح، وأكد أن هذا الحكم ينطبق على جميع الروائح الطيبة، بما في ذلك العطور والمعطرات التي تُستخدم في المنازل أو على الملابس.
خلاصة الحكم الشرعي لاستخدام البخور والعطور في رمضان
العطور والمعطرات بجميع أنواعها لا تفطر الصائم باتفاق الفقهاء، سواء كانت تحتوي على كحول أو لا تحتوي، لأنها ليست مواد تدخل إلى الجوف.
استنشاق البخور عمدًا يُفسد الصيام عند جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والحنابلة)، بينما يرى الشافعية أنه لا يُفسد الصيام.
يُفضّل تجنب استنشاق البخور بشكل متعمد أثناء الصيام احتياطًا وللخروج من الخلاف الفقهي.
لا حرج في شمّ الروائح الطيبة التي تنتشر في الجو أو استخدام العطور الشخصية، ولا يُعد ذلك من المفطرات ما دام الصائم لم يتعمد إدخال شيء إلى جوفه.
وأكدت دار الإفتاء أن المسلم عليه أن يتحرى النية الصادقة في صيامه وأن يحرص على اجتناب الشبهات، ولكن دون الدخول في وساوس قد تُفسد عليه عبادته وتُثقل عليه يومه، فالإسلام دين يُسر ولا يُحمّل الإنسان ما لا طاقة له به.