اغتنم الفرصة لعبادة ألف شهر.. آيتان في القرآن تعادل قيام ليلة القدر

يُعدُّ قيام الليل من أعظم العبادات التي يتقرّب بها المسلم إلى الله، وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث تُضاعف الحسنات، ويكون الأجر أعظم، وقد وعد الله من يقيم الليل بالمغفرة والثواب الجزيل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه”، وقيام الليل يكون بالصلاة، وذكر الله، وتلاوة القرآن الكريم، وهو كنزٌ لمن أدركه، إذ ينال العبد به الطمأنينة والرضا، وتحضر الملائكة هذا العمل العظيم وتُسجّله عند الله.
ولكن هناك من لا يتمكّن من أداء هذه العبادة بسبب مشاغل الحياة أو ضعف القدرة على القيام ليلًا، ولأجل هؤلاء، جاءت بشارة عظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: “من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه”، وقد أوضح العلماء أن هاتين الآيتين قد تكفيان ثواب قيام الليل، أو تحقّقان طلب الأجر للمسلم، كما أنهما تحميان العبد من السوء خلال الليل.
آيتان تغنيان عن قيام الليل
جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْـنَ أَحَدٍ مِّــن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَـا وَإِلَيْـكَ الْمَصِيـرُ * لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
هاتان الآيتان هما من خواتيم سورة البقرة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرأهما في ليلته كفتاه، وقد فُسّر ذلك بعدة معانٍ، منها أنَّ قراءتهما تُغني عن قيام الليل، أو تُجزئ عن الأذكار والأدعية، أو تكفي المسلم من كل سوء وشر.
فضل خواتيم سورة البقرة
1. نورٌ للمسلم
روى الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن جبريل عليه السلام كان جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع صوتًا من السماء، فقال: “هذا بابٌ فُتح في السماء لم يُفتح قط إلا اليوم”، فنزل منه مَلَكٌ جديد، فقال: “أبشر بنورين أوتيتهما لم يُؤتهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَه”، وهذا يدل على أن هذه الآيات نورٌ وبركة للمؤمن.
2. كفاية المسلم في ليلته
جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه”، وقد فُسّرت كلمة “كفتاه” بعدة معانٍ، منها أنَّهما تُغنيان عن قيام الليل، أو تُكفيان المسلم من الشرور والآفات، أو تُجزئان عن الأدعية والأذكار
3. دليلٌ على رحمة الله بالأمة
عندما نزل قوله تعالى: {لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}، خشي الصحابة أن يُحاسبوا على كل ما يخطر ببالهم، فأنزل الله التخفيف بقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وهذا يُظهر رحمة الله بعباده واستجابته لدعواتهم.
لماذا سورة البقرة عظيمة؟
1. أقوى سور القرآن في الحماية
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اقرأوا سورة البقرة، فإنَّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة (أي السحرة)”، فهي تمنح الحماية للمسلم من الشرور.
2. بركة في البيت
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة”، مما يدل على أهميتها في طرد الشياطين ونشر البركة في البيوت.
3. تحتوي على أطول آية في القرآن
تضمّ السورة أطول آية في القرآن، وهي آية الدَّين التي تبدأ بـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، وهذه الآية من أهم الأحكام الشرعية التي تنظّم المعاملات المالية.
4. تشمل مقاصد الإسلام الكبرى
سورة البقرة تتناول قضايا العقيدة، والتشريع، وقصص الأنبياء، والحكمة من العبادات، كما تتحدث عن الإيمان، وأهل الكتاب، والتشريعات الإسلامية، مما يجعلها سورة متكاملة تُرشد المسلم في جميع شؤون حياته.
تُعتبر خواتيم سورة البقرة من أعظم الآيات التي أنزلها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهي تحمل الكثير من البركة والخير، وتكفي المسلم عن قيام الليل، وتحميه من الشرور، وتُعينه في دنياه وآخرته، لذلك يجب على كل مسلم أن يحرص على قراءتهما كل ليلة لينال الأجر العظيم والمغفرة من الله.