الأربعاء 16 أبريل 2025 الموافق 18 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الأزهر يوضح الترتيب.. هل يصح صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان؟

صيام شوال
صيام شوال

مع انقضاء شهر رمضان المبارك، يتجدد في كل عام سؤال يشغل أذهان كثير من المسلمين، خاصة من فاتهم بعض أيام الصيام لعذر شرعي، وهو: هل يجوز تقديم صيام الست من شوال، وهي سنة مستحبة، على صيام الأيام التي وجب قضاؤها من رمضان؟، سؤال يتردد في البيوت وعلى وسائل التواصل، ويحاول كثيرون البحث عن إجابة شرعية دقيقة له تجمع بين الالتزام بالأحكام وتحقيق الفضل المأثور في صيام الست البيض.

صيام الست من شوال من السنن المؤكدة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد في فضلها أحاديث نبوية كثيرة، من أبرزها ما رواه الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر”، كذلك ما رواه ثوبان مولى رسول الله ﷺ، قال فيه النبي الكريم: “جعل الله الحسنة بعشر أمثالها، فشهر -أي رمضان- بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر تمام السنة”، وهي نصوص تدل على فضل عظيم ينتظر من يحافظ على هذه السنة بعد إتمام فريضة رمضان.

لكن يبقى التساؤل مطروحًا: إذا كان على المسلم قضاء من رمضان، هل يصح له أن يصوم الست من شوال قبل أن يُتم ما عليه من أيام القضاء؟، وهل يضيع الأجر إن لم يُصم الست في وقتها المحدد؟، أسئلة نحاول عبر السطور التالية أن نعرض لها الإجابة من خلال أقوال أهل العلم والفتاوى الرسمية الصادرة عن جهات الإفتاء المختصة في الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية.

الأزهر للفتوى: لا مانع شرعًا من تقديم الست على القضاء

أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في فتوى منشورة على موقعه الرسمي، أن صيام الست من شوال قبل قضاء أيام رمضان لا حرج فيه، ولا كراهة، وأن الأمر فيه سعة، حيث إن قضاء رمضان وإن كان واجبًا، إلا أن وقته موسع، إذ يجوز قضاؤه في أي وقت من العام قبل حلول رمضان التالي.

وأكدت الفتوى أن صيام الست من شوال يظل جائزًا حتى نهاية الشهر، بخلاف القضاء الذي يمكن أداؤه بعد شوال، وعليه فإن المسلم الذي يرغب في اغتنام فضل صيام الست البيض، ولا يزال عليه قضاء من رمضان، يجوز له أن يبدأ بالستة، ثم يقضي ما عليه بعد ذلك، ما دام الوقت متاحًا.

كما أشار المركز إلى أن صيام هذه الأيام يجوز أن يكون متتابعًا أو متفرقًا على مدار شهر شوال، ولا يشترط أن تكون بعد العيد مباشرة، إذ يمكن صيامها بعد أيام العيد الثلاثة التي يُستحب فيها التزاور وصلة الأرحام، وهو ما يمنح المسلم مرونة في الجمع بين شعائر الدين ومتطلبات الحياة الاجتماعية.

مجمع البحوث: لا تعارض بين الفرض والنفل متى توافر الوقت

من جانبه تناول مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف هذا الموضوع عبر صفحته الرسمية، مبينًا أن المسألة تتعلق بحالتين رئيسيتين، أولاهما أن يكون الوقت متسعًا للجمع بين صيام القضاء وصيام الست من شوال، وفي هذه الحالة يُستحب البدء بصيام القضاء، لأنه واجب شرعًا، ومقدم في الأولوية على صيام التطوع، ثم يُتبع بصيام الست من شوال، وهو ما يُحقق الجمع بين الواجب والمندوب.

أما الحالة الثانية، فهي إذا ضاق الوقت ولم يتبقَ من شوال سوى عدد أيام لا يكفي لصيام كل من القضاء والست البيض، كما في حال من كان عليه عدد كبير من أيام رمضان، أو كانت هناك ظروف صحية أو أسرية تحول دون الجمع بينهما، وفي هذه الحالة يكون من الأفضل تقديم صيام الست من شوال، لكون وقتها محدودًا لا يمكن تعويضه بعد انتهاء الشهر، في حين أن قضاء رمضان وقته ممتد حتى شعبان القادم، وهو ما استدل عليه المجمع بما رُوي عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: “إن كان ليكون عليّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أصومه حتى يأتي شعبان” رواه ابن خزيمة، وهو حديث صحيح يدل على أن قضاء رمضان يمكن تأخيره متى وُجد العذر ولم يكن هناك تفريط أو تهاون.

صيام الست لا يُشترط فيه قضاء رمضان أولًا

من الملاحظ أن جمهور العلماء، ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة، قد أشاروا إلى جواز صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان، خصوصًا إذا خشي المسلم فوات فضلها بانقضاء الشهر، وهو ما يؤكده واقع كثير من الناس ممن لا يستطيع الجمع بين الصيامين لأسباب متعددة، من بينها الأعمال أو السفر أو ظروف الحياة، وقد راعى الشرع الحكيم هذه الأحوال فجعل وقت القضاء موسعًا، وفتح باب النوافل لمن أراد نيل الأجر في وقته المحدد.

ويُفهم من ذلك أن المسلم الذي ينوي الصيام تطوعًا، كصيام الست من شوال، لا يُشترط عليه أولًا أن يُنهي كل ما عليه من قضاء رمضان، إلا إذا كان قادرًا على ذلك من دون حرج أو مشقة، أما من كان يخشى فوات الوقت أو كانت عليه أيام كثيرة لا تكفيه أيام الشهر، فلا إثم عليه إن قدم الستة، ثم شرع في القضاء لاحقًا، ما دام يحمل نية صادقة في أداء الفريضة لاحقًا.

المسألة تتعلق بالتوازن بين الفرض والنفل، وبين الواجب والمندوب، وهي من أبواب الفقه التي تراعي أحوال الناس وظروفهم، وقد أفتت جهات الاختصاص في الأزهر بجواز صيام الست من شوال قبل القضاء لمن شاء، دون حرج أو كراهة، مع التأكيد على ضرورة قضاء الفريضة في وقتها الموسع.

ومن أراد الجمع بين الأجرين، فليبدأ بالقضاء ثم يُتبع بالست البيض ما دام الشهر باقيًا، أما من خشي فوات فرصة الست، فليصمها أولًا، ثم يُتم القضاء لاحقًا، فالدين يُسر، وقد قال تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.

تم نسخ الرابط