السبت 19 أبريل 2025 الموافق 21 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

لا رحمة ولا تغليظ خارج النص.. القضاء الإداري يضبط إيقاع العقوبات التأديبية

العقوبات التأديبية
العقوبات التأديبية

وضعت المحكمة الإدارية العليا، بمجلس الدولة، مبدأ قانونيا جديدا يؤكد على التزام السلطة التأديبية بعدم الخروج عن العقوبات المنصوص عليها في القانون، مهما كانت الدوافع أو المبررات، مشددة على أن مبدأ «شرعية العقوبة» من الأصول المستقرة في قضاء الدولة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوزه أو الالتفاف عليه.

السلطة التأديبية  تظل مُقيدة عند توقيع الجزاء

وجاء في الحكم الصادر في الطعن رقم 46198 لسنة 66 قضائية عليا، أن السلطة التأديبية، على الرغم من تمتعها بسلطة تقديرية واسعة في تحديد ما يعد مخالفة تأديبية، إلا أنها تظل مُقيدة عند توقيع الجزاء، ولا تملك فرض أي عقوبة خارج ما حدده المشرع على سبيل الحصر.

وأكدت المحكمة أن توقيع عقوبة ليست واردة في قائمة العقوبات المنصوص عليها في القانون يُعد تجاوزًا قانونيًا جسيمًا، يفتح الباب لإلغاء القرار التأديبي، باعتباره تصرفًا إداريًا غير مشروع ومخالفًا لأحكام القانون.

مبدأ شرعية العقوبة لا تملك استحداث جزاءات من نفسها

وقالت المحكمة في حيثياتها، إن مبدأ شرعية العقوبة يعني ببساطة أن الجهة الإدارية لا تملك استحداث جزاءات من تلقاء نفسها، أو استبدال عقوبة بأخرى، حتى وإن كانت العقوبة البديلة أخف وأقل وقعًا على الموظف. وأشارت إلى أن المشرع، حين نص على العقوبات التأديبية على سبيل الحصر، قصد بذلك ضبط أداء الجهات الإدارية وتوفير ضمانات للموظفين ضد أي تعسف أو قرارات جائرة.

مخالفة توقيع عقوبة غير مقررة قانونا

وأوضحت المحكمة أن توقيع عقوبة غير مقررة قانونا، حتى وإن كان في الظاهر من باب التخفيف على الموظف، يعد مخالفة لمبدأ المشروعية، ويفتح المجال للطعن القضائي عليها. ولفتت إلى أن المشروعية لا تتجزأ، ولا يجوز تبرير الخروج عنها بحسن النية أو الرغبة في الرأفة.

كما شددت الإدارية العليا على أن حماية حقوق الموظفين لا تتعارض مع الانضباط الإداري، بل إن التوازن بين تطبيق الجزاءات القانونية وحماية الضمانات الوظيفية هو ما يصنع جهازًا إداريًا عادلًا ومنضبطًا في آن واحد.

الالتزام بالنصوص القانونية كما وردت

وأضافت أن الجهات التأديبية مطالبة بالالتزام بالنصوص القانونية كما وردت، دون اجتهاد أو تأويل يتجاوز حدود ما هو منصوص عليه، وأن احترام التسلسل القانوني للعقوبات هو جزء أساسي من عدالة المساءلة التأديبية.

وأوضحت المحكمة أن الطعن المنظور أمامها كشف عن وجود حالة تم فيها استبدال عقوبة بغير ما نص عليه القانون، مما استوجب تدخل المحكمة لإلغاء القرار الصادر وإعادة الأمور إلى نصابها القانوني الصحيح. وقد اعتبرت أن ما حدث يُعد نموذجًا صارخًا للتجاوز التأديبي، الذي لا يجوز قبوله تحت أي مبرر.

التزام الجهات الإدارية بأحكام القانون في توقيع العقوبات التأديبية

واختتمت المحكمة حكمها بالتأكيد على ضرورة التزام كافة الجهات الإدارية بأحكام القانون في توقيع العقوبات التأديبية، والرجوع دائمًا إلى النصوص الحاكمة التي تضع حدودًا واضحة لا يمكن تجاوزها، وذلك حماية لحقوق الموظفين من جهة، وضمانًا لعدالة القرار الإداري من جهة أخرى.

ويُعد هذا الحكم تأكيدًا جديدًا على الدور الحيوي الذي تلعبه المحكمة الإدارية العليا في ضبط الأداء الإداري وضمان عدم خروج الجهات الحكومية عن الإطار القانوني، بما يعزز ثقة المواطنين والعاملين بالدولة في مؤسسات العدالة.

تطبيقات الحكم على الواقع العملي في المؤسسات الحكومية

ويثير هذا الحكم تساؤلات عديدة داخل أروقة المؤسسات الحكومية حول مدى التزام الجهات الإدارية المختلفة بمبدأ شرعية العقوبة، خاصة في ظل تعدد اللجان التأديبية وتنوع توجهاتها عند توقيع الجزاءات. فهناك العديد من الحالات التي يلجأ فيها المسؤولون إلى توقيع عقوبات تأديبية "مخففة" بدعوى التدرج في العقاب، دون أن تكون تلك العقوبات واردة بنص صريح في القوانين أو اللوائح.

تم نسخ الرابط