من كنيسة سيستين إلى العالم.. ليو الرابع عشر بابا جديد للفاتيكان

أعلن الفاتيكان، مساء الخميس، انتخاب الكاردينال الأميركي روبرت بريفوست بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية، خلفًا للبابا الراحل فرنسيس، الذي وافته المنية في 21 أبريل الماضي عن عمر ناهز 89 عامًا، وذلك وسط ترقب عالمي واحتشاد آلاف المؤمنين في ساحة القديس بطرس، .
وأطلق بريفوست على نفسه الاسم البابوي «ليو الرابع عشر»، في تقليد متبع مع كل انتخاب لبابا جديد، إذ يختار المنتخَب اسماً يعكس رؤيته وتوجهه الروحي للفترة القادمة.
جاء الإعلان بعد تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين الشهيرة، في إشارة رمزية تقليدية تُعبّر عن توصل مجمع الكرادلة لاتفاق بشأن انتخاب البابا الجديد، وذلك بعد أيام من الاجتماعات والمداولات داخل أروقة القصر الرسولي.
ويُعد بريفوست أول بابا أميركي في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وقد كان يشغل سابقًا منصب رئيس مجمع الأساقفة في الفاتيكان، ويُعرف عنه انفتاحه المعتدل ودعواته الدائمة لتجديد الخطاب الكنسي، مع الحفاظ على التعاليم الجوهرية للعقيدة الكاثوليكية.
ثلثا الأصوات.. والمعيار الحاسم
بحسب القواعد الكنسية، يجب أن يحصل المرشح للبابوية على ثلثي أصوات الكرادلة الناخبين، البالغ عددهم 133، أي ما لا يقل عن 89 صوتًا، وهو ما تحقق مساء اليوم، ليُعلَن رسمياً عن انتخاب البابا الجديد.
وكانت جلسات الاقتراع قد انطلقت صباح اليوم، بعد قداس جماعي في كنيسة القديسة بولين، أعقبه دخول الكرادلة إلى كنيسة سيستين، حيث جرت جولات تصويت سرية تمهيدًا لاختيار خليفة البابا فرنسيس.
وتُعد عملية انتخاب البابا واحدة من أكثر الإجراءات طقسية وسرية في العالم، حيث يُمنع نقل مجريات التصويت أو تسريب ما يدور داخل المجمع، حتى لحظة خروج الدخان الأبيض الذي يُراقبه العالم بدقة.
مشاهد الفرح.. وقرع الأجراس في أنحاء أوروبا
فور تصاعد الدخان الأبيض، ضجّت ساحة القديس بطرس بالهتافات والتصفيق، بينما علت الزغاريد ودموع الفرح في أعين كثير من الحاضرين. وبحسب التقاليد، تلا أحد كبار الكرادلة العبارة اللاتينية الشهيرة «Habemus Papam» والتي تعني «لدينا بابا!»
وفي لحظة رمزية مهيبة، قرعت أجراس كاتدرائية ساغرادا فاميليا في برشلونة، وكاتدرائية ألمودينا في مدريد، احتفالًا بالحدث، فيما سارعت وسائل الإعلام العالمية لنقل الخبر العاجل.
من هو ليو الرابع عشر؟
وُلد روبرت بريفوست عام 1955 في ولاية إلينوي الأميركية، وانضم إلى الرهبنة الأوغسطينية في شبابه، وتدرّج في المناصب الكنسية حتى عُين أسقفًا في بيرو عام 2004، حيث قضى أكثر من عشر سنوات في خدمة المجتمعات الكاثوليكية هناك.
واشتهر بريفوست خلال السنوات الأخيرة بدفاعه عن قضايا المهاجرين واللاجئين، كما عبّر مرارًا عن انفتاحه على إجراء إصلاحات داخل الفاتيكان، خاصة في ما يتعلق بشفافية الإدارة المالية ومكافحة الانتهاكات الجنسية التي هزّت صورة الكنيسة خلال العقود الماضية.
مهام وتحديات في انتظار البابا الجديد
يُنتظر من البابا الجديد أن يقود الكنيسة الكاثوليكية، التي يزيد عدد أتباعها على 1.3 مليار شخص حول العالم، في فترة تُوصف بالحساسة سياسيًا وروحيًا.
إذ يتعيّن عليه التعامل مع التحديات الجيوسياسية، ولا سيما الحرب في غزة وتنامي تيارات اليمين المتطرف، إضافة إلى التوترات المتصاعدة بين الكنيسة في الغرب والكنائس المحلية في إفريقيا وآسيا، بشأن قضايا اجتماعية وثقافية حساسة.
وفي السياق ذاته، يُتوقع أن يعمل ليو الرابع عشر على استكمال مسار الإصلاح الذي بدأه سلفه البابا فرنسيس، لا سيما فيما يتعلق بتحديث الإدارة الكنسية وتوسيع دور المرأة في العمل الرعوي.
الجنازة والاحتفالات.. الفاتيكان على موعد مزدوج
وتأتي لحظة انتخاب البابا الجديد بالتزامن مع الاستعدادات لإقامة جنازة رسمية مهيبة للبابا الراحل فرنسيس، حيث تقرر أن تُجرى مراسم التشييع الرسمية يوم الأحد المقبل، بمشاركة رؤساء دول وزعماء دينيين من شتى أنحاء العالم.
ووفق التقاليد الفاتيكانية، سيُقام قداس تنصيب لليو الرابع عشر خلال أيام، بحضور كبار رجال الدين والسلك الدبلوماسي وممثلي الكنائس الشرقية والأرثوذكسية.