الخميس 15 مايو 2025 الموافق 17 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

بين الشعر والسياسة.. «النهر المحترق» يعكس وجدان فنزويلا في مصر

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

«النهر المحترق».. أصدرت وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ديوانًا شعريًا جديدًا بعنوان «النهر المحترق» للشاعر الفنزويلي البارز خورخي رودريغيث غوميث، وذلك بترجمة وتقديم الدكتور خالد سالم، في إطار الاستعدادات المكثفة لمشاركة مصر كضيف شرف في معرض فنزويلا الدولي للكتاب في دورته المقبلة.

رثاء الأب.. مشاهد شعرية من قلب الألم

يتناول الديوان تجربة إنسانية شديدة الخصوصية، تتمثل في رثاء الأب، حيث يُسكب الشاعر أحزانه العميقة وألمه الوجودي على صفحات القصائد، مستعينًا برمزية عميقة عنوانها «النهر الذي التهمته النيران»، ليصوغ صورة مركبة للفقد والموت والحزن.

تتحول القصائد إلى مرآة تعكس مأساة إنسانية في فقدان الأب، حيث تأخذ ليالي الجمعة طابعًا حداديًا مشحونًا بالذكريات والألم، فيما تبكي صباحات السبت في صمت أمام جلال الموت وسكونه، في مزيج من الشعور الشخصي العميق والطرح الشعري العالمي.

الطبيعة كحليف وجداني للشاعر

في نصوصه، يُحاور الشاعر الطبيعة بكل مكوناتها، من نهر وطيور وشجر، ليُسقط عليها مشاعره، ويخلق من خلالها مشاهد حية تتناغم مع الحزن والحنين، بل وتتجاوز الحزن إلى ومضات من الأمل، ليبعث برسالة ضمنية بأن هناك دائمًا ضوءًا ينبثق من العتمة، تمامًا كما يخرج القمر من الظلام.

هذا الأمل لا يأتي من فراغ، بل من الإيمان بقدرة الإنسان على تجاوز الفقد، ومن مقاومة اليأس حتى في أحلك اللحظات، وهي رسالة يتردد صداها بقوة مع واقع فنزويلا الراهن، الذي يشهد صراعات متعددة من أجل السيادة والاستقلال.

الواقعية السحرية.. جسر بين الموت والحياة

يحمل الديوان بين طياته ملامح واضحة من الواقعية السحرية، التي تميز الأدب اللاتيني، وتُذكّر القارئ بتجارب روائية كبرى، أبرزها رواية «بدرو بارامو» للكاتب المكسيكي خوان رولفو.

 فهنا، يسير الابن بين رموز الحياة والموت في مشهد حلمي مستمر، دون الحاجة إلى خط زمني تقليدي.

ويتجلى ذلك في بحث الشاعر المتواصل عن والده، وسط رموز متعددة تستدعي التأمل، ليصبح النص أشبه برحلة وجدانية داخلية، أكثر منه تسلسلًا واقعيًا، الأمر الذي يعزز عمق التجربة الشعرية ويجعلها مفتوحة على أفق تأويلي واسع.

رسالة ثقافية بين مصر وفنزويلا

يمثل إصدار هذا الديوان خطوة مهمة ضمن جهود الهيئة المصرية العامة للكتاب لتعزيز التبادل الثقافي بين مصر ودول أمريكا اللاتينية، لا سيما في ضوء مكانة مصر كضيف شرف في الدورة المقبلة من معرض فنزويلا الدولي للكتاب، وهو ما يُعد فرصة لتوسيع أطر الحوار الأدبي والإنساني بين الحضارات.

وفي هذا السياق، يعكس «النهر المحترق» كيف يمكن للشعر أن يكون لغة كونية تتجاوز الحدود، وتربط بين مشاعر إنسانية مشتركة، كالفقد والأمل والبحث عن المعنى، في زمن تشتد فيه الحاجة إلى تلاقي الشعوب من خلال الثقافة والفن.

الشاعر والسياسي خورخي رودريغيث.. صوت المقاومة والحياة

الشاعر خورخي رودريغيث غوميث لا يُعد مجرد اسم أدبي، بل هو شخصية سياسية مرموقة في فنزويلا، شغل عدة مناصب رفيعة من بينها نائب رئيس الدولة ووزير الإعلام والاتصالات، ويشغل حاليًا منصب رئيس الجمعية العامة، وهي أعلى هيئة تشريعية في البلاد.

وهو من الشخصيات المحسوبة على خط المقاومة والسيادة الوطنية، ويمثل استمرارًا لنهج الزعيم الراحل أوغو تشافيز، تحت قيادة الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.

 ويُعد غوميث نموذجًا للمثقف المشتبك مع قضايا شعبه، حيث تمثل قصائده امتدادًا لموقفه السياسي، لكن بلغة أدبية مشحونة بالحس الإنساني.

الشعر كأداة مقاومة ثقافية

في ضوء السياق العام، لا يُنظر إلى «النهر المحترق» فقط كديوان رثائي، بل كرسالة ثقافية مقاومة، تؤكد أن الحزن لا يعني الانكسار، بل قد يكون منبعًا لإعادة التكوين الداخلي والوطني، وهي رسالة تُلامس نبض الواقع في كل من فنزويلا ومصر، وتجعل من الشعر وسيطًا فاعلًا في معارك الهوية والكرامة.

ومع صدور هذا الديوان، تُواصل هيئة الكتاب المصرية تأكيدها على دور الثقافة في مد الجسور بين الشعوب، واستخدام الأدب كشكل من أشكال التضامن الإنساني، في وقت تتزايد فيه الحاجة للوعي المشترك والمقاومة الثقافية.

تم نسخ الرابط