3 أعمال عظيمة في يوم القر لغير الحجاج.. اغتنم فضلها الكبير

يبحث الكثير من المسلمين خاصة من غير الحجاج عن «فضائل يوم القر»، إذ يُعد هذا اليوم من أعظم أيام السنة وأحد أيام التشريق الثلاثة التي تلي يوم النحر، ويقع تحديدًا في اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، بعد يوم عيد الأضحى مباشرة، وقد أطلق عليه اسم «يوم القر» لأنه اليوم الذي يقر فيه الحجاج بمِنًى بعد الانتهاء من مناسك يوم العيد، ويستقرون فيه لأداء شعائر التشريق المتبقية، وهو ما لا يمنع غير الحجاج من اغتنام «فضائل يوم القر» بعظيم الأجر والطاعات، حيث ثبت في الحديث النبوي الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله «إنَّ أعظمَ الأيامِ عندَ اللهِ -تباركَ وتعالى- يومُ النحرِ ثمَّ يومُ القَّرِّ»، ويُفهم من هذا أن يوم القر ليس مخصصًا فقط للحجاج، بل يشمل بركته كل مسلم يستطيع أن يعمل فيه بطاعة وقربة لله تعالى.
لماذا سُمي بـ «يوم القر»؟
ارتبط اسم هذا اليوم بما يفعله الحجاج فيه، حيث «يقرّ الحجاج» في منى، أي يستقرون هناك للراحة بعد أداء المناسك الكبرى في يوم النحر، ويواصلون في يوم القر أداء بعض الشعائر مثل رمي الجمرات، لكن الاستقرار الجسدي لا يعني الخمول الروحي، بل هو وقت ثمين للعبادة والذكر والدعاء، لذلك سُمي «يوم القر» تذكيرًا باستقرار الحجاج واجتماعهم في مشعر منى، وهو ما يدفع المسلم غير الحاج إلى التأمل في معاني الاستقرار والطمأنينة الروحية التي يجب أن يستثمرها في هذا اليوم.
فضائل يوم القر لغير الحجاج
لغير الحجاج نصيب عظيم من «فضائل يوم القر»، فقد وُصف هذا اليوم بأنه من «أعظم الأيام عند الله» بعد يوم النحر، وهو مفتوح أبوابه للعبادة والدعاء والتقرب، ومن أبرز هذه الفضائل:
أولًا- استجابة الدعاء
يوم القر يومٌ تُرجى فيه إجابة الدعوات، فكما ورد عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في خطبته يوم النحر، قال «هذه الأيام المعلومات التسعة التي ذكر الله في القرآن، لا يُرد فيهن الدعاء»، لذا يُستحب لغير الحاج أن يُكثر فيه من رفع أكف الدعاء، متوسلًا إلى الله بكل ما يشاء من خير الدنيا والآخرة.
ثانيًا- الإكثار من الذكر والتكبير
من «فضائل يوم القر» كذلك أن الأذكار فيه لها وزن عظيم عند الله، فيُسنّ الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، ويستشهد العلماء بقول الله تعالى ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾، وهذه الأيام هي أيام التشريق الثلاثة، ومنها يوم القر، لذا فإن ترديد الأذكار في هذا اليوم يُعد من أجلّ القربات.
ثالثًا- الفرح والسرور بنعم الله
من السُّنن الغائبة عن بعض الناس أن يوم القر يوم فرح وسرور، فقد قال النبي ﷺ «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله»، ويستحب فيه للمسلم أن يُظهر بهجته بنعم الله وأن يشارك أهله وذويه فرحة العيد الممتدة في هذه الأيام المباركة، وهو أمر لا يقل أجرًا عن باقي العبادات لأنه يعكس شكر العبد لنعم ربه.
حكم صيام يوم القر
يتساءل كثيرون عن جواز صيام يوم القر، وقد اتفقت المذاهب الفقهية الكبرى على أن «أيام التشريق» لا يجوز صيامها إلا في حالات محددة، فهذه الأيام تشمل يوم القر (اليوم الحادي عشر) واليوم الثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وهي كلها «أيام أكل وشرب وذكر لله»، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف.
وقد أوردت عائشة وابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرخص في صيام أيام التشريق «إلا لمن لم يجد الهدي» من الحجاج، وبذلك فإن صيام يوم القر لا يُستحب ولا يُشرع للمسلم العادي، بل يُعد مكروهًا أو محرمًا إلا للحاج المتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي، أما غير الحجاج، فالصوم ليس من وسائل نيل أجر هذا اليوم، بل «الذكر والدعاء والفرح» أولى بالطاعة.
شعائر الحجاج في يوم القر
بينما ينشغل المسلم غير الحاج بالدعاء والذكر، يؤدي الحجاج في هذا اليوم شعائر محددة، أبرزها رمي الجمرات الثلاث، حيث يتوجهون إلى جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى، ويرمون كل منها بسبع حصيات مع التكبير عند كل رمية، ويستحب لهم أن يتوجهوا بالدعاء بعد كل جمرة، تأسيًا بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويبدأ وقت الرمي من بعد الزوال وحتى غروب الشمس، لكن يمكن الرمي في أي وقت من اليوم مراعاة للزحام.
ويمكث الحجاج في منى بعد أداء الرمي، ويُستحب لهم أن يواصلوا الذكر والتلبية، ويتفكروا في نعم الله عليهم أن اصطفاهم لزيارة بيته، ومن هنا تتأكد عظمة هذا اليوم، إذ يجمع بين سكينة الجسد وطمأنينة الروح، بين أداء المناسك والاجتماع على طاعة الله.
غير الحجاج.. كيف تستثمر يوم القر؟
«غير الحجاج» يستطيعون في هذا اليوم أن يسبقوا الحجاج في الأجر إن هم أخلصوا نيتهم لله وأحسنوا اغتنام فضائل اليوم، فباب الطاعة مفتوح بالدعاء، وباب الذكر مشرّع بالتكبير والتحميد، وباب الفرح متاح بإظهار الشكر، فـ «الحجاج» يعيشون هذا اليوم ميدانيًا، و«غير الحجاج» يعيشونه إيمانيًا، وكلاهما في رحمة الله، لذا فإن السعي في هذا اليوم لطلب الرضا الإلهي يُعد من أعظم الأعمال.