هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا دون تاسوعاء؟.. الإفتاء تجيب وتوضح الحكم

يثير موضوع «صيام» يوم عاشوراء دون صيام يوم تاسوعاء الكثير من التساؤلات بين المسلمين في هذه الأيام المباركة، ومع اقتراب حلول يوم عاشوراء، تتجدد الأسئلة حول جواز «صيام» هذا اليوم منفردًا وما إن كان ذلك مكروهًا أو جائزًا شرعًا، وقد أجاب الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن هذا السؤال الذي ورد إليه خلال البث المباشر على صفحة دار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حيث أوضح أن «صيام» يوم عاشوراء سنة وليس فرضًا، ويُسن أن يُصام معه يوم تاسوعاء أيضًا، ومع ذلك فإن من أراد أن يقتصر على «صيام» يوم عاشوراء فقط فله الأجر ولا حرج عليه شرعًا.
جواز صيام عاشوراء منفردًا
أكدت دار الإفتاء المصرية بشكل واضح أن «صيام» يوم عاشوراء بمفرده جائز شرعًا، ولا مانع من أدائه دون «صيام» يوم قبله أو بعده، وبيّنت أن «صيام» تاسوعاء هو أمر مستحب وليس واجبًا، وهو ما يعزز من رحابة الشريعة الإسلامية وتيسيرها على المسلمين الذين قد لا يستطيعون الجمع بين اليومين لأي سبب، وشددت الدار على أن أداء «صيام» عاشوراء وحده لا إثم فيه، بل يُرجى منه الأجر والثواب بإذن الله تعالى.
يوم تاسوعاء يوافق الجمعة هذا العام
أوضحت دار الإفتاء أن يوم تاسوعاء لهذا العام يوافق يوم الجمعة الرابع من يوليو، فيما يصادف يوم عاشوراء يوم السبت الخامس من يوليو، وجاء في الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن السبب، فأخبروه بأنه اليوم الذي نجّى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى عليه السلام، فقال النبي الكريم: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه، وهذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري يوضح فضل «صيام» عاشوراء ومكانته.
الحكمة من صيام تاسوعاء إلى جانب عاشوراء
أشارت دار الإفتاء إلى أن الجمع بين تاسوعاء وعاشوراء له عدة حكم شرعية، منها مخالفة اليهود الذين كانوا يقتصرون على «صيام» يوم عاشوراء فقط، وكذلك وصل «صيام» يوم بعاشوراء كي لا يكون مفردًا، وأيضًا للاحتمال الفلكي في وقوع خطأ في تحديد الهلال، مما قد يؤدي إلى اعتبار اليوم التاسع هو في الحقيقة العاشر، فكان الاحتياط بضم اليوم التاسع إلى العاشر في «الصيام» هو الأفضل.
فضل صيام عاشوراء في السنة النبوية
أما عن فضل «صيام» يوم عاشوراء، فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله»، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه ويُبرز فضل «صيام» هذا اليوم في تكفير الذنوب الصغيرة للعبد خلال عام مضى، مما يدل على أهمية اغتنام هذه المناسبة بالتقرب إلى الله.
الاقتداء بالنبي في صيام تاسوعاء
ذكرت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد أن صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، إن عاش للعام المقبل سيصوم يوم التاسع أيضًا، ولكنه توفي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدرك العام التالي، وهذا ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ويؤكد أن «صيام» تاسوعاء مع عاشوراء هو من السنن التي كان النبي ينوي الالتزام بها، وأوصى بها المسلمين من بعده.
آراء العلماء حول صيام عاشوراء منفردًا
تطرقت دار الإفتاء إلى أقوال العلماء من المذاهب المختلفة، حيث نقلت عن الإمام النووي في كتابه “المجموع” أن العلماء أجمعوا على استحباب «صيام» يومي عاشوراء وتاسوعاء، كما جاء في قول الإمام البهوتي الحنبلي في “الكشاف القناع” أن إفراد يوم العاشر بالصوم لا يُكره، وهو المذهب المعتمد لديهم، وهذا يدعم الرأي القائل بجواز «صيام» عاشوراء منفردًا.
أما المذهب الحنفي فقد ذهب إلى أن إفراد يوم عاشوراء بـ«الصيام» مكروه كراهة تنزيهية، أي أنه لا يحرم ولكنه خلاف الأولى، وجاء ذلك في “حاشية الطحطاوي” التي أوضحت أن من الأفضل أن يُضم يوم تاسوعاء إلى عاشوراء في «الصيام»، ومع ذلك فلا إثم على من صام عاشوراء فقط.
سبب تسمية يوم عاشوراء بهذا الاسم
أوضحت كتب المعاجم اللغوية أن يوم عاشوراء سُمي بهذا الاسم لأنه اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وهو يوم مميز في التاريخ الإسلامي، وكان اليهود يحتفلون به أيضًا ولكن مع اختلاف المعنى والغاية، وفي السياق الإسلامي أصبح هذا اليوم يوم «صيام» وشكر لله على نجاته لعبده موسى من فرعون، وفيه تتجدد معاني التوحيد والنجاة والاقتداء بالأنبياء.
يتضح من كل ما سبق أن «صيام» يوم عاشوراء سنة مؤكدة لها فضل عظيم، ويُستحب أن يُضم إليه «صيام» يوم تاسوعاء اتباعًا لهدي النبي الكريم، لكن من لم يستطع أو نوى «صيام» يوم عاشوراء وحده فله ذلك ولا إثم عليه، وهو ما تؤكده دار الإفتاء المصرية ويدعمه جمهور العلماء، كما أن التنوع في أداء النوافل هو من رحمة الإسلام وتيسيره، وهو ما يجعل هذا «الصيام» مجالًا مفتوحًا للتقرب إلى الله بيسر وسهولة.