صيام عرفة يكفر سنتين وعاشوراء سنة واحدة.. الإفتاء توضح السبب الشرعي

صيام يوم عرفة وصيام يوم عاشوراء يمثلان ركيزتين من «العبادات» الموسمية التي تحظى بمكانة كبيرة في نفوس المسلمين، وقد أوضح الشيخ محمد كمال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن الفرق في الثواب بين صيام اليومين يعكس «حكمة إلهية» وفضلًا ربانيًا عظيمًا يخص أمة سيدنا محمد ﷺ دون غيرها، وتأتي هذه التوضيحات في إطار حرص دار الإفتاء على نشر الوعي الديني وتصحيح المفاهيم المتعلقة بالعبادات الموسمية، وخاصة ما يتعلق بـ«صيام» الأيام الفضيلة التي تعد فرصًا عظيمة للتقرب إلى الله عز وجل.
صيام يوم عرفة يكفر سنتين كاملتين
أكد الشيخ محمد كمال أن «صيام» يوم عرفة يُكفر سنة ماضية وسنة قادمة، أي أن العبد يُغفر له ذنوب عام مضى وعام سيأتي، وهذا الفضل الرباني الكبير ليس من قبيل المصادفة، بل هو تكريم خاص من الله سبحانه وتعالى لأمة النبي ﷺ، وبيّن أن العلماء ذكروا عدة أسباب لهذا التميز في الثواب منها أن يوم عرفة لم يكن معروفًا عند الأمم السابقة، فهو يوم مخصوص بأمة النبي، ولذلك جعله الله مضاعف الأجر.
وأشار أمين الفتوى إلى أن يوم عرفة يقع في ذروة «الأشهر الحرم» حيث يسبقه ذو القعدة ويقع في منتصف ذي الحجة ويليه المحرم، وكلها من الأشهر التي عظّمها الله في كتابه الكريم، وبالتالي فإن اجتماع الزمن الفاضل والمناسبة الجليلة يزيد من شرف «صيام» هذا اليوم.
صيام عاشوراء سنة عن النبي وفيه فضل كبير
وفي المقابل أوضح الشيخ محمد كمال أن «صيام» يوم عاشوراء يكفّر سنة ماضية فقط، ورغم أن هذا الثواب عظيم وكبير إلا أنه أقل من يوم عرفة، ويعود ذلك لأن يوم عاشوراء كان معروفًا عند بني إسرائيل وكانوا يصومونه شكرًا لله على نجاة سيدنا موسى عليه السلام من فرعون، وقد صامه النبي ﷺ وأمر بصيامه تعظيمًا لهذا اليوم، إلا أن فضله مرتبط بأمة سابقة، بينما يوم عرفة جاء تكريمًا خالصًا لأمة محمد ﷺ.
وأضاف أن «صيام» عاشوراء لا يقلل من شأنه هذا الفرق، بل يظل من الأيام العظيمة التي ينبغي على المسلم الحرص على اغتنامها، وهو من أيام الله التي تحمل فيها النفحات الربانية، كما جاء في حديث النبي ﷺ: «إن لله في أيام دهركم لنفحات، ألا فتعرضوا لها»، وهذا الحديث يدل على أن الله يفتح أبواب المغفرة في أيام بعينها ومنها عرفة وعاشوراء.
فضل صيام الأيام المباركة في حياة المسلم
أكد أمين الفتوى أن المسلم العاقل هو من يغتنم هذه الأيام ولا يفرط فيها، لأن «صيام» يوم واحد في هذه المناسبات قد يُحدث تغييرًا كبيرًا في حياة العبد، سواء في تطهير الذنوب أو في تقريب القلوب إلى الله، وأشار إلى أن الأمة الإسلامية مكرّمة بنفحات ربانية متكررة، وأبواب المغفرة مفتوحة دائمًا لمن أراد العودة والتوبة، ومن أهم وسائل ذلك «صيام» الأيام التي ورد فيها فضل عظيم كأيام عرفة وعاشوراء وشهر رمضان.
كما شدد على أهمية أن يتحول «الصيام» في هذه الأيام إلى مناسبة للنية الصادقة والتوبة النصوح ومراجعة النفس، وليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، لأن الله عز وجل ينظر إلى القلوب والنيات، لا إلى الصور الظاهرة فقط.
لماذا صيام عرفة أعظم من عاشوراء؟
ذكر الشيخ محمد كمال أن عدة عوامل تجعل «صيام» يوم عرفة أعظم من يوم عاشوراء، منها:
أن عرفة يقع في ذي الحجة، وهو من أعظم الشهور
أنه مرتبط بالحج، وهو ركن من أركان الإسلام
أنه خاص بأمة محمد ﷺ دون سواها
أنه يقع بين أشهر حرم مما يضاعف أجر العمل الصالح فيه
أن النبي ﷺ وصفه بأنه يكفّر سنتين كاملتين من الذنوب
أما عاشوراء فرغم أنه من الأشهر الحرم أيضًا، إلا أن خصوصيته أقل من عرفة لأنه مشترك مع أمة بني إسرائيل، ورغم ذلك فإن «صيام» عاشوراء يبقى عبادة عظيمة لا ينبغي التفريط فيها.
الدعوة إلى اغتنام الفرص الربانية
دعت دار الإفتاء المصرية جميع المسلمين إلى اغتنام فرصة «صيام» هذه الأيام المباركة، لأن الوقت يمضي سريعًا والنفحات لا تأتي إلا مرات معدودة في السنة، وشددت على أن «صيام» هذه الأيام يمكن أن يكون سببًا في فتح أبواب الخير والتوفيق في حياة المسلم، كما أنه وسيلة لإصلاح القلب وتجديد التوبة ومحو الخطايا، وهذا من أعظم ما يُرجى من «الصيام» والعبادات بصفة عامة.
وأكدت دار الإفتاء أن من يحرص على «صيام» عرفة وعاشوراء فقد جمع بين فضلين عظيمين، أحدهما مخصوص بأمة النبي ﷺ والثاني سنة من سنن النبي الكريم الذي قال عنه «صوم يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله».
يبقى «صيام» عرفة وعاشوراء من أعظم أبواب الخير التي ينبغي للمسلم أن يطرقها بصدق وإخلاص، فقد بيّن النبي ﷺ فضل «الصيام» في هذه الأيام وما له من أثر عظيم على حياة العبد في الدنيا والآخرة، ومع كل نفحة من نفحات الله عز وجل تتجدد الفرص وتُفتح الأبواب أمام كل من أراد التوبة أو نيل المغفرة، ولا شك أن من يداوم على «صيام» الأيام الفضيلة يدرك أنه في طريق الاقتراب من الله والوصول إلى درجة من الإيمان والرضا لا تُقدّر بثمن.