بين الشائعة والحقيقة.. هل يكشف تحليل المخدرات عن السجائر؟

تحليل المخدرات هو الإجراء الذي أصبح مألوفًا في العديد من المؤسسات والجهات الحكومية والخاصة بهدف التأكد من خلو المتقدمين للوظائف أو العاملين من أي «مواد مخدرة» تؤثر على الأداء والسلامة العامة وبينما تتجه الأنظار إلى أنواع المخدرات المختلفة مثل الحشيش والترامادول والهيروين وغيرها يتساءل كثيرون عن ما إذا كانت «السجائر» تظهر في نتائج تحليل المخدرات وهل يُمكن أن يؤدي تدخين السجائر العادية إلى السقوط في اختبار تحليل يُستخدم لتحديد تعاطي المواد المخدرة هذا السؤال أثار الكثير من الجدل خاصة في أوساط الشباب والطلاب والموظفين ممن يخشون أن يتسبب «النيكوتين» الموجود في السجائر في نتائج تحليل غير مرغوبة.
ما الفرق بين السجائر والمخدرات في تركيبة المواد؟
السجائر تحتوي بشكل رئيسي على مادة «النيكوتين» وهي مادة منبهة تؤثر على الجهاز العصبي وتسبب الإدمان مع الوقت لكنها لا تُصنف ضمن المواد المخدرة التي تُؤثر على الوعي أو الإدراك بشكل مباشر مثل الحشيش أو الأفيون أو الترامادول لذلك فإن تحليل المخدرات الذي يُجرى للكشف عن تعاطي المخدرات لا يبحث عن آثار النيكوتين وإنما يتركز على «المواد المخدرة المصنفة» والتي لها تأثير مباشر على الإدراك والسلوك.
هل يظهر النيكوتين في نتائج تحليل المخدرات؟
النيكوتين بحد ذاته لا يظهر في «تحليل المخدرات» لأنه لا يُدرج ضمن قائمة المواد التي يتم اختبارها في التحاليل الروتينية التي تُستخدم للكشف عن تعاطي المخدرات مثل تحليل البول أو تحليل الدم أو تحليل الشعر أما إذا تم إجراء «تحليل خاص للنيكوتين» أو ما يُعرف بتحليل الكوتينين وهو المادة الناتجة عن تكسير النيكوتين في الجسم ففي هذه الحالة يمكن الكشف عن ما إذا كان الشخص مدخنًا أم لا لكن هذا النوع من التحليل لا يُستخدم عادة في اختبارات المخدرات التي تُركز على المواد ذات التأثير النفسي والسلوكي.
لماذا يعتقد البعض أن السجائر قد تظهر في تحليل المخدرات؟
الاعتقاد الخاطئ بأن السجائر تظهر في تحليل المخدرات يعود إلى التشابه بين طبيعة «الإدمان» الناتج عن النيكوتين وبين إدمان بعض المواد المخدرة الأخرى كما أن الخوف من اختبار المفاجأة أو القلق من فقدان الوظيفة يدفع البعض إلى «الخلط بين أنواع التحاليل» وعدم التمييز بين تحليل المخدرات وتحليل النيكوتين بالإضافة إلى ذلك هناك شائعات تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة تروج لفكرة أن أي تدخين قد يؤثر على نتائج تحليل المخدرات وهو ما لا يستند إلى أي أساس علمي.
أنواع تحليل المخدرات وما تكشفه فعليًا
هناك أكثر من نوع لـ«تحليل المخدرات» وأكثرها شيوعًا هو تحليل البول لأنه سهل وسريع ورخيص التكلفة ويكشف عن وجود مواد مخدرة مثل الحشيش والترامادول والهيروين خلال فترة زمنية محددة كما أن هناك تحليل الدم وهو أكثر دقة ويُستخدم في حالات معينة وكذلك تحليل الشعر الذي يُمكنه اكتشاف تعاطي المخدرات على مدى زمني أطول وكل هذه الأنواع تركز فقط على «المواد المخدرة المصنفة» ولا تهتم بالكشف عن النيكوتين إلا إذا كان الهدف من التحليل هو معرفة ما إذا كان الشخص يُدخن لأسباب طبية أو تأمينية.
متى يُجرى تحليل النيكوتين؟
تحليل النيكوتين لا يُجرى بشكل روتيني في اختبارات المخدرات بل يتم طلبه في حالات محددة مثل طلبات التأمين الصحي التي تفرض رسومًا أعلى على المدخنين أو في برامج الإقلاع عن التدخين التي تسعى لرصد مدى التزام الشخص بالعلاج وفي هذه الحالات يتم تحليل الدم أو البول للبحث عن مادة «الكوتينين» وهي المادة التي تبقى في الجسم بعد تحلل النيكوتين وتُعتبر دليلًا قاطعًا على تعاطي السجائر أو منتجات التبغ المختلفة لكن هذا النوع من التحليل لا علاقة له بتحليل المخدرات من الناحية الإجرائية.
هل يُمكن أن تؤثر بعض المنتجات المشابهة على نتائج تحليل المخدرات؟
رغم أن السجائر لا تظهر في تحليل المخدرات إلا أن بعض «البدائل» مثل السجائر الإلكترونية أو منتجات الفيب أو السجائر التي تحتوي على مواد مخدرة مضافة مثل الحشيش قد تؤدي إلى ظهور نتائج إيجابية في التحليل خاصة إذا كانت هذه المنتجات تحتوي على «مواد غير قانونية» أو مركبات مخدرة لذلك من الضروري الانتباه إلى مكونات ما يتم تدخينه أو استنشاقه لأن بعض الأنواع غير المصرح بها قد تحتوي على مواد قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة عند إجراء تحليل المخدرات.
نصائح لتجنب اللبس والارتباك عند التحليل
لضمان عدم الوقوع في اللبس عند الخضوع لأي نوع من التحاليل يُنصح بالتعرف على نوع التحليل المطلوب بدقة والاستفسار من الجهة المختصة عن المواد التي سيتم فحصها كما يُنصح بعدم استخدام أي نوع من المكملات أو الأعشاب أو منتجات التبغ غير المعروفة قبل إجراء التحليل والتأكد من الابتعاد عن أي منتجات مشبوهة قد تؤدي إلى نتائج إيجابية عن طريق الخطأ وإذا كان لدى الشخص أي ظروف طبية تستدعي استخدام أدوية أو منتجات معينة فعليه الإفصاح عنها قبل التحليل.
الواقع العلمي يؤكد أن «تحليل المخدرات» لا يكشف عن السجائر العادية ولا يُظهر مادة النيكوتين ضمن نتائجه ما لم يُطلب تحليل خاص لذلك وما يُشاع حول ظهور السجائر في التحاليل هو مجرد «معلومة مغلوطة» يتم تداولها دون أساس علمي صحيح لذلك لا داعي للقلق بشأن تدخين السجائر عند الخضوع لتحليل مخدرات روتيني لكن يبقى الأهم هو التفكير في الإقلاع عن التدخين لأسباب صحية وليس فقط لتفادي نتيجة تحليل.