متى تتحول «الزوائد الجلدية» إلى ناقوس خطر لمقاومة الأنسولين؟
الزوائد الجلدية من المشكلات الجلدية الشائعة التي يعاني منها كثير من الناس خصوصًا في أماكن مثل الرقبة وتحت الإبطين والجفون ومناطق أخرى من الجسم، وعلى الرغم من أن «الزوائد» غالبًا ما تكون غير مؤذية من الناحية الطبية إلا أن ظهورها بشكل متكرر أو بكميات كبيرة قد يشير إلى مشكلة صحية أعمق، وعلى رأس هذه المشكلات تأتي «مقاومة الأنسولين» التي باتت تُعرف اليوم كأحد المؤشرات الأولية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
ما هي الزوائد الجلدية ولماذا تظهر؟
تُعرف «الزوائد الجلدية» بأنها نتوءات صغيرة وناعمة تنمو على سطح الجلد وتتصل به من خلال قاعدة ضيقة أو عنق رفيع، وهي تتكون عادة من نسيج ليفي وبعض الأوعية الدموية مغطاة بطبقة من الجلد، وتظهر هذه الزوائد عادةً في المناطق التي يحدث فيها احتكاك مستمر سواء بين الجلد وبعضه أو بين الجلد والملابس.
وفي معظم الحالات تظهر الزوائد لدى الأشخاص في منتصف العمر أو كبار السن خاصة من يعانون من السمنة أو الوزن الزائد، كما أن الحمل والتغيرات الهرمونية يمكن أن تسهم في تكوين الزوائد لدى النساء، ومع ذلك فإن ظهور الزوائد بشكل مفاجئ أو متزايد قد يكون علامة خفية على خلل في التمثيل الغذائي.
العلاقة بين الزوائد الجلدية ومقاومة الأنسولين
خلال السنوات الأخيرة بدأت الدراسات الطبية تربط بين «الزوائد الجلدية» و«مقاومة الأنسولين» التي تعتبر مرحلة مبكرة وخطيرة من مراحل اضطراب السكر في الدم، حيث يحدث خلل في استجابة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين المسؤول عن تنظيم مستوى السكر مما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم وحدوث مشاكل صحية تدريجية.
وقد لاحظ الأطباء أن الكثير من الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين لديهم عدد كبير من الزوائد الجلدية خصوصًا في الرقبة ومنطقة تحت الإبطين وهي مناطق ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتغيرات التمثيل الغذائي ومستوى الإنسولين في الجسم، مما يجعل هذه الزوائد بمثابة «إشارة تحذيرية» مبكرة يمكن من خلالها التدخل قبل تفاقم الحالة.
لماذا تشير الزوائد الجلدية إلى خلل داخلي؟
تتكون الزوائد عندما تبدأ الخلايا الجلدية في الانقسام والنمو بشكل مفرط نتيجة لتحفيز غير طبيعي من بعض العوامل الهرمونية أو الالتهابية، ويُعتقد أن «الأنسولين الزائد» في الدم يمكن أن يعمل كمحفز لهذا النمو غير المنتظم مما يؤدي إلى ظهور الزوائد الجلدية كعرض جلدي خارجي لما يحدث داخل الجسم من مقاومة للأنسولين.
كما أن الأشخاص المصابين بمقاومة الأنسولين يعانون عادة من زيادة في هرمون النمو وعوامل أخرى تسبب تحفيزًا لنشاط الخلايا الليفية في الجلد مما يُعزز ظهور الزوائد بسرعة وبتوزيع غير معتاد، وبالتالي فإن الزوائد تصبح بمثابة «ناقوس خطر» يجب عدم تجاهله.
من هم الأكثر عرضة لظهور الزوائد المرتبطة بمقاومة الأنسولين؟
• الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو الوزن الزائد
• من لديهم تاريخ عائلي للإصابة بمرض السكري
• من يعانون من ارتفاع في ضغط الدم أو الكوليسترول
• النساء اللاتي يعانين من متلازمة تكيّس المبايض
• من يعتمدون على أنظمة غذائية غنية بالسكريات والكربوهيدرات المصنعة
• من يعانون من الخمول وقلة النشاط البدني
كل هذه الفئات معرضة بشكل أكبر لتطور مقاومة الأنسولين وظهور الزوائد الجلدية كنتيجة ثانوية لهذا الخلل في التوازن الداخلي.
كيف يمكن التمييز بين الزوائد العادية وتلك التي تدق ناقوس الخطر؟
الزوائد الجلدية التي تستدعي الانتباه عادة ما تظهر بكثرة وفي مناطق غير معتادة أو تنمو بشكل سريع وغير منتظم، كما أنها قد تترافق مع أعراض أخرى مثل اسمرار الجلد في بعض المناطق أو الشعور بالإرهاق المستمر أو الرغبة الدائمة في تناول السكريات، وكلها علامات تشير إلى خلل في استجابة الجسم للأنسولين.
وإذا لاحظ الشخص تكرار ظهور الزوائد الجلدية رغم إزالتها أو زيادتها بشكل ملحوظ في فترة زمنية قصيرة، فمن المهم جدًا إجراء فحوصات للسكر التراكمي ومستوى الأنسولين في الدم ومؤشرات مقاومة الأنسولين للاطمئنان على الحالة العامة.
ماذا تفعل إذا لاحظت ظهور الزوائد بشكل مفاجئ؟
• لا تتجاهل الأمر وابدأ بمراقبة نمط ظهور الزوائد من حيث العدد والمكان
• استشر طبيب الجلدية لفحصها والتأكد من أنها غير مرتبطة بمشكلة جلدية أخرى
• اطلب تحليلًا لمستوى السكر في الدم على الريق وتحليل مقاومة الأنسولين
• اتبع نظامًا غذائيًا صحيا غنيًا بالبروتينات والخضروات وقليل النشويات
• مارس الرياضة بانتظام لتحسين حساسية الجسم للأنسولين
• تجنب الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية قدر الإمكان
هل يمكن إزالة الزوائد الجلدية بسهولة؟
نعم يمكن إزالة الزوائد الجلدية بطرق بسيطة مثل الكي بالتبريد أو الليزر أو الجراحة البسيطة تحت إشراف طبيب الجلدية، ولكن من المهم أن تعرف أن إزالة الزوائد لا تعني علاج السبب الداخلي بل يجب معالجة مقاومة الأنسولين من جذورها لتجنب ظهور الزوائد مجددًا.
ولهذا السبب يُفضل دائمًا الدمج بين العلاج الخارجي والعلاج الداخلي لضمان نتائج فعالة ومستدامة، فالمظهر الخارجي هو انعكاس حقيقي لصحة الجسم من الداخل.
متى تكون الزوائد الجلدية مؤشرًا لمشكلة خطيرة؟
في حالات نادرة قد تكون الزوائد الجلدية مرتبطة بأورام حميدة أو تحولات خلوية غير طبيعية خاصة إذا كانت مصحوبة بتغير في اللون أو الشكل أو بدأت في النزف أو الألم دون سبب واضح، وهنا يجب عدم تأجيل الفحص الطبي واختيار طبيب مختص بالأمراض الجلدية أو الغدد الصماء لمتابعة الحالة بشكل دقيق.
تُعد «الزوائد الجلدية» أحيانًا مجرد مشكلة جمالية بسيطة ولكنها قد تتحول في أحيان أخرى إلى «إنذار صامت» ينبّهك إلى وجود اختلال في توازن الجسم الداخلي مثل مقاومة الأنسولين، لذا فإن الانتباه لهذه التغيرات والتعامل معها بجدية قد يساعد في الوقاية من مشكلات صحية أكبر على المدى الطويل، فلا تهمل أبدًا إشارات جسدك ولا تتردد في طلب المساعدة الطبية عند الحاجة.
