الإثنين 03 نوفمبر 2025 الموافق 12 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

كنوز الدلتا.. المتحف المصري الكبير يعرض تماثيل «تل الفرخة»

المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير

تحتل إحدى القطع الأثرية النادرة مكانة بارزة داخل قاعات العرض بالمتحف المصري الكبير، مؤكدة على أن جذور الحضارة المصرية تمتد عميقاً في الشمال قبل بناء الأهرامات بآلاف السنين. 

يتعلق الأمر بـ «تماثيل تل الفرخة»، التي اختارها المتحف لتكون ضمن مجموعة القطع التي تمثل عصور ما قبل الأسرات في سيناريو العرض المتحفي الجديد.

ويأتي عرض مجموعة تل الفرخة بالمتحف المصري الكبير بهدف أعمق من مجرد إبراز قيمتها الأثرية؛ إنه يهدف إلى توثيق «تطور الإنسان المصري منذ فجر التاريخ وحتى قيام الدولة الموحدة». 

وتُعرض هذه القطع داخل قاعة مخصصة تضم نماذج فريدة من أدوات الزينة والحِرف والفخار والرموز الجنائزية التي تُظهر بوضوح ملامح المجتمع المصري قبل خمسة آلاف عام. 

إن هذه التماثيل والقطع هي بمثابة شهادة حية على التطور الحضاري في منطقة الدلتا، وتؤكد أن الإبداع المصري لم يكن محصوراً في وادي النيل الجنوبي فقط.

تل الفرخة: شاهد على فجر الحضارة في الدقهلية

يقع موقع تل الفرخة الأثري في قلب محافظة الدقهلية، على بُعد نحو 55 كيلومتراً من مدينة المنصورة.

 ويُعد هذا التل أحد أهم المواقع الأثرية التي تعود لعصور ما قبل الأسرات، حيث كشف عن مجموعة من أندر وأقدم القطع الأثرية في تاريخ مصر القديمة.

 وبفضل هذه الاكتشافات، تحولت هذه البقعة الصغيرة في شمال الدلتا إلى «شاهدٍ حيّ على فجر الحضارة المصرية» قبل أكثر من ستة آلاف عام.

يُعد الموقع من أبرز المراكز الاقتصادية والدينية في تلك الحقبة المبكرة، وقد أسفرت الحفائر التي أجرتها بعثة مصرية في عام 2017 عن اكتشاف مجموعة من الصلايات الحجرية التي بدأت كأدوات بسيطة لطحن مساحيق الزينة مثل الكحل، قبل أن تتحول لاحقاً إلى «لوحات تذكارية ودينية» تسجل الأحداث الكبرى في تاريخ مصر القديم، مثل عملية توحيد القطرين التي ظهرت على صلاية الملك نعرمر. 

كما كشفت الحفائر عن أوانٍ فخارية وسكاكين من الظران، عاكسةً بذلك بدايات الحِرف والصناعات المصرية الأولى في عصور ما قبل الأسرات.

الكنز الأبرز: تماثيل خشبية مذهبة أقدم من الأهرامات بـ 1500 عام

يظل الاكتشاف الأبرز في تل الفرخة هو الذي تم على يد بعثة بولندية في عام 2006، حيث عثرت البعثة على اثنين من أندر التماثيل الخشبية المذهبة في تاريخ مصر القديمة. 

يعود هذان التمثالان إلى عصر نقادة الثالثة، الذي يُؤرخ له بحوالي 3500 قبل الميلاد. 

وتؤكد الدراسات الأثرية أن تماثيل تل الفرخة أقدم من أهرامات الجيزة بنحو 1500 عام، أي أنها تعود إلى مرحلة فجر الحضارة حين بدأت ملامح الدولة المركزية في التشكل على ضفاف النيل.

التمثالان يمثلان رجلين عاريين، أحدهما أكبر حجماً يتراوح بين 70 و80 سم، والآخر أصغر بحجم يتراوح بين 35 و40 سم. 

والمثير أن التمثالين «مطعمان بالذهب»، وعيونهما مرصعة بحجر اللازورد النادر، مما يدل على المكانة المرموقة للشخصين الممثلين فيهما، ويُرجّح أن أحدهما كان حاكم البلدة والآخر ابنه.

وتكشف تفاصيل الصناعة عن «دقة فنية استثنائية»، إذ صُنعت التماثيل من الخشب المصري المحلي، ثم طُعّمت بشرائح من الذهب ومواد نادرة، ولُفت حولها أوراق مذهبة لحمايتها. 

ورغم أن أجزاء منها تعرضت للتلف بفعل الزمن، فإنها ما زالت تحتفظ بـ«جمالها الأخاذ» الذي يعكس تطور المهارات الحرفية والفنية لدى المصريين في تلك الحقبة المبكرة من التاريخ.

صورة شاملة للمجتمع: الحياة قبل التوحيد

لم تقتصر اكتشافات تل الفرخة على التماثيل فقط، بل قدمت البعثات الأثرية صورة شاملة عن نمط الحياة اليومية للمصريين قبل توحيد القطرين. فقد كشفت الحفائر عن:

مصانع للجعة، مما يشير إلى النشاط الاقتصادي والتغذية السائدة.

مدافن للأطفال.

منازل سكنية قديمة.

توفر هذه الاكتشافات مجتمعةً صورة شاملة عن أنماط الحياة اليومية في تلك الفترة، وتُظهر ملامح التنظيم الاجتماعي والاقتصادي في أولى مراحل تكوين الدولة المصرية القديمة. 

إن عرض هذه المجموعة الفريدة في المتحف المصري الكبير هو اعتراف بأهمية الدلتا في نشأة الحضارة المصرية، وتوثيق للتطور الذي مهد لظهور أقدم دولة في التاريخ.

تم نسخ الرابط