دراسة: الحميات المعتمدة على العصائر قد تؤثر سلبًا على صحة الأمعاء
![العصائر](/UploadCache/libfiles/3/9/800x450o/2.jpeg)
في السنوات الأخيرة أصبحت الحميات الغذائية المعتمدة على العصائر شائعة بين الأشخاص الذين يسعون لفقدان الوزن بسرعة أو تنظيف الجسم من السموم، حيث تعتمد هذه الحميات بشكل أساسي على استهلاك العصائر الطازجة المصنوعة من الفواكه والخضروات بدلاً من تناول وجبات غذائية كاملة.
ومع أن هذه الحميات تبدو مغرية للكثيرين نظرًا لوعودها السريعة بتحسين الصحة وتعزيز النشاط، إلا أن دراسة حديثة كشفت عن تأثيرات سلبية قد تلحقها هذه الحميات بصحة الأمعاء، مما يثير تساؤلات حول مدى فائدتها الحقيقية على المدى الطويل.
الحميات القائمة على العصائر
تشير الدراسة التي أجريت مؤخرًا إلى أن الحميات القائمة على العصائر قد تؤدي إلى اختلال التوازن في ميكروبيوم الأمعاء، وهو النظام البيئي المعقد للبكتيريا النافعة التي تلعب دورًا حيويًا في عملية الهضم وتعزيز المناعة، فعند الاعتماد على العصائر فقط لفترات طويلة، يتم تقليل استهلاك الألياف التي تعد ضرورية لدعم نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، حيث إن الألياف الغذائية غير القابلة للذوبان الموجودة في الأطعمة الكاملة مثل الحبوب الكاملة والخضروات تعزز حركة الأمعاء وتساعد في الحفاظ على بيئة معوية صحية، ولكن عند استبدال هذه الأطعمة بالعصائر السائلة، يتعرض الميكروبيوم لاختلالات قد تؤدي إلى مشكلات هضمية مثل الانتفاخ والإمساك والإسهال.
ارتفاع مستويات السكر
كما أظهرت الدراسة أن العصائر تحتوي على مستويات عالية من السكر الطبيعي المستخلص من الفواكه، ورغم أن هذا السكر قد يبدو أكثر صحة مقارنة بالسكر المضاف، إلا أن تناوله بكميات كبيرة دون وجود ألياف تبطئ من امتصاصه قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مفاجئ، مما يضع ضغطًا إضافيًا على البنكرياس لإنتاج الأنسولين، وبمرور الوقت، قد يزيد ذلك من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين وارتفاع فرص التعرض لمرض السكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مستمر قد يؤدي إلى التهابات في الجسم تؤثر سلبًا على صحة الأمعاء والجهاز الهضمي بشكل عام.
البروتينات والدهون الصحية
وأشارت الدراسة إلى أن الحميات القائمة على العصائر قد لا توفر كمية كافية من البروتينات والدهون الصحية التي يحتاجها الجسم للحفاظ على وظائفه الحيوية، فالبروتينات ضرورية لإصلاح الأنسجة وتعزيز قوة العضلات، كما أن الدهون الصحية مثل الأحماض الدهنية أوميجا-3 تساهم في تقليل الالتهابات وتعزيز صحة الدماغ والقلب، وعند غياب هذه العناصر الأساسية في النظام الغذائي، قد يواجه الجسم نقصًا غذائيًا يؤدي إلى ضعف المناعة وانخفاض مستويات الطاقة وصعوبة التركيز، كما قد يؤثر ذلك على صحة الأمعاء من خلال تقليل إنتاج المخاط الواقي في جدار الأمعاء، مما يجعلها أكثر عرضة للالتهابات.
الحميات السائلة
وعلاوة على ذلك، فإن الاعتماد المطول على الحميات السائلة قد يؤثر على عملية المضغ وإفراز اللعاب، وهما عنصران أساسيان في الهضم الصحي، حيث يساعد المضغ على تحفيز إنتاج إنزيمات الهضم في المعدة والأمعاء، كما أن اللعاب يحتوي على إنزيمات تسهم في تفكيك الكربوهيدرات قبل وصولها إلى المعدة، وعند تناول الطعام في صورة سائلة فقط، يتم تجاوز هذه المرحلة الهامة من عملية الهضم، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في امتصاص العناصر الغذائية ويسبب مشاكل في الجهاز الهضمي على المدى البعيد.
الصحة العقلية والنفسية
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن الحميات الغذائية القائمة على العصائر قد تؤثر على الصحة العقلية والنفسية، فعلى الرغم من أن البعض يشعرون بالنشاط في البداية نتيجة استهلاك الفيتامينات والمعادن من العصائر، إلا أن غياب المغذيات الأساسية مثل البروتينات والدهون قد يؤدي إلى تقلبات في مستويات الطاقة والمزاج، مما يزيد من احتمالية الشعور بالتوتر والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى ذلك، فإن الشعور المستمر بالجوع نتيجة نقص الألياف والبروتين قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام بمجرد العودة إلى النظام الغذائي العادي، مما قد يتسبب في زيادة الوزن بدلاً من فقدانه.
ونظرًا لهذه التأثيرات السلبية، أوصى الباحثون بضرورة التعامل بحذر مع الحميات القائمة على العصائر وعدم الاعتماد عليها كنظام غذائي مستمر، وبدلاً من ذلك يمكن دمج العصائر الطازجة كجزء من نظام غذائي متوازن يشمل جميع العناصر الغذائية الأساسية، كما أكدوا على أهمية تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضروات الورقية والبقوليات والحبوب الكاملة لدعم صحة الأمعاء، بالإضافة إلى ضرورة استهلاك البروتينات والدهون الصحية للحفاظ على استقرار مستويات الطاقة وتعزيز صحة الجهاز الهضمي والجسم بشكل عام.
الحميات المعتمدة على العصائر قد تبدو وسيلة سريعة لفقدان الوزن أو تحسين الصحة، لكنها قد تحمل آثارًا جانبية سلبية على صحة الأمعاء والجسم بشكل عام، فبدلاً من البحث عن حلول سريعة، من الأفضل اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية للحفاظ على صحة الأمعاء وتعزيز العافية على المدى الطويل.