الخميس 05 يونيو 2025 الموافق 09 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

«مناسك الحج بين الأركان والواجبات».. دليلك الشامل لفهمها خطوة بخطوة

أركان الحج
أركان الحج

الحج هو أحد «الفرائض العظيمة» التي شرعها الله لعباده المسلمين، وقد ورد في كتابه الكريم قوله تعالى ﴿وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات﴾، فقد جعل الله «الحج» شعيرة جامعة، تلتقي فيها القلوب والأجساد على توحيد الله، وتجتمع فيها الأرواح على هدف عظيم هو طاعته ورضاه، لهذا يتكرر الحديث في كل موسم عن «الحج» وفضله وأركانه وواجباته، خاصة لأولئك الذين يستعدون للسفر لأداء هذه الفريضة العظيمة التي تعد الركن الخامس من أركان الإسلام.

فضل الحج كما ورد في القرآن والسنة

لقد تواترت النصوص الشرعية التي تدل على مكانة «الحج» وأثره العظيم في تطهير النفس وغفران الذنوب، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»، أي أنه يعود خاليًا من الذنوب والآثام كطفل وُلد من جديد، وهذا يعكس قيمة الحج ومكانته العظيمة في ميزان الحسنات.

وقد ربطت الآيات القرآنية بين الحج وبين «ذكر الله»، و«الشهادة بالمنافع»، و«الإنفاق»، و«الطاعة»، و«التقوى»، مما يعكس تكامل شعائره بين الجسد والروح، وبين العلاقة مع الله والعلاقة مع الناس.

أركان الحج كما أقرتها دار الإفتاء المصرية

كشفت دار الإفتاء المصرية في بياناتها الرسمية عن أن «الحج» يقوم على أربعة أركان أساسية، لا يصح الحج إلا بها، وهذه الأركان تشمل:

1- الإحرام، وهو النية المجردة للدخول في النسك، ولا بد أن يكون الإحرام من «الميقات» المخصص لكل بلد، فالحاج القادم من مصر مثلاً يُحرم من «ميقات الجحفة» إذا حاذاه، أما القادم من اليمن فميقاته «يلملم»، وكل حاج مطالب بالإحرام من الميقات الخاص ببلده

2- الوقوف بعرفة، ويعد أهم ركن في «الحج»، فمن فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج، ويكفي أن يكون الحاج في عرفة ليلة التاسع من ذي الحجة بعد الزوال إلى ما قبل طلوع الفجر، سواء أتى نهارًا أو ليلًا

3- طواف الإفاضة، وهو طواف الحج الرئيسي الذي يأتي بعد الرجوع من عرفات، ويؤدى سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، ويجب تأديته في وقت الحج بعد يوم النحر

4- السعي بين الصفا والمروة، ويتم بعد طواف الإفاضة، وهو سبعة أشواط تبدأ من الصفا وتنتهي بالمروة، ويجب أن يكون السعي بعد الطواف، كما يحرص الحجاج على استحضار النية والنية فقط في هذه المناسك دون التلفظ بها

واجبات الحج السبعة وأهميتها في استكمال الشعيرة

لا يكتمل «الحج» الصحيح إلا بإتمام واجباته، التي جاءت تفصيلًا في سبعة أعمال لا غنى عنها، وفي حال ترك أحدها عمدًا دون عذر يكون الحاج مطالبًا بالفدية أو الهدي.

أول هذه الواجبات هو الإحرام من الميقات الشرعي المخصص لكل بلد، فلا يجوز الإحرام قبل الميقات ولا بعده إلا لمن جاوزه ناسيًا أو مضطرًا.

ثاني الواجبات يتمثل في الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس، لمن حضرها نهارًا، أما من أتاها في الليل فيكفيه وقت الوقوف ليلًا قبل طلوع الفجر.

وثالثًا يأتي المبيت بمزدلفة بعد الانصراف من عرفات، وهو من الواجبات التي فيها تيسير، حيث يكفي أن يحضر الحاج إلى مزدلفة بعد منتصف الليل ويبقى فيها ولو قليلاً.

أما رابع الواجبات فهو المبيت بمنى في ليالي التشريق، أي ليلة الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، وليلة الثالث عشر لمن لم يتعجل، ويشترط حضور الحاج معظم الليل.

خامس الواجبات هو رمي الجمرات الثلاث، وهي جمرة العقبة الكبرى التي تُرمى يوم العيد، ثم جمرات أيام التشريق الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى، ويُلقى في كل واحدة سبع حصيات.

سادسًا يجب على الحاج الحلق أو التقصير، حيث يُستحب للرجل أن يحلق رأسه، وهو الأفضل، أما المرأة فتقصر شعرها بقدر أنملة فقط، وهو ما يتناسب مع حيائها وخصوصيتها.

يأتي طواف الوداع كخاتمة لمناسك «الحج»، ويشترط فيه أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت الحرام قبل سفره، ولا يُطلب من الحائض أو النفساء هذا الطواف، بل تسقط عنها هذه الفريضة.

الحج والتكامل بين الأركان والواجبات

«الحج» ليس فقط أركانًا تُؤدى وواجبات تُستكمل، بل هو مدرسة إيمانية تُعلّم الصبر والطاعة والخضوع لله تعالى، ويجد الحاج في تنقله بين الميقات وعرفة ومزدلفة ومنى والكعبة رمزية رائعة للحياة نفسها، من البدايات إلى النهايات، ومن السعي إلى الطواف، ومن التلبية إلى التكبير، حيث يظل الإنسان طوال «الحج» في حالة من الذكر والدعاء والرجاء، فيتطهّر قلبه من الشرك والرياء، ويعود إلى أهله كما ولدته أمه.

رسائل الحج من منظور روحي واجتماعي

في ظل الانشغال الدنيوي وكثرة الفتن، يأتي «الحج» ليذكّر المسلمين بمعاني «الوحدة»، و«التسامح»، و«المساواة»، حيث يقف الغني إلى جوار الفقير، والشريف بجانب البسيط، وكلهم يرتدون زيًا واحدًا، يؤدون شعيرة واحدة، في مكان واحد، لهدف واحد هو «رضا الله»، ولذلك فإن أداء مناسك «الحج» ليس فقط فرضًا دينيًا، بل علاجًا نفسيًا وروحيًا واجتماعيًا.

يظل «الحج» من أعظم العبادات التي تتطلب إعدادًا نفسيًا وروحيًا وماديًا، ولا ينبغي أن يقتصر الحديث عنه على الطقوس الظاهرة فقط، بل يجب أن يمتد إلى معانيه الباطنة، وآثاره على السلوك والتقوى، فالحج المقبول لا جزاء له إلا الجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، لذلك فإن التحضير له لا بد أن يكون على قدر مقامه، وتفصيل أركانه وواجباته يُعد خطوة أساسية نحو أداء فريضة عظيمة ترضي الله وترفع العبد في درجات الآخرة.

تم نسخ الرابط