الأربعاء 14 مايو 2025 الموافق 16 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز الحج عن المريض غير القادر على السفر؟.. الإفتاء تحسم الجدل

الحج
الحج

الحج من العبادات التي فرضها الله سبحانه وتعالى على كل مسلم قادر، ولكن ماذا لو لم يكن الإنسان قادرًا على أداء فريضة «الحج» بنفسه؟ وهل يجوز لغيره أن ينوب عنه؟ هذا ما يحاول «القارئ نيوز» الإجابة عنه من خلال ما ورد في فتوى جديدة من «دار الإفتاء المصرية» تلقتها بشأن حالة واقعية تسأل عن مدى صحة أداء الابن للحج عن والدته المريضة التي تعاني من ظروف صحية صعبة ولا تستطيع الثبات على وسيلة الانتقال.

سؤال يفتح بابًا فقهيًّا حول «الحج» عن الغير

تقول تفاصيل السؤال الذي ورد إلى دار الإفتاء إن السائل أوضح أن والدته حاولت مرارًا أن تؤدي فريضة «الحج» لكنها لم توفق، ومع تقدمها في السن أصبحت غير قادرة على التحمّل الجسدي، فهي تبلغ من العمر ثمانية وستين عامًا، ولا تستطيع التحكم في البول، كما يُصيبها دوار من ركوب السيارة، وهو ما جعل أداء مناسك «الحج» مستحيلًا بالنسبة لها، وأضاف السائل أنه أدى «الحج» عن نفسه سابقًا، ثم قرر أن «يحج» عن والدته من مالها وهي على قيد الحياة، فهل يصح ذلك؟.

نص الحديث الشريف يدعم جواز النيابة في «الحج»

دار الإفتاء ردت على هذا الاستفسار موضحة الحكم الشرعي، حيث استندت إلى الحديث الوارد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والذي جاء فيه أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، وكان الفضل بن عباس رديف النبي، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في «الحج» أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال: «نعم، حجي عن أبيك»، وهو حديث صحيح رواه البخاري وأحمد وغيرهم من أهل الحديث.

المعضوب في الفقه.. ومشروعية النيابة في «الحج»

أوضحت «الإفتاء» أن الفقه الإسلامي يصف الشخص الذي لا يثبت على الراحلة بسبب مرض أو عجز دائم بأنه «معضوب»، وقد أجاز العلماء «الحج» عنه كما يجوز «الحج» عن المتوفى، فإذا عجز الإنسان عن الحركة أو الثبات أو كان مصابًا بمرض مزمن يمنعه من السفر وأداء المناسك، فإن له أن ينيب غيره في «الحج»، بشرط أن يكون النائب قد «حج» عن نفسه أولًا.

وبناءً على ذلك، تؤكد «دار الإفتاء» أن السائل إن كان قد «حج» عن نفسه سابقًا، ثم أدى «الحج» عن والدته المريضة وهي على قيد الحياة ومن مالها، فإن ذلك جائز وصحيح ولا حرج فيه، وتبرأ به ذمة والدته.

الحج والعمرة في سفرة واحدة عن شخصين متوفَّين.. هل يجوز؟

السؤال لم يتوقف عند الحالة الأولى، بل ورد لدار الإفتاء استفسار آخر من شخص أراد أن يعرف الحكم الشرعي فيمن سافر إلى «الحج»، ونوى أداء عمرة عن أمه المتوفاة، و«الحج» عن أبيه المتوفى، ثم في العام التالي يعكس الأمر، أي «يحج» عن أمه ويعتمر عن أبيه، فهل يجوز ذلك؟.

جاء الرد واضحًا من «دار الإفتاء»، حيث أكدت أنه يجوز أداء العمرة عن شخص والحج عن شخص آخر في سفرة واحدة، وإذا تم هذا الترتيب في عامين متتالين، فإن الشخص في هذه الحالة يُعد «متمتعًا» ويجب عليه «دم التمتع»، وذلك لأن العمرة والحج نُسُكٌ مستقلٌّ لكلٍ منهما شروطه وأركانه، ولا يشترط أن يكون النسكين عن نفس الشخص.

جواز النيابة في «الحج» عن الميت والعاجز.. وفقًا لأقوال الفقهاء

استدلت «الإفتاء» على ذلك بما جاء في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله في «الحج» أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال: «نعم»، كما ورد أيضًا عن امرأة من جهينة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ فقال: «نعم، حجي عنها، أفرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟» قالت: نعم، قال: «فاقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء».

الشرط الجوهري لصحة «الحج» بالنيابة

يشترط لصحة «الحج» بالنيابة عن الغير أن يكون الشخص الذي يؤدي النسك قد أتم «الحج» عن نفسه أولًا، وهذا ما أوضحته الأحاديث أيضًا، ومنها ما جاء عن رجل قال للنبي: لبيك عن شبرمة، فقال له النبي: «من شبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب لي، قال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة»، وهذا يؤكد أهمية أداء الفريضة الأصلية قبل أن يُشرع الإنسان في النيابة عن غيره.

الخلاف الفقهي حول الدم في حالة التمتع بين عمرة وحج عن شخصين مختلفين

تطرقت «الإفتاء» أيضًا إلى تفصيل فقهي مهم، حيث ذكرت أن الفقهاء اختلفوا في توصيف حالة مَن يؤدي العمرة عن شخص والحج عن آخر، هل هو «متمتع» يجب عليه دم أم لا؟ فرأى جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة أن وقوع النسكين عن شخصين مختلفين لا يمنع وصف التمتع، وبالتالي يجب الدم، وهذا ما أكده العلامة المرغيناني في الهداية، والإمام النووي في المجموع.

الحج من العبادات التي تُقبل فيها النيابة بشروط

«الحج» عبادة عظيمة، وقد راعت الشريعة الإسلامية حال الإنسان العاجز أو المريض، فأجازت له الاستعانة بغيره إذا توافرت الشروط، وجعلت النيابة في «الحج» جائزة عن المريض العاجز، وعن المتوفى كذلك، لتؤكد رحمة الدين الإسلامي وتيسيره، ومن ثم فإن على من ينوي النيابة في «الحج» أن يتحقق من الشروط، وأهمها أن يكون قد أدى «الحج» عن نفسه، وأن يكون النائب أهلًا للقيام بهذه الفريضة العظيمة نيابة عن غيره، ليصل الثواب للمنوب عنه كاملًا بإذن الله.

تم نسخ الرابط