عزاء الفنانة سميحة أيوب غدا بمسجد عمر مكرم.. وداع يليق بـ«سيدة المسرح»

تتلقى أسرة الفنانة الراحلة سميحة أيوب العزاء غدًا الخميس، في مسجد عمر مكرم بمنطقة وسط البلد، وسط حالة من الحزن والحداد الفني والثقافي بعد رحيل واحدة من أيقونات الفن المصري والعربي، التي تركت بصمة نادرة في تاريخ المسرح والدراما والسينما.
الشركة المتحدة تنعي الفنانة الكبيرة
وفي بيان نعي رسمي، عبّرت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية عن حزنها العميق لرحيل الفنانة القديرة، وقالت: «ننعي ببالغ الحزن والأسى سيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي رحلت عن عالمنا بعد مسيرة فنية عظيمة أثرت بها وجدان الشعوب العربية، وأعلت من شأن الفن والمسرح المصري والعربي. رحم الله الفقيدة، وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان».
بداية الحكاية.. من شبرا إلى المعهد العالي للفنون
وُلدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا الشعبي في القاهرة، وسط بيئة بسيطة لكنها كانت غنية بالحياة والمشاعر، وهو ما انعكس لاحقًا على أدائها الفني المتقن والعميق.
ومنذ الصغر، عشقت سميحة الفن، وتعلقت بالمسرح تحديدًا، ما دفعها إلى الالتحاق بـالمعهد العالي للفنون المسرحية.
درست على يد كبار الأساتذة والمخرجين، وفي مقدمتهم زكي طليمات، الذي تنبأ لها بمستقبل لامع على خشبة المسرح. وقد صدقت النبوءة.
المسرح.. العشق الأول والأبدي
كانت البداية الحقيقية لسميحة أيوب من خلال المسرح، حيث وقفت شامخة على الخشبة، وقدمت أعمالًا خالدة حفرت لنفسها مكانًا في ذاكرة الجمهور العربي. من أبرز مسرحياتها:
«سكة السلامة»
«رجل في القلعة»
«الفتى مهران»
وغيرها من الأعمال التي مثلت قفزة في المحتوى المسرحي العربي.
قيادة المسرح القومي.. دور إداري وثقافي
لم تكتفِ سميحة أيوب بالتألق على خشبة المسرح، بل شغلت لسنوات إدارة المسرح القومي، وكانت أول سيدة تتولى هذا المنصب الرفيع.
ومن خلاله، دفعت بالعشرات من المواهب إلى الساحة، وساهمت في تطوير النص المسرحي، كما اهتمت بالبعد الإنساني والاجتماعي في اختيار الأعمال المعروضة.
في الدراما.. بصمة لا تُنسى
رغم أن المسرح كان مملكتها الأولى، فإن سميحة أيوب لم تبتعد عن الشاشة الصغيرة، فشاركت في عدد كبير من المسلسلات الناجحة التي أسهمت في ترسيخ مكانتها الفنية لدى كل بيت مصري وعربي، ومن أبرز أعمالها:
«الضوء الشارد»
«بريق في السحاب»
«عصفور النار»
«الدوامة»
وغيرها من الأعمال التي كان لها صدى كبير وقت عرضها.
نجومية بلا ضجيج.. وتقدير متجدد
ما ميّز الفنانة الراحلة سميحة أيوب هو ابتعادها التام عن الأضواء الزائفة والترندات المفتعلة، فقد كانت تعتمد على الموهبة الحقيقية والعمل الجاد، ما جعلها محل تقدير من الأجيال المتعاقبة من الفنانين والجمهور على حد سواء.
لم تدخل في صراعات إعلامية أو سعي للظهور، بل جعلت من عطائها الفني هو المتحدث الرسمي باسمها، ولذلك حافظت على مكانتها رفيعة ومحبوبة حتى لحظة رحيلها.
تكريمات وجوائز.. وشهادة من الدولة
حصلت سميحة أيوب على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى، كما كُرمت في عدد من المهرجانات المحلية والعربية والدولية.
وتم إطلاق اسمها على عدد من القاعات المسرحية والمهرجانات، تقديرًا لعطائها الاستثنائي.
وداع مؤثر.. وبقاء في الوجدان
فقدت مصر والعالم العربي برحيل سميحة أيوب صوتًا فنيًا راقيًا، وعقلًا مثقفًا، وضميرًا مسرحيًا نادرًا.
هي لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت مؤسسة قائمة بذاتها، وسيدة للمسرح بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومدرسة تعلم منها الجميع معنى الالتزام والإبداع.
رحلت عن عالمنا بجسدها، لكن روحها ستظل حاضرة في كل عمل مسرحي جاد، وفي كل حوار راقٍ، وفي كل ممثل يحلم أن يخطو على دربها.
ستظل أعمالها تُدرّس وتُستلهم، وسيرتها ملهمة لكل فنان وفنانة، وللأجيال المقبلة التي تبحث عن القدوة الحقيقية.