السبت.. جنح أكتوبر تحسم مصير المتهمين في كارثة انفجار خط غاز الواحات

تتجه الأنظار يوم السبت المقبل إلى محكمة جنح أكتوبر، التي ستشهد جلسة النطق بالحكم في واحدة من القضايا التي هزت الرأي العام، والمتعلقة بانفجار خط الغاز بطريق الواحات، والذي أودى بحياة 8 مواطنين، وأسفر عن إصابة 16 آخرين، إلى جانب احتراق 11 مركبة وتدمير جزء من الطريق.
اتهامات بالإهمال الجسيم
وتعود الواقعة إلى أواخر العام الماضي، حين تلقّت النيابة العامة بلاغًا عاجلًا بانفجار خط غاز ضخم في منطقة طريق الواحات بأكتوبر، وهرعت على الفور فرق الإنقاذ والحماية المدنية، لتجد مشهدًا مأساويًا، تخلله تصاعد ألسنة اللهب، وتطاير المركبات، وسقوط ضحايا مدنيين.
وعلى إثر ذلك، باشرت النيابة العامة التحقيقات، وأحالت المتهمين إلى محكمة الجنح المختصة، بعد أن وجّهت إليهم تهمًا تتعلق بالتسبب، عن طريق الخطأ الناتج عن الإهمال، في وفاة ثمانية أشخاص، وإصابة آخرين، ومخالفة قانون تنظيم أعمال الغاز الطبيعي.
تحقيقات موسعة ولجان فنية
فور وقوع الحادث، شكّلت النيابة فريق تحقيق انتقل إلى موقع الحادث لإجراء المعاينة الفنية وحصر التلفيات، وجرى زيارة ثماني مستشفيات بالقاهرة والجيزة لسماع شهادات المصابين والاطمئنان على حالاتهم، وتم توثيق روايات الشهود بشكل دقيق.
كما كلّفت النيابة العامة لجانًا فنية من جهات مختلفة، من بينها هيئة الطرق والكباري، والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي، ومصلحة الأدلة الجنائية، للوقوف على حقيقة ما حدث، ومراجعة الإجراءات الفنية والهندسية التي سبقت الانفجار.
مخالفات صادمة في التنفيذ
وأسفرت التحقيقات عن مفاجآت خطيرة، إذ تبين وجود إهمال جسيم من قِبل القائمين على تنفيذ أعمال التطوير بطريق الواحات.
وأكدت التقارير أن الأعمال تم تنفيذها دون الحصول على التصاريح القانونية اللازمة، وجرى استخدام معدات حفر ثقيلة دون اتباع المعايير الفنية، أو إجراء الجسات اليدوية المفترضة قبل الحفر في مناطق مرور خطوط الغاز.
كما كشف تقرير النيابة عن غياب الإشراف الفني الكامل من مكتب الاستشارات الهندسية المسؤول، وعدم إخطار شركة الغاز بالبدء في الأعمال، مما حال دون اتخاذ أي احتياطات أمنية أو فنية لمنع وقوع الكارثة.
نفي وجود تسريب سابق
وفي إطار التحقيقات، تم فحص سجلات الضخ وخطوط الطوارئ الخاصة بالشركة المصرية القابضة للغاز، والتي أثبتت بشكل قاطع عدم وجود أي تسريب سابق على يوم الحادث، وهو ما دعم وجهة نظر النيابة بأن الانفجار لم يكن عارضًا أو بفعل خلل في الشبكة، وإنما نتيجة مباشرة للإهمال في تنفيذ الأعمال بالموقع.
المتهمون أمام العدالة
وأمام هذه الأدلة، وُجّهت الاتهامات إلى عدد من العاملين والمشرفين في الشركة المنفذة للمشروع، بتهمة التسبب في الحادث من خلال الإهمال والتقصير في أداء الواجبات الفنية والمهنية.
وبحسب مصادر مطلعة، من المنتظر أن تُصدر محكمة جنح أكتوبر حكمها النهائي في القضية السبت المقبل، وسط اهتمام إعلامي وشعبي واسع، لا سيما أن القضية تُعد نموذجًا صارخًا لما قد ينتج عن عدم الالتزام بالإجراءات الفنية والسلامة في المشاريع القومية.
النيابة.. لا تساهل في جرائم الإهمال
من جانبها، أكدت النيابة العامة، في بيان رسمي، أنها ملتزمة بمحاسبة كل من يثبت تورطه في أي تقصير أو مخالفة تهدد سلامة المواطنين، مشددة على أن أرواح المصريين لا تُقدّر بثمن، وأن التهاون في تطبيق معايير الأمان لن يُقابل إلا بالحسم القانوني.
كما دعت النيابة الجهات المعنية بضرورة إعادة النظر في آليات الإشراف على مشروعات البنية التحتية، لا سيما تلك التي تمر في محيط شبكات المرافق الحيوية كخطوط الغاز والكهرباء والمياه.
كارثة قابلة للتكرار؟
تثير هذه الواقعة تساؤلات واسعة حول مستوى الرقابة والتنفيذ في مشروعات الطرق والبنية التحتية، ومدى التزام الشركات العاملة فيها بالاشتراطات الفنية والقانونية، وهو ما دفع عددًا من نواب البرلمان للمطالبة بعقد جلسة استماع عاجلة بعد صدور الحكم، لمراجعة سياسات السلامة المهنية في المشاريع القومية الكبرى.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستُسهم هذه المحاكمة في وقف نزيف الإهمال؟ وهل يكون الحكم الصادر عنها رادعًا كافيًا لتفادي كوارث مشابهة مستقبلًا؟