تحذير بريطاني جديد من مخاطر البوتوكس بعد ظهور أعراض تسمم

شهدت المملكة المتحدة « حادثة البوتوكس» خلال الأيام القليلة الماضية وقد أثارت حالة من «القلق الطبي» عقب تحذير رسمي صدر عن السلطات الصحية البريطانية بخصوص مخاطر محتملة مرتبطة باستخدام «البوتوكس» فى إجراءات التجميل المنتشرة بين شرائح واسعة من النساء والرجال على حد سواء، وقد جاء هذا التحذير عقب رصد حالات تسمم نادرة ولكنها «خطيرة» تم الإبلاغ عنها في عدد من العيادات الخاصة والمراكز التجميلية، وهو ما دفع الجهات المعنية إلى فتح تحقيق عاجل ودعوة المواطنين إلى توخي الحذر عند اللجوء إلى مثل هذه العلاجات.

أعراض تسمم مقلقة تربك القطاع التجميلي

بدأت القصة عندما استقبلت المستشفيات البريطانية عدداً من الحالات التي تعاني من أعراض غير معتادة عقب إجراء جلسات حقن «البوتوكس»، وقد تمثلت هذه الأعراض في «تعب شديد» و«صعوبة في التنفس» و«تشوش في الرؤية» مع ضعف واضح في العضلات، وهو ما دفع الأطباء إلى إجراء تحاليل دقيقة كشفت وجود مؤشرات لتسمم «البوتولينوم» وهو العنصر الفعال في مادة «البوتوكس» التي تستخدم عادة لإرخاء عضلات الوجه وتقليل التجاعيد.

الهيئة البريطانية لسلامة الأدوية أصدرت بياناً عاجلاً شددت فيه على ضرورة التحقق من مصدر المنتجات المستخدمة في الحقن، كما حذرت من الحصول على «البوتوكس» من جهات غير مرخصة أو من خلال ممارسين غير مدربين بشكل كافٍ، وقد أكدت الهيئة أن أغلب الحالات المسجلة خضعت لعمليات الحقن في أماكن لا تخضع للرقابة الصحية الكاملة.

منشآت تجميلية قيد التحقيق

تزامنًا مع هذا التحذير تم فتح تحقيقات موسعة في عدد من العيادات التجميلية المنتشرة في مختلف المدن البريطانية، ووفقاً لمصادر إعلامية محلية فإن بعض هذه المنشآت كانت تستخدم مواد «البوتوكس» التي لم تحصل على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، ما يعني أن هذه المواد قد تحتوي على تركيزات غير آمنة من مادة «البوتولينوم»، أو ربما تكون مخزنة بشكل غير سليم مما يؤدي إلى تلفها وتحولها إلى مادة سامة.

المحققون البريطانيون يسابقون الزمن لتحديد سلسلة الإمداد التي أدخلت هذه المنتجات إلى البلاد، كما دعوا جميع من خضع لحقن «البوتوكس» خلال الأسابيع الأخيرة إلى مراجعة الأطباء فورًا في حال ظهور أي أعراض غير معتادة.

أهمية التوعية والاختيار الصحيح

في ظل تصاعد هذه الأحداث شدد أطباء التجميل وخبراء الصحة العامة على ضرورة رفع الوعي بين المواطنين حول مخاطر الحصول على علاجات تجميلية من مصادر غير موثوقة، وقد أكدوا أن «البوتوكس» بالرغم من كونه من العلاجات التجميلية الشائعة والآمنة في كثير من الحالات، إلا أن سوء استخدامه أو اللجوء إلى مراكز غير مرخصة يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية «خطيرة» قد تهدد الحياة في بعض الأحيان.

وأشار الخبراء إلى أهمية التأكد من أن الطبيب المعالج حاصل على رخصة مزاولة المهنة المعترف بها في المملكة المتحدة، وأن المنتج المستخدم في الحقن يحمل علامة الجودة الأوروبية وخاضع لاختبارات السلامة الدوائية.

دور البوتوكس في التجميل ومتى يتحول إلى خطر

يستخدم «البوتوكس» منذ عقود كأداة فعالة في علاج التجاعيد وتجميل ملامح الوجه، وقد أصبح رمزاً من رموز عالم الجمال الحديث، ولكن هذا العلاج الذي يعتمد على مادة سامة بشكل أساسي يتطلب احترافية عالية في التعامل معه، حيث إن حقنه بطريقة خاطئة أو في مناطق غير مناسبة قد يؤدي إلى شلل عضلي مؤقت أو دائم، فضلًا عن مشاكل التنفس واضطرابات الجهاز العصبي.

ويعتبر «البوتوكس» آمناً عندما يتم استخدامه ضمن الجرعات المعتمدة وتحت إشراف طبي مدرب، إلا أن الانتشار السريع للمراكز التجارية التي تقدم هذه الخدمة بأسعار منخفضة دون ضمانات كافية جعل من «البوتوكس» مادة محفوفة بالمخاطر في بعض الحالات.

موقف رسمي وتحركات عاجلة

أكدت وزارة الصحة البريطانية أنها تتابع عن كثب تطورات هذه الحوادث المرتبطة بـ«البوتوكس»، وقد طلبت من جميع المستشفيات والمراكز التجميلية رفع تقارير عاجلة عن الحالات المشابهة، كما نصحت المواطنين بعدم المجازفة باللجوء إلى العلاجات التجميلية دون التأكد من اعتماد المنشأة والمنتجات المستخدمة.

وشددت الوزارة على أن «سلامة المرضى» تأتي في المقام الأول، وأنها لن تتهاون مع أي جهة ثبت تورطها في استخدام «البوتوكس» المغشوش أو غير المرخص، كما طالبت بفرض عقوبات صارمة على المراكز التي تتلاعب بصحة المواطنين تحت شعار الجمال.

رسالة تحذيرية من خبراء الجلدية

من جهتهم أطلق أطباء الجلدية في بريطانيا رسالة تحذيرية عاجلة دعوا فيها الجميع إلى عدم الانسياق وراء الإعلانات المضللة التي تروج لنتائج «البوتوكس» السريعة والفعالة دون ذكر المخاطر المحتملة، كما شددوا على أن الجمال لا يجب أن يكون على حساب الصحة، وأن الإجراءات التجميلية ينبغي أن تكون مدروسة ومبنية على استشارة طبية حقيقية.

المستقبل القريب ومصير البوتوكس في بريطانيا

من المتوقع أن تشهد المملكة المتحدة خلال الأشهر القادمة تشديدًا كبيرًا في الرقابة على استخدام «البوتوكس» داخل العيادات والمراكز التجميلية، كما يتوقع أن يتم تعديل قوانين الترخيص والموافقة الدوائية لضمان حماية المستخدمين بشكل أفضل، وقد يبدأ العمل على إصدار بطاقات رقمية توثق مصدر المادة واسم الطبيب المعالج وتاريخ الاستخدام، مما يساهم في تقليل فرص التزوير والممارسات غير الآمنة.

ما حدث مؤخرًا يعد بمثابة جرس إنذار حقيقي يسلط الضوء على أهمية اختيار المركز الطبي بعناية والتأكد من جودة المواد المستخدمة، فمهما بلغت الرغبة في تحسين المظهر الخارجي فإن الحفاظ على «الصحة العامة» يجب أن يكون الأولوية القصوى دائمًا.