اللحن الصادق والبساطة الثورية.. الشيخ إمام كما لم يكتب عنه من قبل

تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل إمام عيسى، المعروف باسم الشيخ إمام، أحد أبرز رموز الغناء السياسي والشعبي في تاريخ مصر والعالم العربي، والذي ارتبط اسمه باسم الشاعر العامي أحمد فؤاد نجم، ليشكلا معا ثنائيا فنيا عبقريا، صاغ وجدان جيل بأكمله عبر أغان لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية حتى اليوم.
ثنائي الكلمة واللحن.. بين إمام ونجم
لم يكن الشيخ إمام مجرد ملحن ومغنٍ، بل كان صدىً صادقًا لصوت الناس الغلابة، ومرآةً لآمالهم وآلامهم.
انطلقت تجربته مع الشاعر أحمد فؤاد نجم في ستينيات القرن الماضي، وأثمرت عشرات الأغاني التي توزعت بين النقد السياسي الساخر والهجاء الجريء والرثاء الصادق، مثل: «جيفارا مات»، «عيش يا حمار»، «اتجمعوا العشاق»، «نزلوا على سجن طره»، وغيرها من الأغاني التي عبرت عن هموم المجتمع المصري والعربي.
«اللحن الشعبي الأصيل».. هكذا وصفه النقاد
في كتابه «قضايا معاصرة»، كتب الدكتور حسن حنفي عن الشيخ إمام قائلاً: «ألحان الشيخ إمام ليست عادية تقليدية، بل هي ألحان شعبية أصيلة، إذ تكون الأصالة بقدر ما يرتبط اللحن بالأرض وبالتراث.. بساطة الملحن وصدقه تجعلان ألحانه تنفذ إلى القلب دون استئذان».
وأضاف حنفي: «يكفي أن يسمع الإنسان أول اللحن حتى يردد الباقي من تلقاء نفسه، تبعًا لروحه المصرية، الشيخ إمام يعيش اللحن، ويعيد أداءه كل مرة وكأنه يغنيه لأول مرة، لهذا فإن أغانيه لا تموت».
الموسيقى بالفطرة.. لا حاجة للأكاديميات
ورغم أن الشيخ إمام لم يتلق تعليما أكاديميا في الموسيقى، فإن حسه الفطري وقدرته على تحويل الكلمات إلى ألحان خالدة جعلت منه رمزًا لمدرسة موسيقية قائمة بذاتها.
يقول حنفي: «لا يضير إمام أنه لم يدرس الموسيقى في معهد، فماذا فعل بعض دارسي الموسيقى الكلاسيكية؟ بقيت أعمالهم في نطاق التجريب، بينما صدحت أغاني الشيخ إمام في شوارع القاهرة وميادينها، ورددها طلاب الجامعات والعمال والمثقفون».
توزيع موسيقي عالمي؟ الشيخ إمام لم يمانع
وعن إمكانية تحويل ألحان الشيخ إمام إلى قوالب موسيقية عالمية بتوزيع أوركسترالي، يكشف حنفي أنه ناقش إمام في ذلك، مشيرا إلى أن الأخير لم يكن يعارض مثل هذه المحاولات، بل قام بتوزيع أغنية «جيفارا مات» خلال أحد حفلات نقابة الصحفيين، رغم تواضع الإمكانيات الموسيقية المصاحبة.
ورأى حسن حنفي أن بقاء الألحان على حالتها الخام، وعلى أصالتها الشعبية، هو ما يمنحها القوة والتأثير.
وقال: «ما يهم أن يرددها الشعب، وأن تلهب الوجدان. هذا هو جوهر الفن الحقيقي».
لا تقليد ولا استنساخ.. بل صوت فريد
من أبرز ما ميز تجربة الشيخ إمام الفنية، بحسب النقاد، أنه لم يقلد أحدًا، ولم ينقل عن معاصريه، بل ابتكر لنفسه أسلوبا خاصا به في التلحين والغناء والأداء، يجمع بين الحزن والسخرية، وبين الصوفية والانتماء الشعبي، ولهذا ظل صوته مختلفًا عن كل ما سواه.
فمن «يا مصر قومي وشدي الحيل» إلى «إحنا مين وهم مين»، إلى «الماريونيت» و«بقرة حاحا»، كان الشيخ إمام يغني ما لا يستطيع الآخرون حتى مجرد قوله، وكانت أغنياته أشبه ببيانات سياسية غير قابلة للرقابة.
تأثير يتجاوز الزمان والمكان
لم يكن الشيخ إمام مجرد فنان، بل كان ظاهرة، وربما نبوءة فنية سبقت زمانها، عرفت أغانيه في شوارع القاهرة وميادين بيروت ودمشق وتونس، وغنت الشعوب صوته في أزمنة النضال والانكسار، وظلت أعماله تحيا في الاحتجاجات والثورات، رغم مرور عقود على رحيله.
كما ساهم في تشكيل وعي جيل كامل من المثقفين والطلبة والفنانين الذين رأوا فيه صورة الفنان الحقيقي: الصادق، المتمرد، الشعبي، البسيط، والعميق في آنٍ واحد.
في الختام.. صوت لا يُنسى
في ذكرى ميلاده، لا يُمكن الحديث عن الشيخ إمام كأنه مجرد ملحن أو مغنٍ، بل يجب استحضاره كجزء من الضمير الثقافي والسياسي لهذا الوطن، كان لسان حال شعبه، وصوتًا لحريته، ومرآةً لوجعه.
ورغم مرور السنوات، لا تزال ألحانه تتردد، ولا تزال أغانيه تعبر عن وجع اليوم كما عبرت عن وجع الأمس، وكأنها لا تنتمي إلى زمن محدد، بل إلى كل زمان يشهد ظلما، ويحتاج إلى صوت يصرخ: «اتجمعوا العشاق في سجن القلعة».
- إمام
- كتب
- مرور
- العالم
- الجامعات
- تمر
- السن
- القوة
- مدرس
- صورة
- قلب
- آلام
- المجتمع
- العرب
- الذاكرة
- الحزن
- احتجاجات
- قضايا
- دية
- المصري
- الملح
- نقل
- أرض
- النضال
- حفل
- القلب
- كتاب
- موز
- الانتماء
- الفن
- الموسيقى
- ملح
- مصر
- تونس
- الغناء
- النقاد
- مدرسة
- إبر
- مال
- التراث
- العالم العربي
- المجتمع المصري
- الاغاني
- القاهرة
- طره
- دمشق
- تاريخ مصر
- آبل
- الزمان
- جماعية
- تعليم
- طلاب الجامعات
- الأمة
- طلاب
- خالد
- عمال
- روح
- صادق
- الشعب
- أحمد فؤاد
- الحق
- ضار
- أحمد
- النقد
- الجامع
- تاج
- كان
- الفطر
- عيد
- مرأة
- ذكرى
- ربه
- الوطن
- الملحن
- فنان
- شيخ
- سياسي
- أغا
- المكان
- حفلات
- جامعات
- العربي
- ألم
- الأغا
- القارئ نيوز