الثلاثاء 02 سبتمبر 2025 الموافق 10 ربيع الأول 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

ما بعد الهيمنة الأمريكية .. عودة ترامب تسرع ولادة نظام عالمي جديد

القارئ نيوز

في لحظة تاريخية فارقة، يعود دونالد ترامب إلى المشهد السياسي العالمي، حاملاً معه ليس فقط شعار «أمريكا أولاً»، بل أيضًا عقلية انتقامية تهدف إلى تفكيك كل ما بناه أسلافه.

 هذا العائد من البوابة الخلفية، بعد هزيمة انتخابية مريرة، لا يستهدف خصومه السياسيين في الداخل فحسب، بل يوجه سهامه نحو النظام العالمي برمته، الذي لطالما تغنى الغرب بأنه حصن الديمقراطية وحقوق الإنسان. 

فبينما تتهاوى القوانين الدولية في غزة تحت وطأة الإبادة والتجويع، يتبين أن واشنطن لم تكن حارسة للقيم، بل مهندسة للفوضى، وأن العالم بات بحاجة ماسة لنظام جديد ينهي هذا العبث.


تفكيك النظام القديم.. سياسة لا تعترف بالتحالفات

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بنت الولايات المتحدة نظاماً عالمياً متكاملاً يعتمد على مؤسسات كالبنك الدولي، وصندوق النقد، والأمم المتحدة، وحلف الناتو، لضمان هيمنتها. 

لكن في عهد ترامب، تغيرت القواعد، فسياساته لم تعد تعترف بالتحالفات التقليدية، بل تركز على المصلحة الذاتية البحتة، متجاهلاً إرث أمريكا كـ«دولة محررة». 

هذا النهج أثار قلق المحللين الذين يرون أن واشنطن لم تعد تمتلك الوسائل للوفاء بوعودها، مما قد يؤدي إلى انهيار النظام العالمي الذي قادته لعقود.

 القواعد الأمريكية المنتشرة في العالم العربي ليست لحمايته، بل لتدمير أمنه وسرقة مقدراته.


غزة.. الدليل على زيف الشعارات الغربية

لم تعد حقوق الإنسان وحرية التعبير مجرد شعارات، بل أصبحت أكذوبة كبيرة، حيث تكشف حرب غزة الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية. 

فبينما تدعي واشنطن أنها وسيط سلام، يؤكد الواقع أن أمريكا هي من تدير الحرب وتخطط لإبادة وتجويع غزة. 

هذا الدعم اللامشروط للاحتلال الصهيوني، وتدمير القانون الدولي، يثبت أن المصالح الاستراتيجية تأتي قبل كل شيء. 

العالم يطرح سؤالاً محورياً: هل تدمر أمريكا هيمنتها من أجل إسرائيل؟ الإجابة لا، لأن أمريكا هي من تدير هذه الحرب من الأساس، ولا تعنيها استقرار المنطقة بل جلبت لها الخراب والدمار.

ترامب يكشف الانزياح الاستراتيجي: انهيار الهيمنة الإسرائيلية على واشنطن وأزمة الشرعية الدولية

وفي تأكيد صادم على الانزياح الاستراتيجي، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - في تصريحات نادرة - حقيقة التحول في موقف واشنطن، معترفاً أن إسرائيل «تفقد السيطرة على الكونغرس» بسبب حرب غزة، بعد أن كانت «أقوى جماعة ضغط» تسيطر على القرار الأمريكي.

 هذا الاعتراف ليس مجرد تطور سياسي، بل هو إدانة ضمنية للنظام العالمي القائم الذي جعل منظمة الأمم المتحدة رهينة لهذه العلاقة غير المتوازنة.

 وهو ما يفرض مسؤولية تاريخية على قادة العالم وصناع الرأي للإسراع في تحويل الأمم المتحدة إلى منصة حقيقية للعدالة، وإنهاء الصمت الدولي إزاء مجاعة وغزو يستهدف الأطفال والرضع منذ 23 شهراً. 

السؤال الذي يفرض نفسه: إذا كان ترامب نفسه يعترف بالانزياح، فلماذا لا تزال الآلة الدبلوماسية العالمية عاجزة عن وقف هذه الفظائع؟.

العزلة الأمريكية وتآكل النفوذ

يرى بعض الخبراء أن سياسة ترامب الانعزالية ليست جديدة، بل هي جزء من تيار قومي أمريكي قديم يعود إلى مؤسسي البلاد. 

لكن تحت شعار «أمريكا أولاً»، أصبحت هذه السياسة أكثر وضوحاً وقسوة. لقد انسحب ترامب من منظمات دولية، وطالب بتغييرات جذرية في التحالفات، مما أضعف صورة الولايات المتحدة في آسيا والشرق الأوسط.

 ومع ذلك، يؤكد المحللون أن هذا النهج يخدم المصالح الوطنية الأمريكية في نهاية المطاف، من خلال الضغط على الحلفاء لزيادة إنفاقهم الدفاعي وتخفيف الأعباء عن واشنطن، مما يفتح لها المجال لمواجهة قوى صاعدة مثل الصين.

ما البديل؟ معضلة العالم بين أمريكا غير الملتزمة وصعود تحالفات شرقية ناشئة

وراء هذا الانهيار المتعمد، تبرز معضلة وجودية: ما البديل العملي للنظام الأمريكي؟ فمن ناحية، تظهر تحالفات شرقية بقيادة الصين وروسيا عبر منظمات مثل «بريكس» و«شنغهاي للتعاون» كقوة مضادة ترفع شعارات التعددية القطبية والعدالة.

 لكنها تحمل تناقضاتها الداخلية واختلافاتها الجيوسياسية. ومن ناحية أخرى، يفتقر العالم إلى نموذج حوكمة دولية متماسك يمكنه ملء الفراغ الذي قد تتركه واشنطن. 

السؤال المصيري: هل يمكن لهذه التحالفات الناشئة تقديم نظام بديل قائم على التعاون الحقيقي أم أنها ستستبدل هيمنة بأخرى؟.


ختامًا: في خضم هذا الانهيار المتعمد، يجب على العالم أن يدرك أن لحظة التغيير قد حانت. لقد أثبت ترامب بعودته الانتقامية أن النظام الذي بناه الغرب لم يكن مثالياً أبداً، بل كان أداة للهيمنة والسيطرة.

 فالدمار الذي حل بالشرق الأوسط، من العراق إلى غزة، هو نتيجة مباشرة لسياسات واشنطن. 

لقد بات السؤال اليوم ليس عما إذا كان النظام العالمي ينهار، بل متى ستبدأ القوى الجديدة، مثل الصين وروسيا، في صياغة نظام بديل.

 إن البديل الوحيد للهيمنة الأمريكية هو عالم متعدد الأقطاب، نظام يلغى فيه "فيتو" القتل والدمار، ويحقق العدالة لجميع شعوب العالم.

تم نسخ الرابط