دراسة تكشف تأثير «الوجبات السريعة» على نوم الأطفال

الوجبات السريعة أصبحت اليوم محور نقاش واسع بين الأطباء وخبراء التغذية بعد أن كشفت دراسة حديثة عن تأثيرها العميق على نوم الأطفال، حيث أثبتت نتائج البحث أن الإفراط في تناول «الوجبات السريعة» يؤدي إلى اضطرابات في النوم وصعوبة في الخلود إلى الراحة العميقة، وهو ما ينعكس سلبًا على النمو الجسدي والعقلي للأطفال، ويؤثر على تركيزهم وأدائهم الدراسي، وتوضح الدراسة أن الأطفال الذين يتناولون «الوجبات السريعة» بشكل منتظم ينامون عدد ساعات أقل من غيرهم ممن يعتمدون على وجبات منزلية متوازنة، وهو ما يشير إلى وجود علاقة وثيقة بين النظام الغذائي وجودة النوم.
تأثير «الوجبات السريعة» على جودة النوم
تشير نتائج الدراسة إلى أن مكونات «الوجبات السريعة» مثل الدهون المشبعة والسكريات والمواد الحافظة ترفع من معدلات الطاقة في الجسم في أوقات غير مناسبة، خاصة قبل النوم، مما يجعل الأطفال في حالة نشاط مفرط ويمنع أجسامهم من الدخول في مرحلة الاسترخاء الضرورية للنوم العميق، كما أن هذه الأطعمة تفتقر إلى العناصر الحيوية مثل الألياف والمغنيسيوم والحديد التي تساعد على تنظيم إفراز هرمون «الميلاتونين» المسؤول عن تنظيم دورة النوم، وقد رصد الباحثون أن الأطفال الذين يستهلكون «الوجبات السريعة» أكثر من ثلاث مرات أسبوعياً يواجهون اضطرابات نوم مزمنة.
علاقة التغذية العصبية باضطرابات النوم
وأوضحت الدراسة أن تناول «الوجبات السريعة» لا يؤثر فقط على الجهاز الهضمي، بل يمتد تأثيره إلى الدماغ والجهاز العصبي، فالمواد المنكهة والملونة الصناعية تثير مراكز النشاط في المخ وتجعل الطفل أكثر يقظة وتوتراً حتى في ساعات الليل، كما يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد تناول هذه الأطعمة إلى تقليل إفراز الهرمونات المسؤولة عن الاسترخاء، وهو ما يفسر حالات «الأرق» و«النوم المتقطع» التي يعاني منها كثير من الأطفال.
تحذيرات طبية من الإفراط في «الوجبات السريعة»
أصدر الأطباء وخبراء التغذية تحذيرات واضحة بشأن الاعتماد المفرط على «الوجبات السريعة» كغذاء أساسي للأطفال، مشيرين إلى أن تأثيرها لا يقتصر على السمنة أو زيادة الوزن، بل يمتد إلى وظائف الدماغ والمزاج والنوم، فالأطفال الذين يعتمدون على تلك الأطعمة يكونون أكثر عرضة للاضطرابات السلوكية وقلة التركيز، كما أن النوم غير المنتظم الناتج عن تناول «الوجبات السريعة» يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي وتراجع الأداء اليومي، ولذلك نصح الخبراء بالحد من تناولها وجعلها استثناءً لا قاعدة.
أهمية العادات الغذائية الصحية في تحسين النوم
تؤكد الدراسة أن الالتزام بالعادات الغذائية السليمة هو الأساس في تنظيم نوم الأطفال، فالتقليل من «الوجبات السريعة» واستبدالها بوجبات متوازنة تحتوي على البروتينات والخضروات والفواكه يساهم في تحسين جودة النوم، كما أن تناول وجبات خفيفة في المساء مثل الحليب أو الزبادي يساعد على تهدئة الجهاز العصبي، مما يمهد لنوم هادئ، في حين أن تناول «الوجبات السريعة» في الليل يرفع معدلات السكر والطاقة في الجسم ويجعل النوم مهمة صعبة.
دور الأسرة في توجيه الأطفال
تلعب الأسرة دوراً محورياً في الحد من استهلاك «الوجبات السريعة»، فالطفل يقتدي بوالديه في العادات الغذائية، وإذا رأى الوالدين يفضلان الطعام المنزلي الصحي فسيتبع ذلك تلقائياً، كما أن إشراك الأطفال في إعداد الطعام داخل المنزل يعزز من ارتباطهم بالأطعمة الطبيعية ويقلل من رغبتهم في تناول الوجبات الجاهزة، كذلك ينبغي مراقبة مواعيد تناول الطعام لأن تناول «الوجبات السريعة» قبل النوم مباشرة يسبب اضطراباً كبيراً في دورة النوم.
التأثير الصحي طويل المدى لقلة النوم
قلة النوم الناتجة عن تناول «الوجبات السريعة» ليست مجرد مشكلة مؤقتة، بل تمتد آثارها لتشمل مناعة الطفل وصحته العامة، فالأطفال الذين لا ينامون بشكل كافٍ يعانون من ضعف الجهاز المناعي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري، كما أن النوم غير الكافي يؤثر على الهرمونات المنظمة للشهية فيتناول الطفل كميات أكبر من الطعام الجاهز، ما يؤدي إلى دورة غذائية غير صحية يصعب كسرها.
دعوة إلى بيئة غذائية أكثر صحة
تدعو الدراسة إلى ضرورة تعزيز التوعية بخطورة الإفراط في تناول «الوجبات السريعة» عبر حملات موجهة للأسر والمدارس، وتشديد الرقابة على الإعلانات التي تستهدف الأطفال وتشجعهم على استهلاك تلك الأطعمة، كما أوصت بضرورة إدراج حصص تثقيف غذائي ضمن المناهج الدراسية لتعريف الأطفال بأهمية التغذية السليمة وتأثيرها على النوم والنمو.
خلصت الدراسة إلى أن الحل ليس في المنع الكامل لـ«الوجبات السريعة» بل في الاعتدال والتوازن، بحيث يمكن السماح بتناولها بين الحين والآخر مع التأكيد على أن الأغذية المنزلية الغنية بالعناصر المفيدة هي الأساس، وشدد الباحثون على ضرورة أن يراقب الآباء علامات اضطراب النوم مثل التقلب المستمر أو صعوبة الاستيقاظ لأنها قد تكون مؤشراً لتأثير تلك الأطعمة على الجسم.