فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة وفضل الفجر

الجمعة يوم تتجلى فيه النفحات الربانية وتتنزل الرحمات الإلهية على عباده المؤمنين، وفي هذا اليوم الفضيل تكثر الأسئلة حول «فضل الصلاة على النبي» وما يرتبط بها من أجر وثواب عظيم، إذ إن يوم الجمعة يحمل بين ساعاته المباركة أسرارًا جليلة تجعل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بابًا من أبواب القرب إلى الله ووسيلة لنيل الشفاعة والمغفرة، وقد حث النبي الكريم على الإكثار منها في هذا اليوم المبارك لما فيها من فضل لا يعد ولا يُحصى، فهي «نور للقلب» و«راحة للنفس» و«طريق للفلاح في الدنيا والآخرة»، لذلك يحرص المسلمون كل جمعة على ترديد الصلاة والسلام على خير الأنام طمعًا في الأجر وابتغاء لرضوان الله.

فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة

تُعد الجمعة فرصة عظيمة لتجديد الصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم من خلال الصلاة عليه، فقد ورد في الحديث الشريف قوله ﷺ: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ»، وهذا الحديث يفتح أمام المؤمنين بابًا واسعًا من الرجاء والأمل، فالصلاة على النبي في الجمعة ليست مجرد كلمات تُقال باللسان، بل هي عبادة عظيمة تُغسل بها القلوب من الهموم وتُرفع بها الدرجات وتُمحى بها السيئات، وقد رُوي عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك، فالصلاة على النبي إذًا مفتاح لكل خير ومخرج من كل ضيق، ومن خصائصها يوم الجمعة أنها تجمع بين الذكر والبركة والاستجابة.

شفاعة النبي لمن أكثر الصلاة عليه

إن من أعظم ما يناله المسلم في يوم الجمعة هو وعد النبي صلى الله عليه وسلم بقربه وشفاعته لمن أكثر من الصلاة عليه، فقد قال ﷺ: «إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثرُكم عليّ صلاةً في الدنيا، من صلى عليّ مائة مرة في يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا»، وهذا الحديث يبين أن الجمعةليست يوماً عادياً، بل هي موسم للغفران وتفريج الكروب، وفيها من الأجر ما يجعل المؤمن حريصًا على أن يملأ ساعاته بالصلاة على النبي طلبًا لرضا الله وشفاعة حبيبه.

معنى الصلاة على النبي وفضلها العظيم

الصلاة على النبي ليست شفاعة من العبد لنبيه كما أوضح العلماء، بل هي نوع من «المكافأة» و«الامتنان» للنبي صلى الله عليه وسلم الذي بلّغ رسالة ربه وأدى الأمانة، وقد بيّن الإمام العز بن عبد السلام أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي «اعتراف بالعجز عن مكافأة من أحسن إلينا»، فالله سبحانه أمرنا بها بقوله: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، وهي في يوم الجمعة تزداد أجرًا ومكانة، لأنها تجتمع فيها طاعة الله وذكر رسوله في وقت اختصه الله بفضائل عظيمة.

أفضل صيغة للصلاة على النبي

أما عن أفضل صيغة تقال في الجمعة أو في أي وقت، فقد أجمع العلماء على أن «الصيغة الإبراهيمية» هي الأكمل، لما ورد عن الصحابة أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ فقال: «قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، وهذه الصيغة تجمع الكمال في المعنى وجمال اللفظ، ومع ذلك يجوز للمسلم أن يصلي على النبي بأي صيغة تحتوي على لفظ الصلاة والسلام عليه، لأن المقصود هو الذكر والتقرب إلى الله.

التحذير من ترك الصلاة على النبي

إن ترك الصلاة على النبي من علامات البخل والشح، فقد قال رسول الله ﷺ: «البخيل من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ»، ومن سمع اسم النبي ولم يردده بالصلاة عليه فقد حرم نفسه خيرًا كثيرًا، لذلك يُستحب أن يحرص المسلم في كل جمعة على أن يجعل لسانه رطبًا بذكر النبي الكريم، وأن يكثر من الصلاة عليه في خطبة الجمعة وبعدها وفي ساعات الفجر، لأنها لحظات تتنزل فيها الرحمة ويستجاب فيها الدعاء.

فوائد عظيمة للصلاة على النبي

إن فضل الصلاة على النبي يتضاعف في الجمعة وفي سائر الأيام، ومن هذه الفضائل أنها سبب في نيل عشر حسنات مقابل كل صلاة، ورفع عشر درجات، ومغفرة عشر سيئات، كما أنها تجلب السكينة والطمأنينة للقلب وتُعد سببًا لاستجابة الدعاء إذا افتُتح وخُتم بها، وهي كذلك سبب في حصول العبد على شفاعة الرسول يوم القيامة، وتكفيه ما أهمه من أمور الدنيا، وتجعله محبوبًا عند الله وعند خلقه، بل وتصلي عليه الملائكة وتدعو له بالمغفرة والرحمة.

الدعاء والصلاة على النبي في فجر الجمعة

يحرص كثير من المسلمين على أن يبدأوا فجر الجمعة بالصلاة على النبي، لما في ذلك من بركة وبشارة طيبة، فهذه الساعات من أحب الأوقات إلى الله، وقد أشار العلماء إلى أن الإكثار من الصلاة على النبي عند فجر الجمعة سبب لتفريج الهموم واستجلاب الرزق، كما أن من داوم عليها واعتادها نال بركة في يومه ونورًا في قلبه، فهي «سر من أسرار التوفيق» و«طريق للسعادة الدائمة».

الجمعة يومًا مباركًا جعله الله موسمًا للعبادة والدعاء والصلاة على النبي، فهي تفتح أبواب السماء وتقرّب العبد من مولاه، ومن اغتنمها بالإكثار من الصلاة على النبي نال الخير كله، وكتب في صحيفته من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، لذلك فلنحرص في كل جمعة على أن نملأ أوقاتنا بالصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ، فهي مفتاح الرحمة، ووسيلة المغفرة، وطريق السعادة في الدنيا والآخرة.