منها التوتر وبخاخ الأنف.. عوامل ترفع السكر في الدم دون أن تدري

السكر في الدم ليس مجرد رقم يظهر على شاشة جهاز القياس، بل هو مؤشر حيوي يعكس توازن الجسم وحالته الصحية العامة، وبينما يظن الكثيرون أن ارتفاع السكر مرتبط فقط بتناول الحلوى أو الكربوهيدرات الزائدة، تكشف الدراسات الحديثة أن هناك عوامل خفية وغير متوقعة قد تؤدي إلى اضطراب مستويات السكر دون أن ينتبه الإنسان لها، بل وقد يظل يعاني من أعراض خفيفة أو متقطعة دون الربط بينها وبين اضطراب السكر.
بخاخ الأنف.. دواء صغير وتأثير مفاجئ
من المدهش أن بعض بخاخات الأنف التي تُستخدم لعلاج احتقان الجيوب الأنفية أو نزلات البرد تحتوي على مواد دوائية تؤثر بشكل غير مباشر على مستوى السكر في الدم، فبعض أنواع البخاخات تحتوي على مركبات تُحدث تغيرات في الهرمونات أو تؤثر على الأوعية الدموية، مما قد يُسهم في رفع مستوى السكر بشكل مؤقت أو مزمن عند استخدامها بشكل مفرط أو دون استشارة طبية.
ويُحذر الأطباء من الاستخدام الطويل لبخاخات الأنف المحتوية على الكورتيزون، حيث أن الكورتيزون معروف بتأثيره في تقليل حساسية الجسم للأنسولين، وهو ما يؤدي إلى صعوبة السيطرة على مستويات السكر، خاصة لدى مرضى السكر أو من لديهم استعداد وراثي للإصابة به.
التوتر.. عدو صامت لمستوى السكر
يُعد التوتر العصبي من أبرز العوامل الخفية التي قد ترفع نسبة السكر في الدم، فعند تعرض الإنسان لموقف ضاغط يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين، وهذه الهرمونات تؤدي إلى رفع معدل السكر بشكل طبيعي لتوفير طاقة فورية للجسم، إلا أن استمرار هذا التوتر لفترات طويلة يُدخل الجسم في حالة من الخلل المزمن في إفراز السكر.
ولا يقتصر أثر التوتر على رفع السكر فقط، بل يمتد ليؤثر على عادات النوم والطعام والنشاط البدني، مما يجعل الشخص أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام أو الإهمال في الحركة، وهما عاملان يضاعفان من خطر الإصابة باضطرابات السكر على المدى الطويل.
النوم المتقطع.. شريك غير متوقع في اضطراب السكر
قلة النوم أو النوم المتقطع يؤثر على تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع وكذلك التمثيل الغذائي، وقد كشفت دراسات متعددة أن الأشخاص الذين ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا يكونون أكثر عرضة لارتفاع مستوى السكر، حيث يتسبب السهر المزمن في تقليل حساسية الجسم للأنسولين وبالتالي زيادة مقاومة الجسم له، مما يُترجم إلى ارتفاع مستويات السكر حتى دون تناول كميات كبيرة من الطعام.
الإفراط في تناول المنبهات
القهوة والشاي ومشروبات الطاقة قد تبدو مألوفة في روتين الحياة اليومية، لكنها قد تُسهم في اضطراب مستويات السكر عند تناولها بكميات كبيرة، ويرجع ذلك إلى محتواها من الكافيين الذي يُحفز إفراز الأدرينالين، وهو بدوره قد يؤدي إلى رفع السكر خاصة لدى من لديهم حساسية للكافيين أو تاريخ مرضي مرتبط بالسكر.
التهابات مزمنة غير ملحوظة
أحيانًا قد تكون التهابات بسيطة في الجسم كعدوى لثوية أو مشاكل في الأسنان أو التهابات بولية من الأسباب الخفية لارتفاع السكر، لأن الجسم عندما يُحارب العدوى يُطلق مجموعة من المواد التي تُحفز الكبد لإنتاج مزيد من الجلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في السكر، ويكون هذا التفاعل مقلقًا إذا لم تُكتشف العدوى مبكرًا أو استمرت لفترة دون علاج.
الأدوية التي لا تتوقعها
بعض الأدوية التي لا يربطها الناس عادة بمعدل السكر قد تكون ذات تأثير واضح عليه، مثل أدوية الحساسية وبعض أنواع مضادات الاكتئاب ومدرات البول، حيث قد تؤثر على استجابة الجسم للأنسولين أو تحفز إنتاج الجلوكوز، ولذلك يُنصح بمراجعة النشرة الدوائية والتحدث مع الطبيب عند استخدام أي دواء لفترة طويلة خصوصًا لمن يعانون من اضطرابات في معدل السكر.
ممارسة الرياضة بشكل خاطئ
الرياضة مفيدة بلا شك لمستويات السكر، ولكن ممارستها بشكل مفرط أو دون تناول وجبة مناسبة قبلها قد يؤدي إلى تأثير معاكس، فبعض التمارين الشاقة قد تؤدي إلى إطلاق هرمونات التوتر مثل الأدرينالين، مما يرفع السكر بشكل مفاجئ، كما أن تجاهل تناول وجبة خفيفة قبل الرياضة قد يسبب انخفاض السكر ثم يرتفع مرة أخرى كرد فعل من الجسم، وهذا التذبذب يرهق البنكرياس ويؤثر على التوازن العام للسكر في الدم.
طعام يبدو صحيا لكنه خادع
ليست كل الأطعمة التي تحمل صفة “صحية” مناسبة لمعدل السكر، فمثلًا العصائر الطبيعية أو الزبادي قليل الدسم قد يحتويان على نسب عالية من السكريات المضافة أو الفواكه عالية المؤشر الجلايسيمي، والتي ترفع السكر بسرعة بعد تناولها، لذا يجب الانتباه جيدًا إلى قراءة الملصقات الغذائية وفهم مكونات الطعام.
لا بد من إدراك أن السكر في الدم لا يتأثر فقط بالحلويات أو الخبز الأبيض كما يظن البعض، بل هناك شبكة معقدة من العوامل النفسية والدوائية والغذائية والبيئية التي قد ترفع مستويات السكر بشكل غير مباشر، ومن المهم أن يكون لدى كل شخص وعي بهذه العوامل الخفية، خاصة من لديهم تاريخ عائلي مع مرض السكر أو يعانون من أعراض مبهمة مثل التعب أو الصداع أو كثرة التبول.
ويبقى الفحص المنتظم للسكر ومتابعة أي تغيرات غير طبيعية في الجسم هو الوسيلة الأفضل للكشف المبكر والتعامل مع أي اضطرابات قبل أن تتفاقم، فالصحة لا تنتظر.