اجتماع ثلاثي بأنقرة بين «وزراء خارجية»تركيا وسوريا والأردن لبحث قضايا أمنية وإقليمية

أعلنت وزارة الخارجية التركية، مساء اليوم الأحد، عن عقد اجتماع ثلاثي هام بين وزراء خارجية تركيا وسوريا والأردن، وذلك يوم غد الإثنين في العاصمة التركية أنقرة، لمناقشة أبرز التطورات والقضايا الأمنية في المنطقة، في خطوة تعكس تصاعد الاهتمام الإقليمي بالتنسيق السياسي والأمني المشترك.
محور اللقاء.. دعم الاستقرار السوري ومواجهة التحديات الإقليمية
وأوضحت الوزارة في بيان رسمي أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان سيؤكد خلال اللقاء دعم أنقرة الكامل لـ«جهود الحكومة السورية الرامية لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد»، في إشارة إلى توجه تركي جديد نحو تقوية الاتصالات مع دمشق، بعد سنوات من التوتر السياسي والدبلوماسي بين البلدين.
وشدد البيان على أن الاجتماع سيشكل فرصة مهمة لبحث أبرز الملفات ذات الأولوية، وعلى رأسها مكافحة التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى تنسيق المواقف بشأن «العدوان الإسرائيلي المتواصل على دول المنطقة، بما في ذلك الأراضي السورية»، وفق تعبير البيان.
الموقف التركي.. ضرورة إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية
البيان التركي الصادر عن الخارجية لم يخفِ قلق أنقرة من استمرار ما وصفه بـ«الموقف العدواني لإسرائيل تجاه دول المنطقة»، مشيراً إلى أن الاجتماع سيتضمن «تأكيداً ثلاثياً على ضرورة وضع حد لهذه الممارسات»، خاصة في ضوء التصعيد الأخير في سوريا ولبنان وقطاع غزة.
وتُعد هذه اللغة من أقوى التصريحات التركية الرسمية التي تُوجه إلى إسرائيل في الشهور الأخيرة، حيث تتزامن مع تطورات ميدانية تشهدها الساحة السورية نتيجة قصف إسرائيلي متكرر استهدف مواقع متعددة داخل البلاد خلال الأسابيع الماضية.
ملفات الإرهاب وتنسيق المواقف الأمنية
من المتوقع أن يتناول الاجتماع الثلاثي أيضاً التحديات الأمنية المشتركة، وخاصة ملف الإرهاب، الذي تراه الدول الثلاث أحد أبرز العوامل المهددة لاستقرار المنطقة.
وأوضح البيان أن اللقاء سيؤكد «أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في المنطقة»، في إشارة واضحة إلى الموقف المشترك من جماعات كـ«داعش» و«قسد» و«جبهة النصرة» التي تنشط في بعض المناطق السورية.
ويبدو أن التنسيق الأمني بين أنقرة ودمشق يشهد تطوراً تدريجياً، مدفوعاً بمخاوف مشتركة تتعلق بامتداد نفوذ الجماعات المسلحة قرب الحدود السورية التركية، وهو ما قد يُمهّد لعودة تدريجية للعلاقات الثنائية الرسمية بين الجانبين، في حال توافرت الأرضية السياسية لذلك.
عودة دمشق إلى الطاولة الإقليمية
ويُعد الاجتماع المرتقب خطوة إضافية في إطار المساعي الإقليمية لدمج سوريا مجدداً في الأطر السياسية والدبلوماسية العربية والإقليمية، خاصة بعد مشاركتها في القمم العربية وفتح قنوات تواصل مع عدد من الدول التي كانت تُعارض النظام السوري خلال سنوات الحرب.
وقد لعب الأردن دوراً محورياً في الدفع بهذا الاتجاه، من خلال دعوته في السنوات الأخيرة إلى إيجاد مقاربة جديدة للحل في سوريا، تقوم على التدرج والتنسيق الأمني والاقتصادي، وهو ما ينسجم مع الخطوط العريضة لهذا اللقاء المنتظر.
رسائل سياسية في توقيت حساس
يأتي الاجتماع الثلاثي في توقيت دقيق، وسط تصاعد التوتر في أكثر من ساحة بالمنطقة، أبرزها سوريا ولبنان وفلسطين، ما يعكس الرغبة لدى الدول الثلاث في إيجاد أرضية مشتركة لمواجهة التحديات المتزايدة، سواء من جهة الإرهاب أو من جهة السياسات الإسرائيلية المتصاعدة.
ويرى مراقبون أن اللقاء قد يكون تمهيداً لسلسلة من اللقاءات الأوسع التي تضم دولاً أخرى، ضمن ما بات يُعرف إعلامياً بـ«مبادرة إعادة التوازن الإقليمي»، والتي تهدف إلى تقليص التدخلات الخارجية وتعزيز التنسيق بين دول الجوار لمواجهة التحديات المشتركة.
أنقرة تتحرك بثبات نحو ترتيب البيت الإقليمي
التحرك التركي في هذا السياق لا يُنظر إليه فقط كخطوة نحو دمشق، بل كجزء من رؤية أوسع للرئيس رجب طيب أردوغان لإعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية التركية بعد سنوات من التدخلات والانخراط في النزاعات.
فقد أبدت تركيا في الآونة الأخيرة مرونة متزايدة في ملفات عدة، مثل ملف العلاقات مع مصر والسعودية وسوريا، فضلاً عن التقارب مع العراق وإيران.